اللواء الطيار البطل ماجد التميمي مثال للتضحية والفداء في سبيل الانسانية
في الذكرى الرابعة لاستشهاد اللواء الطيار البطل ماجد عبد السلام التميمي, قائد المروحية التي سقطت فوق جبل سنجار، حيث وقف وقفة الرجال الغيارة مع اخوانه وأخوته الايزيديين في جبل شنكال, خلال مهمة إغاثة وإجلاء للايزيديين. كان البطل ينقل مساعدات انسانية الى اهالي شنكال المحاصرين في الجبل. من قبل داعش الارهابي (تنظيم الدولة الاسلامية). وكان يلقي المساعدات اليهم من الجو وبنفس الوقت كان ينزل بطائرته ويجلبهم معه الى كوردستان رغم كل التهديدات التي واجهته هو وطاقمه البطل. حيث حفر اسمه بأحرف من النور في تاريخ المسيرة الإنسانية في كوكب الارض, انه وهب حياته لهؤلاء النازحين الايزيدين وأصبح لهم شمعة اضاءت لهم الحياة بدروبها, يتذكره الايزيدين قصته البطولية بكل فخر وأعتزاز.
الرحمة والغفران لروحه الطاهرة والثناء والتقدير والشكر والعرفان والامتنان لأولاده ولعائلته الكريمة ولاهله.. انهم في قلوب الكثيرين.. البطل كان من سكنة محافظة البصرة قضاء الفاو, من مواليد(1961) والد لثلاثة أولاد, أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في قضاء الفاو، ثم درس الإعدادية في إعدادية المعقل بالبصرة، ثم أكمل الكلية وكان من الأوائل، بعدها دخل صنف المدفعية وحاز على الرتبة الأولى وبعدها دخل الى صنف الطيران، كذلك حصل على شهادة البكالوريوس في القانون من الجامعة المستنصرية ببغداد، وانهى عدد من الدورات العسكرية خارج العراق، وكان يعد قدوة ومفخرة لزملائه ومثالا للتضية والفداء والشرف والأصالة والوطنية والأخلاق, سيذكره التاريخ الانساني بكل شرف جيل بعد جيل كمثال للإخلاص والتضحية العراقية الاصيلة التي تمتد تاريخها الى الالاف السنين والى أولى الحضارات الانسانية فيها وهم الذين علموا البشرية والإنسانية على الكتابة.
بعد طيران طائرته بارتفاع منخفض، تعرضت إلى نيران معادية من قبل ارهاب داعش, مما أدى إلى ارتطامها بجبل سنجار وسقوطها واستشهاده, وان عائلته استقبلت الخبر بثبات وفرح روحي عظيم, وقامت باستقباله استقبال الأبطال لتأدية واجبه الوطني وحربه على الأعداء وأخذ ثائر المظلومين والأنبياء ومراقدهم ومقاماتهم، وادى الفقيد واجباته الإنسانية لشعوب العراق بغض النظر عن القومية والدين والعرق والمذهب, حيث يشهد له الجميع مساعدة جميع فئات النازحين الأكراد والمسيحيين والايزيديين وغيرهم.
وقال والده “إني افتخر بولدي البطل انه دافع عن حرائر العراق والمظلومين، وأفنى نفسه في مقاتلة أعداء البلد داعياً زملائه من الضباط والطيارين ان يسيروا على خطاه لدحر الارهاب الداعشي الوحشي التي جاءت من الخارج”.
من هذا المنطلق نستطيع ان نقول ان التميمي, ارتبط بقضية جوهرية مهمة هي العلاقة مع وطنه وشعبه وأمته والاتجاه الانساني الصالح وإخلاصه وإيمانه بتلك المبادئ… بهذا المعنى الحقيقي يشاهده شعبه في طريق الكرامة والنزاهة والصدق والأمانة والشجاعة والإحسان، والانتماء الصميمي للوطن والشعب والاستعداد للتضحية بالمال والنفس.. بهذا الصورة يضعه العراقيين في مرتبة التقدير والوطنية والشرف الرفيع. حيث كان التميمي شريفا على المستوى الشخصي بمعايير الشرف المعروفة, وهكذا اصبح مثالا للشرف والوطنية والأخلاق على المستوى الوطني والدفاع عنها, وكيفية تعامله مع قضية الوطن, وأبناء شعبه دون تمييز. يضعه الشعب العراقي في قمة المبادئ والقيم والمثل العليا للإنسانية, اعطى اعزّ ما يمتلكه لشعبه, لكي يخلصهم من التدنيس ويبعدهم عن الرذيلة، وعن طريق الفاحشة والذين يغشون الناس ويهينهم ويقتلهم ويحرقهم ويغتصبهم ويعذبهم ويسرقهم.. جميعها فضائح يندى لها جبين الانسانية, حتى يستطيع الانسان الصالح الحر ان يعيش برفعة الرأس وبكل حرية وكرامة, ومثل هذا النموذج هو بذرة الانسان الصادق والإنسانية.
ومنذ أن وجد الإنسان على كوكب الأرض أوجد صراع أزلي بين الإنسان الصالح والطالح المتضادين والمتعاكسين في الأفكار والأخلاق والتوجهات الانسانية وفي كل شيء بشكل عام.. وفي اكثر الاحيان ان الشرير هو الذي يقود وهوالمسيطر على زمام الامور والأحداث وهو المتصرف والمؤثر في توجيه وتصنيع تلك الأحداث على مر التاريخ.
ونجده في الجانب الاخر الانسان الصالح والصادق مع نفسه ومع الاخرين هو المغلوب على أمره دائما وتحت تأثير القتل والنهب والتسلط والظلم وعظائم الأمور المصطنعة من قبل الشرير, كل هذه الامور حدثت وستحدث في هذا البلد وفي هذا العالم, كلها تأتي من تصرفات الانسان البهيمي الوحشي, هكذا جرت الأحداث على كوكب الأرض والى اليوم وكل الشعوب والمجتمعات التي تدعو الى السلم والسلام والتعايش كان والى الان ضحية الإنسان المنحرف والساقط خلقيا وعقليا والمتسلط الذي اتى الى الدنيا بطرق غير شريفة وغير اخلاقية وليس من صلب اصله انه مستنسخ, يمارس الحكم بالقوة البهيمية, بعيدا عن منطق العقل والانسانية وهو لا يعرف معنى الانسانية اصلاٌ لأنه حيوان بهيئة انسان. لا يعرف سوى ممارسة القتل الشنيع بكل فخر هذه كانت أفكار فترة المشاعية البدائية القديمة جدا, ما زالت تعشش هذه الأفكار البهيمية في عقول الكثيرين من البشر. والصراع الابدي بينهما مستمر الى يوم الدين(القيامة).. لأنهما ليسوا من طينة واحدة الطالح سوف يعرف نفسه في حياته ونهايته دائما مرعبة له, والتاريخ مليئ بهذه الشواهد وهو يموت وينتقل الى عالم الحيوان, والإنسان الصالح مرفوع الرأس والدنيا سيدوم له والى الابد أجلا أم عاجلا وهو لا يموت ابدأ, والخالق الاعظم قادر لعودته ثانية الى الحياة مرات ومرات الى هذه الدنيا, وهو حر في تطلعاته الروحية والباراسايكولوجية والخالد ماجد عبد السلام التميمي روحا خالدا في طريق اتجاه الانسانية على كوكب الارض.
قاسم مرزا الجندي
12 / 8 / 2018