الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeالاخبار والاحداثفتوى جديدة أو تغيير "القانون العراقي".. ساهرة عادت وإيزيديات في الانتظار

فتوى جديدة أو تغيير “القانون العراقي”.. ساهرة عادت وإيزيديات في الانتظار

ساهرة عادت لعائلتها بعد سنوات من المعاناة في قبضة داعش.
ساهرة عادت لعائلتها بعد سنوات من المعاناة في قبضة داعش.

رغم مرور نحو 6 أعوام على ذكرى سقوط سنجار وسيطرة داعش على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وأكثر من عامين على إعلان القضاء على التنظيم، لايزال مصير آلاف المختطفات الإيزيديات مجهولا، بحسب ما يؤكد مسؤولون، وزعماء الأقلية الإيزيدية في العراق.

وفي شهر أغسطس من كل عام يستذكر الإيزيديون في العالم ضحايا اجتياح داعش لمعقل الطائفة الإيزيدية، سنجار غربي محافظة نينوى، وهي ذكرى أليمة تتداخل فيها الأحداث التي يطغى عليها السواد، فقد قتل التنظيم الرجال والشباب والشيوخ واختطف النساء والأطفال الذين تعرضوا لعمليات بيع وشراء واغتصاب.

الإيزيدية ساهرة بقت في أسر داعش ست سنوات وعادت قبل أسابيع قليلة إلى أحضان عائلتها في مخيم مام رشان للنازحين بمحافظة دهوك، بعد أن حررها البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة، من مخيم الهول السوري.

ساهرة وابنها الأصغر.

وتقول ساهرة لراديو “سوا” إن مسلحي تنظيم داعش، عمدوا، في بداية شهر أغسطس عام 2014، إلى اختطافها من قريتها “تل بنات”، وذلك مع ولديها وابنتها، أصغرهم كان عمره سبعة أشهر.

رحلة الأسر بين العراق وسوريا

في أسر داعش داخل العراق، ظلت ساهرة ثلاثة أشهر مع بنات طائفتها قبل أن يتم نقلهن إلى سوريا وتحديدا الرقة، حيث أخذ التنظيم ولدها الأكبر ليلتحق بما يعرف بـ”معسكر أشبال الخلافة”، فيما اضطرت أن تكلف نسرين، وهي زوجة شقيق زوجها التي كانت معها في الأسر، بابنتها، كي لا يتم بيعها لمقاتلي داعش، الذين كانوا يفضلون الفتيات الصغيرات على النساء المتزوجات، اللواتي لديهن أطفال.

نسرين، التي كانت تبلغ من العمر تسعة عشر عاما عندما أسرها التنظيم، قالت لراديو “سوا” إن ذلك لم يشفع لها، إذ تعرضت لشتى أنواع التعذيب والاغتصاب وبيعت ومعها الطفلة الصغيرة مرتين لمقاتلين تونسيين في الرقة، قبل أن تتمكن بعد عام واحد من الهرب والعودة إلى العراق مع ابنة ساهرة، لتعيش في مخيم النازحين بانتظار معرفة مصير زوجها والعشرات من أفراد عائلتها.

لكن رحلة ساهرة وولدها الصغير في الأسر لم تنتهِ، إذ بيعت لمقاتل سوري من تنظيم داعش في منطقة الميادين، هددها بالبيع إذا قاومت أو تمردت على أوامره وطلب منها اعتناق الإسلام والبقاء مع زوجته السورية على أن يسمح لها برؤية ولدها الأكبر ويمنحها حريتها كي لا تُباع لعناصر التنظيم. تقول ساهرة إن ولدها زارها مرتين فقط، ولساعات قليلة كان يتحاشى خلالها الحديث عن سنجار وأهله أو حياته داخل معسكر “أشبال الخلافة”.

الخوف وشبح القتل يطارد ساهرة في الباغوز ومخيم الهول

لم تحاول الهرب رغم ما كانت تعانيه بسبب فقدانها لأهلها وعائلتها وانقطاع أخبار ولدها الأكبر وابنتها التي ظلت مع نسرين. تقول ساهرة إنها أصبحت حرة ولم تعد تُباع وتشترى بعد أن تزوجت محمد علي، الداعشي السوري، الذي كان يخبرها أنها ستُقتل إذا عادت إلى أهلها في العراق، لذا قبلت بمصيرها وظلت مع عائلات داعش حتى بعد مقتله في معارك التنظيم ضد قوات النظام السوري في حمص.

في منطقة الباغوز، آخر معاقل تنظيم داعش، سلمت ساهرة نفسها لقوات سوريا الديموقراطية مع المئات من عائلات التنظيم ليتم نقلها الى مخيم الهول السوري، حيث بقيت في المخيم الذي ينقسم إلى قسم خاص بالسوريين وآخر بالعراقيين، وهناك قسم خاص بعائلات داعش الأجانب.

وفي حديثها لراديو “سوا”، أكدت الناجية الإيزيدية ساهرة أن هناك الكثير من الإيزيديات داخل مخيم الهول، لكن الخوف يمنعهن من الكشف عن هويتهن أو الهرب، وتشير إلى أن نساء داعش وابناءهن يمارسون العنف ضد أي شخص يدخل إلى المخيم أو يقترب منهم.

وكان تقرير لمعهد واشنطن وصف مخيم الهول في شمال سوريا بالقلب النابض للتنظيم، بعد أن أصبح خلال السنوات الماضية من المناطق التي انتشرت فيها الأفكار المتطرفة بشكل واسع سواء أكان على يد تنظيم داعش أو بعض الجماعات الأخرى المتطرفة بحسب التقرير.

وكانت وزارة الخارجية الألمانية حذرت، في بيان، من أن مخيم الهول تحول إلى مدرسة إرهاب خطيرة، وأن نساء التنظيم يحضرن الأطفال ليصبحوا الجيل القادم لداعش.

البحث عن الإيزيديات داخل الهول وخارجه

البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة السورية، وهو منظمة تعنى بإعادة المخطوفات الإيزيديات إلى عائلاتهن، شكل فرقا عديدة للبحث عن الإيزيديات داخل مخيم الهول السوري، وفي المناطق السورية الأخرى التي تقع تحت سيطرة الميليشيات المتشددة.

رئيس البيت الإيزيدي، فاروق توزو، قال لراديو “سوا” إن هناك المئات من النساء والأطفال الإيزيديين داخل مخيم الهول السوري، وكلما طال بقاءهم في المخيم وسط عائلات داعش يصعب إقناعهم بالهرب من المخيم والعودة لأحضان عائلاتهم، بعد أن تعرضوا لما وصفها بعمليات غسل الأدمغة، وخاصة الصغار في السن الذين نشأوا على أفكار التنظيم وممارساته.

.

وأكد توزو أن البيت الإيزيدي في سوريا تمكن حتى اليوم من تحرير 378 أمرأه وطفل إيزيدي من قبضة تنظيم داعش، بينهم ساهرة، التي عادت مؤخرا لعائلتها، مع العلم بأنها كانت تخشى العودة خوفا من أن تُقتل، إلا أنها وافقت بعد أن تم إقناعها بأن زوجها لايزال يحبها ويرفض الزواج بأخرى، رغم أنه كان يجهل مصيرها.

رفض المجتمع الإيزيدي لأطفال داعش

ويشير توزو الى أن أبرز تحدي يواجه البيت الإيزيدي اليوم هو مسألة تحرير الإيزيديات اللواتي يرفضن العودة بسبب أطفالهن من مقاتلي داعش، إذ لايزال المجتمع الإيزيدي يرفض استقبال هؤلاء الأطفال، فعليهن الاختيار بين البقاء مع اطفالهن أو العودة لأحضان العائلة، والتخلي عن فلذات أكبادهن، منهن من قبل بهذا الخيار لكن الأمر يزداد صعوبة كلما كبر الأطفال.

توزو كشف لراديو “سوا” عن قيام البيت الإيزيدي بتحرير إيزيدية أم لطفلين من أب داعشي، لكنها ترفض العودة لسنجار دون طفليها، وأوضح أنها تفضل البقاء معهما، وهناك محاولات لإقناع المنظمات الدولية بنقلها الى دولة أوروبية.

الباحث الايزيدي داود مراد ختاري أوضح لراديو “سوا” أن ملف أطفال داعش من أمهات إيزيديات ملف خطير، وعائق كبير أمام عودة الكثير من الإيزيديات، لافتا إلى أن القانون العراقي يسجل الطفل المولود لأب مسلم أو أب مجهول، باعتباره مسلماً، وهذا التسجيل يغير تلقائياً دين الأم الإيزيدية إلى الإسلام وهذا ما يرفضه المجتمع الإيزيدي.

أمل بفتوى جديدة من المجلس الروحاني الإيزيدي

ومن وجهة نظر ختاري، الحل يكمن في تغيير القانون العراقي أو رحيل الإيزيديات مع أطفالهن إلى البلدان الأوروبية والغربية، التي تمنح المرأة حق تسجيل أطفالها على اسمها وديانتها.

رئيس البيت الإيزيدي، فاروق توزو، لم ينفِ تسليم أطفال مقاتلي داعش من الأمهات الإيزيديات إلى دور الأيتام في سوريا دون إعطاء تفاصيل عن عدد هؤلاء.

لكنه يأمل أن يُصدر المجلس الروحاني الإيزيدي فتوى أخرى تسمح للمجتمع الإيزيدي باستقبال هؤلاء الأطفال، كما أصدر في السابق فتوى دعا فيها إلى استقبال الناجيات الإيزيديات واحتضانهن، وهي الفتوى التي مكنت الإيزيدية ساهرة من العودة إلى العراق لتلتقي من جديد بزوجها ماهر وولدها الأكبر، الذي تحرر بعد أن دفع والده لداعش 25 ألف دولار، وابنتها التي تحررت مع نسرين، ويعيشون معا في مخيم للنازحين بمحافظة دهوك.

اليوم ورغم الكوابيس التي تطاردها، تتمنى ساهرة العيش بأمان واستقرار وتحلم بمستقبل أفضل في بلد أوروبي كي لا يتكرر ما عاشته.

سميرة علي مندي – واشنطن

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular