مباشرة وبعد عودته من واشنطن، بدأ رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، التبشير “بمشروع جديد” في المنطقة، حاملا الخطط بكف يده اليسرى وبسبابته اليمنى يأمر بتنفيذها، ولعل أهم ما في المخطط هو إيصال “رسالة” للرئيس السوري بشار الأسد بضرورة “إخراج الجماعات العراقية المسلحة” من بلاده وإنهاء وجودها، ومطالبتها بضبط حدودها منعًا لتسلل المسلحين وعناصر داعش.
قبل يومين (26 اب اغسطس الحالي)، وصل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض الى دمشق، حاملا رسالة من الكاظمي، وذلك عقب عودة الاخير من القمة الثلاثية في عمان، التي جمعته مع العاهل الاردني عبد الله بن الحسين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث كانت هذه القمة الخطوة الأولى لتحقيق المخطط الجديد.
رسالة الكاظمي التي حملها الفياض، تضمنت، بحسب مصادر مطلعة “إخراج الجماعات العراقية الشيعية المسلحة من سوريا، مقابل تخفيف (قانون قيصر) المفروض على سوريا”.
ويأتي هذا التحرك، بناء على مخطط وضعه الرئيس الامريكي دونالد ترامب، يسعى من خلاله بحسب المصادر ذاتها الى إنشاء منطقة نفوذ جديدة تبدأ من العراق وتنتهي بمصر، وتمر بسوريا والأردن، لتكون مرتكزه الجديد للحد من نفوذ ايران، وذلك عقب فشل دول الخليج في تنفيذ مخططاته السابقة”.
وتمثل منطقة النفوذ الجديدة، ممرا اقتصاديا وتجاريا يجمع هذه الدول، مستغلة إمكانيات كل دولة، فالعراق سيكون المصدر الأول للنفط والغاز، اضافة الى استثمار طاقات مصر الانتاجية والبشرية، فضلا عن تحول الاردن الى معبر وطريق يجمع هذه الدول مع بعضها، مقابل تقليص النفوذ الايراني في سوريا المتمثل بالجماعات المسلحة.
مصدر في واشنطن اكد لـ”العالم الجديد” أن “ترامب يمر بمعركة داخلية، ويحاول ان يكسبها عبر هذه المنطقة الجديدة في الشرق الأوسط، ما ستعود عليه بالنفع في حملته الانتخابية”.
وكان الكاظمي قد وصل في 20 اب اغسطس الحالي الى العاصمة الامريكية واشنطن وبدأ سلسلة اجتماعات ابرزها مع ترامب ورئيسة مجلس الشيوخ الامريكي نانسي بيلوسي، فضلا عن مسؤولين وسياسيين امريكان، وتم تمديد زيارته ليوم اضافي بطلب امريكي، نظرا لاستحداث لقاءات جديدة أضيفت لجدول أعماله هناك.
وبعد عودة الكاظمي من واشنطن (25 اب اغسطس الحالي)، توجه مباشرة الى العاصمة الاردنية عمان، لعقد القمة الثلاثية، التي تناولت “علنا” المواضيع الاقتصادية والاستثمارية بين هذه الدول، إلا ان المحلل السياسي احسان الشمري اكد في وقتها لـ”العالم الجديد” على أن “للقمة عنوانا اخر خفيا، وهو الملف السياسي”.
ويأتي المشروع الجديد، الذي كشفته المصادر، تطبيقا لما تطرق اليه الكاظمي في حواره مع صحيفة الواشنطن بوست الامريكية، حيث قال ان “مشروع الشام الجديد وفق النسق الأوروبي سيتم طرحة على قادة مصر والأردن، وسيتيح تدفق رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاث على نحو أكثر حرية”.
ويبدو ان البعد السياسي للمشروع بدأت تظهر بوادره في رسالة الكاظمي الى الاسد، حملها الفياض، ليؤكد ان ارسال الاخير لدمشق بصفته كرئيس لهيئة الحشد الشعبي، يعني ان الدولة العراقية “غير معنية” بالجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا، وانها خارج سياقاتها الرسمية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحمل فيها الفياض رسالة من حكومة العراق الى الأسد، إذ في 29 كانون الاول (ديسمبر) 2018، التقى الفياض بالأسد، حاملا رسالة من رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي، تمحورت انذاك حول تطوير العلاقات بين البلدين وأهمية إستمرار التنسيق بينهما على الأصعدة كافة، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتعاون القائم بهذا الخصوص، لا سيما عند الحدود مع العراق.
ولفت الفياض في وقتها خلال لقائه لاسد الى أن “نجاح الشعب العراقي في مواجهة الإرهاب والانتصارات التي حققتها سوريا في استعادة الأمن ودحر الإرهاب على معظم أراضيها، والتي كان آخرها مدينة منبج شمال البلاد، تشكل بشائر خير للمنطقة بأكملها”.
وكانت صحيفة الاخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله اللبناني، قد كشفت في تقرير صدر لها اليوم، ان “الكاظمي يعتزم زيارة دمشق قريبا”.
وتبين ان “الكاظمي قد يحمل رسالة أميركية إلى الجانب السوري أولاً، وأن يُطلق عجلة إنشاء سوق اقتصادية عربية تمتدّ من العراق إلى مصر، مروراً بسوريا ولبنان والأردن، ثانياً”.
وتضيف في تقريرها ان “هذه السوق تُعدّ هدفاً رئيساً يسعى الكاظمي إلى تنفيذه، إلى جانب كونها تمثّل نافذة لدول أخرى (الأردن ومصر) لإعادة تطبيع علاقاتها مع دمشق. وهي أهداف عبّر عنها رئيس الوزراء في جلسة مجلس الوزراء، لدى إشارته إلى ضرورة (الابتعاد عن سياسة المحاور) و(التزام التوازن والوسطية)، فضلاً عن الاعتماد على التعاون والشراكة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية”.
يشار الى انه تتواجد في سوريا الكثير من الفصائل المسلحة العراقية، وابرزها كتائب حزب الله وحركة النجباء، التي اتجهت للدفاع النظام السوري واستقرت في حلب وريف دمشق بالاضافة الى تواجدها بكثافة عند الحدود السورية العراقية.
وتعرضت هذه الفصائل (الموالية لايران) الى قصف امريكي واسرائيلي مرات عدة، وادى الى مقتل الكثير من عناصرها وتم تشييع جثامينهم في العراق.
وأثار هذا الملف حفيظة رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، الذي اكد اكثر من مرة ان الفصائل التي تقاتل خارج العراق، هي “غير تابعة للدولة” وان العراق غير مسؤول عنها.
اذ اكد العبادي في 20 كانون الاول (ديسمبر) عام 2016، إن “من يشترك من فصائل عراقية بالحشد الشعبى عليه احترم القانون والسيادة العراقية ودول الجوار وعدم التدخل فى شؤونها ، لانريد الغرق فى صراعات إقليمية أخري، حاولنا فى العراق البعد عن الصراع الإقليمى والطائفى والإثنى ونتعاون مع كل من يحارب الإرهاب”.
واشار في وقتها الى أن “سوريا تعاني من صراع إقليمى وللأسف صار طائفيا وشرسا، نريد التعاون مع كل العالم للحرب ضد الإرهاب ومع الجارة سوريا، المقاتلون فى سوريا يأتون من مختلف دول العام”، مضيفا ان “داعش تكون وتسلح وجاء من شرق سوريا للعراق، والدول الأوروبية لها مواطنين فى تنظيم داعش أيا ، لم ترسلهم حكومات هذه الدول أو توافق على انضمامهم للتنظيم الإرهابي، وتحرك المواطنين العراقيين لايمثل الحكومة بل يتعلق بقناعتهم الشخصية وندعو كل الجهات والفصائل المنضوية تحت “الحشد الشعبي” بالعراق إلى عدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى والالتزام بالقانون العراقي”.