اللجنة المسؤولة عن إختيار الأشخاص لجائزة نوبل للسلام، لم تكن دائمآ موفقة في إختياراتها، وبدليل منحها لأناس مارسوا القتل مثل شمعون بيرس، ولم تمنح لأبو السلام الهندي غاندي. إلا أنها هذا العام كانت موفقة برأي في إختيارها لكل من الفتاة الكردية الإيزيدية ناديا مراد، والطبيب الكونغولي دنيس موكويغي الذينمنحوا الجائزة هذا العام.
ناديا مراد، التي كانت إحدى ضحايا العنف الجنسي، ومنذ لحظة هروبها من تنظيم داعش المجرم تطوف العالم من أجل إيصال صوت ضحايا العنف الجنسي للعالم وعلى رأسهم الفتيات الإيزيديات من خلال لقاءاتها مع رؤساء العالم، وظهورها على وسائل الإعلام العالمية المعروفة. وحصولها على الجائزة ليس لأنها كانت ضحية ذلك العنف، بل لأنها تحولت إلى مناضلة ضد العنف وتدعو للسلام، وواجهت موجة الكراهية ضد الأقليات الدينية مثل طائفتها الإيزيدية، التي كان يبثها تنظيم داعش الإرهابي وبقية التنظيمات المتطرفة.
وجائزة نوبل ليست الجائزة الأولى التي تمنح سفيرة النوايا الحسنة نادية، فقد سبق أن منحت العديد من الجوائز العالمية، ومنها جائزة فاتسلاف هافل لحقوق الإنسان، وجائزة بيل كلينتون العالمية للمواطن، وجائزة السلام المقدمة من رابطة الأمم المتحدة في إسبانيا، وجائزة ساخاروف العالمية مع صديقتها الناجية لمياء بشار.
للأسف الشديد في مقابل ذلك، كان هناك تجاهل شبه لصوت هذه الفتاة الإيزيدية الجريحة ومأساة
مجتمعها الإيزيدي الصغير، من الإعلام الكردي والسياسيين الكرد وتحديدآ من قبل قيادات حزب البرزاني، الذي غدر بهم وتركهم لقمة سائغة لوحوش تنظيم داعش. ونفس التجاهل لاقته ونادية وزميلاتها الناجيات من قبل قادة الإتحاد الوطني الطالباني وإعلامه الحزبي. وما ينطبق على جماعة الطالباني ينطبق أيضآ، على حزب العمال الكردستاني، كون نادية لا تنتمي لفكره، ولا تمجد زعيمه اوجلان، لهذا تجاهلوا قضيتها وقضية زميلاتها الفتيات من ضحايا وحوش داعش.
الطرف الوحيد الذي ساعد نادية مراد، لإيصال صوتها للعالم كانت مؤسسة “يزدا”، بقيادة الأخ مراد إسماعيل أحد مؤسسي هذه المؤسسة، المختصة بالشأن الكردي الإيزيدي سواءً في الداخل
أو الخارج.
وقفت المؤسسة والعاملين فيها الى جانبها، وساعدوها بقدر ما تستطيعون لإيصال صوتها للعالم بأكمله ورافقوها في جميع جولاتها تقريبآ، يقومون بالترجمة لها، ويساعندوها معنويا ونفسيا في معظم الحالات. وبفضل جهدهم تمكنت نادية من لقاء العديد من رؤوساء دول العالم، وإلقاء خطاب في الأمم المتحدة، وتحدثت فيه عن مأساة شعبها الإيزيدي المسالم، الذي نبذ العنف في كل تاريخه الكويل. وبفضل هذا الجهد المظيم تعرف العالم على مأساة أهلنا في شنكال، وقبل أيام قررت مؤسسة نوبل، منح جائزة نوبل للسلام لناديا تقديرآ منها لجهدها المتواصل في سبيل عالم خالي من العنف الجنسي أثناء الحروب.
وبعد كل هذا، يأتي بعض المقززين الطائفيين الشيعة العراقيين، ويطالبون بسحب الجائزة نادية من كون بحجة إنها ملك للدولة العراقية حتى لو منحت لها كشخص!! يا له من خساسة ونذالة يتمتع بها أصحاب هذه الطلب الرخيص، وهذا يدل على مدى حقدهم على الكرد وفي طليعتهم الإيزيدين منهم، بسبب انتمائهم الديني. سؤالي لهؤلاء المتبجحين:
أين كنتم عندما تعرضت شنكال مهد أقدم ديانة توحيدية على وجه المعمورة، وتعرض أهلها للمذابح على تنظيم داعش، وكم فتاة أيزيدية أنقذتم من يد هذا التنظيم الإرهابي؟
والأمر الأخر الذي يحز في النفس، أن الشخص الذي هرب نادية وخاطر بحياته من أجل تخليصها من يد تنظيم داعش، لم يمنح حق اللجوء في المانيا ومنع من دخولها، كما نشرت الخبر بعض وسائل الإعلام الكردية الناطقة باللغة العربية، في الوقت الذي منحت اللجوء لبعض الإرهابيين من قتلة أهلنا في شنكال!!
وفي الختام، أحيي جهود الإخت نادية في خدمة المرأة بشكل عام والمرأة الإيزيدية بشكل خاص، وجرأتها في التحدث عن مأساتها، وهي مأساة جميع أهلنا الكرد الإيزيديين في شنكال، وأبارك لها بالجائزة وهذا التكريم العالمي العالي. عاشت المرأة الكردية الأبية، والخزي والعار والفناء دومآ لوحوش داعش ومثيلاته من التنمظيمات الإجرامية المتطرفة وما أكثرهم في العالم الإسلامي.
10 – 10 – 2018