بين كل فترة وإخرى، العالم يشهد مقتل أو إختفاء صحفي هنا وهناك، بسبب أرائه السياسية، من نظام سياسي معين في بلد من البلدان المحكومة من قبل مستبدين، كالنظام السوري والسعودي، وغيرهم من الأنظمة، التي لا تقبل بأي رأي مخالف لفكره وسياساته مهما كان موقع هذا الصحفي وجماهيرته. وهناك جهات إخرى غير الأنظمة المستبدة تكره الصحفيين، وتمارس بحقهم التصفية الجسدية، كالعصابات المنظمة، ورجال الأعمال المتورطين بأعمال غير قانونية، والتنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش.
وأخر صحفيين ذهبوا ضحية أرائهم السياسية المخالفة، كانت الصحفية البلغارية فكتوريا مارينوفا البالغة من العمر 30 عاماً، والتي كانت تعمل في التلفزيون، حيث وجدت السطات جثتها السبت الماضي، وهي مرمية في إحدى الحدائق العامة في مدينة “روسي” البلغارية. وقالت الشرطة إن سبب وفاتها الضرب على الرأس ومن ثم الخنق. كما وأشارت الشرطة، إلى أن القتلة سرقوا هاتفها الخليوي، إضافة لمفاتيح السيارة ونظاراتها الشخصية وجزء من ملابسها. من جهته أكد وزير الداخلية البلغاري:“ ملادن مارينوف“، للصحافيين أن الضحية تعرضت للاغتصاب قبل مقتلها.
والصحفي الثاني هو الكاتب السعودي المعروف جمال خاشقجي، الذي إختفي منذ ساعة دخوله لقنصلية بلاده في إستطنبول قبل عدة، ولم يعد له أثر منذ تلك اللحظة. وهناك شكوك قوية تحوم السلطات السعودية، بأن تكون هي مَن قامت بتهريبه الى المملكة، أو قتله في داخل القنصلية ومن ثم تخلصت من جثته بطريقا ما. للأسف الشديد هذا يحدث فقط في البلدان المتخلفة والمبتلية بأنظمة إستبدادية كالنظام المصري الحالي، والتركي الأردوغاني، ونظام الملالي الإيراني، ومعهم مشيخة الملا مسعود ومزرعة الملا جلال الطالباني.
شخصيآ لا أستبعد تورط النظام السعودي في مقتل أو إختفاء الصحفي خاجقجي نظرآ لإنتقاده العلني لنظام عائلة السعود، وعدم التماهي معه، وأتخاذ موقف مغاير من حرب اليمن وقضايا إخرى كثيرة. ونظام مثل النظام السعودي، لا يمكن التساهل مع مثل هذا التصرف، ولهذا إعتبره تمردآ عليه وخروجآ عن طاعته، وهذا في عرفه كفر، والكافر جزاؤه القتل. والنظال السعودي له تاريخ حافل بمثل هذه الأعمال الإجرامية، حاله حال النظام السوري القاتل.
إن ما حدث للصحفيين عمل إجرامي بكل المعايير القانونية والأخلاقية، وعلى كافة المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية إدانتها، والمطالبة بتقديم القائمين عليها لمحكمة الجنايات الدولية لينالوا جزائهم العادل. حتى يكونوا عبرة لبقية القتلة من الحكام وقادة الجماعات الإرهابية وعصابات الإجرام المنظم. وأستغرب موقف بعض الكرد من قضية الصحفي والكاتب خاجقجي، ويعللون ذلك بسبب موقفه السلبي من الكرد وقضيتهم العادلة وخاصة في غرب كردستان وشمالها. إن الدفاع عن حرية أي صحفي وكاتب أو صاحب رأي، هو دفاع عن القضية الكردية وحرية الشعب الكردي دون شك، ولهذا موقفهم هذا مرفوض ومعيب.
وفي الواقع لدي تخوف كبير من أن يفلت سلمان وإبنه من العقاب، كما فلت بشار الأسد من العقاب بعد قتله عشرات السياسيين والصحفيين اللبنانيين، وكما فلت من قبلهم العقاب قادة النظام الإيراني الذين قتلوا الدكتور عبد الرحمن قاصملوا ورفاقه في الحزب الديمقراطي في فينا وبرلين. أو كقادة النظام التركي الحالي، الذي قم بإغتيال ثلاثة نساء كرديات قبل عدة سنوات في العاصمة الفرنسية باريس، وأن تطوى هذه القضية مثل غيرها من القضايا التي سبقتها، من خلال إلتزام قادة الغرب كعادتهم تجاه مثل هذه القضية، لقاء ضمان مصالحهم الإقتصادية مع عصابة ال السعود، لا حُبآ بسلمان وإبنه الفتك ولي العهد.
09 – 10 – 2018