أشار تقرير صحفي، الجمعة، إلى تصعيد احتجاجي محتمل في العراق وفق “تكتيك جديد”، حيث يحضّر المحتجون لـ “مفاجآت” قد يصعب على السلطات و”الجماعات المسلحة” تطويقها.
وذكر موقع “اندبندنت عربية” في تقرير تابعه “ناس” (16 تشرين الاول 2020)، إن “هناك نية لإطلاق التظاهرات في مناطق عدة، وليس فقط في الساحات الرئيسة كما جرى العام الماضي، مثل ساحة التحرير في بغداد، أو الصدريين في النجف، أو الأحرار في كربلاء”.
وفيما يلي نص التقرير:
بات من شبه المؤكد عودة الاحتجاجات في العراق نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فيما يحضّر المحتجون لـ “مفاجآت” قد يصعب على السلطات و”الجماعات المسلحة” تطويقها، أو استخدام العنف كما جرى العام الماضي.
في المقابل يحاول الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي اشترك أنصاره أخيراً في الاحتجاجات، ضبط إيقاع التظاهرات بفرض شروط عدة، والزج بالعشائر للسيطرة على المحتجين.
ويخشى الصدر، بحسب أوساطه، من حدوث “فتنة” أو صدام شيعي – شيعي، كما حدث في زيارة أربعينية الحسين في كربلاء قبل أكثر من أسبوع.
في حين يرى معارضو الأخير أنه يحاول ترميم صورته التي تضررت بفعل مواقفه “المتناقضة” من التظاهرات. وتجمع المئات في ساحة التحرير بوسط بغداد وفي مدن عراقية أخرى، قبل أسبوعين، لإحياء الذكرى الأولى لما بات يعرف بـ “انتفاضة أكتوبر”، وهي الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في العاصمة ومحافظات الوسط والجنوب مطلع أكتوبر 2019، وتواصلت على مدى شهور للمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وراح ضحيتها، بحسب ناشطين، 700 قتيل وأكثر من 20 ألف جريح.
في المقابل، أوضحت تنسيقيات من ساحة التحرير، أنها لن تحيد عن سلميتها، ولن تتخلى عن مطالبها التي رفعتها قبل عام، والداعية إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي.
كما طالبت في بيان، بأن تتم محاكمة من “قام بقتل واختطاف وتعذيب واعتقال الناشطين” الذين شاركوا في الاحتجاجات التي جرت خلال الفترة الماضية في عدد من مدن العراق.
ودعت التنسيقيات البرلمان إلى إقرار قانون الانتخابات البرلمانية الجديد، بخاصة فقرة الدوائر المتعددة، وأن تقوم الدولة بتحقيق مطالب حصر السلاح قبل الانتخابات، “وتجريم أية جهة مسلحة تعمل خارج نطاق المؤسسة الأمنية الحكومية”.
أوضح البيان أنه على السلطات العراقية الالتزام بالموعد المقرر لإجراء الانتخابات، وهو السادس من يونيو (حزيران) المقبل، وأن تجرى تحت إشراف أممي.
وحذرت هذه التنسيقيات “الطبقة السياسية من تسويف هذه المطالب”، مشيرة إلى أنها ستعطي البرلمان العراقي مهلة أخيرة لتحقيق هذه المطالب، تنتهي في 25 من الشهر الحالي.
حوارات لاستئناف التظاهرات
ومنذ أسبوعين، تجري مفاوضات ولقاءات مكثفة بين تنسيقيات التظاهرات في بغداد وعدد من مدن الجنوب، لترتيب استئنافها بعد أقل من 10 أيام من الآن.
وبحسب الناشط في مجال الاحتجاجات، علي عرفان، فإن غالبية التنسيقيات “اتفقت على تغيير أسلوب التظاهرات، كما أن هناك نقاشات حول استئناف الاحتجاجات في وقت أبكر من 25 الحالي”.
وأوضح أن “هناك نية لإطلاق التظاهرات في مناطق عدة، وليس فقط في الساحات الرئيسة كما جرى العام الماضي، مثل ساحة التحرير في بغداد، أو الصدريين في النجف، أو الأحرار في كربلاء”.
ويهدف المحتجون من ذلك “التكتيك” إلى توسيع حجم التظاهرات، وإشراك عدد أكبر من السكان في الحركة المناهضة لبعض السياسيات وتفشي السلاح خارج الدولة، والضغط على الحكومة لمحاكمة قتلة المتظاهرين.
ويضيف عرفان عن تلك الخطوة، “حينها لن تستطيع أية سلطة أو مجموعة مسلحة أن تسيطر على الحراك الشعبي، فسنقوم بتشتيتهم وسيصعب استهدافنا”.
“كونكريت” الخضراء!
في المقابل، شوهدت بحسب مصادر في بغداد، عجلات نقل كبيرة تحمل جدراناً خراسانية (كونكريت)، متوجهة إلى المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية والسفارة الأميركية.
وتوقعت المصادر أن تجهيز تلك الجدران يأتي ضمن الاستعدادات لانطلاق الاحتجاجات في الـ 25 الحالي، بالرغم من أنه لا يوجد ضمن خطط المتظاهرين اقتحام المنطقة الخضراء أو الاقتراب من بواباتها الأربعة.
لكن المصادر أيضاً تعتقد أن هناك مخاوف من “استغلال ميليشيات” لحركة الاحتجاجات، للهجوم على مقار الحكومة أو السفارة الأميركية، بخاصة أن جهات مسلحة هددت بذلك في وقت سابق.
وتُتهم هذه الميليشيات من قبل ناشطين، بأنها المسؤولة عن استخدام العنف في الاحتجاجات، حين انضم إلى حملة العنف خلال النصف الثاني من تظاهرات العام الماضي، من يعرفون بـ “القبعات الزرق” ويتبعون التيار الصدري، قبل أن يجمد زعيم التيار عمل تلك الفرق في فبراير (شباط) الماضي.
وانقلب الصدر، مطلع 2020، على مواقفه من التظاهرات التي بدأ بدعمها بعد نحو شهر من انطلاقها، فيما فسرت تلك المواقف الجديدة آنذاك بأنها ضمن “ترتيبات سياسية جديدة” لدعم المكلف السابق في وقتها علي علاوي، الذي فشل في كسب ثقة البرلمان.
مواقف الصدر
في المقابل، يقول النائب عن “سائرون” المدعومة من الصدر، صباح العكيلي، إن الأخير “من أكثر الداعمين للتظاهرات، لأنه يعتبر الاحتجاجات ضمن أساليب إصلاح الحكومة المهمة”.
ويضيف “أن ساحات الاحتجاجات باتت مليئة بالمندسين الذين تسببوا في انحراف المطالب، كما حدث في أربعينية الحسين، لذلك يدعو الصدر إلى تنقية الساحات لتعود التظاهرات إلى المسار الحقيقي”.
وأعلن الصدر أخيراً، عدداً من البنود التي وصفها بمواثيق السلام الهادفة إلى استرجاع الأمن للعراقيين، وإبعاد التدخلات الخارجية، وحفظ هيبة العراق.
وفي بيان نشره عبر حسابه على “تويتر”، أوضح أن الميثاق الأول هو ميثاق للتظاهر السلمي ستوضع فيه شروط شرعية واجتماعية وقانونية للتظاهرات، بالتعاون مع شيوخ العشائر تناسب الجميع.
وبعد صدامات الأسبوع الماضي بين متظاهرين وقوات حماية العتبات في كربلاء، خلال زيارة أربعينية الحسين، اشترط الصدر على من يريد التظاهر الالتزام بقواعد من بينها “عدم إغلاق الشوارع العامة أو الساحات”، معتبراً كل من يخالف القواعد “مدسوساً أو مدفوعاً من أجندات خارجية”.
كما دعا الصدر إلى التعاون مع القوات الأمنية والعشائر لإنهاء الفتنة من دون إراقة دماء في حال مخالفة القواعد.
بدوره، يقول النائب المنشق عن “سائرون”، باسم خشان، إن “تلك الدعوات هي دعوات لمفلسين”، مبيناً أن “صورة الصدر تضررت لمواقفه المتناقضة من الاحتجاجات”.