أكثر مايشغل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الان وهو يجد أن الذکرى السنوية الاولى لإنتفاضة 15 نوفمبر2019، باتت قريبة جدا إن ملف هذه الانتفاضة لم يغلق بعد، خصوصا وإن قضية المعتقلين والمختطفين لاتزال مستمرة والاهم من ذلك إن الشعب الايراني ليس لايزال يعيش ذات الظروف والاوضاع التي دفعته لتلك النتفاضة وإنما حتى أسوأ منها. ولذلك فإن النظام يواجه الرفض الداخلي على أشده مع ملاحظة مهمة جدا يجب علينا أخذها بنظر الاعتبار والاهمية وهي إن الانتفاضة أعلاه أثرت على النظام الايراني بصورة غير عادية لأن منظمة مجاهدي خلق لعبت دورا قياديا فيها تماما کما کان الحال مع الانتفاضة التي سبقتها.
وبطبيعة الحال ومع الرفض الداخلي هذا، هناك أيضا رفض إقليمي ودولي متزايد وملفت للنظر للتدخلات الايرانية في المنطقة ومطالبة ملحة بإنهائها وبقدر ما خلفت وتخلف هذه التدخلات من آثار وتداعيات سلبية مختلفة على الشعب الايراني، فإن لها آثارا بالغة السوء على بلدان المنطقة ولاسيما من حيث إثارة النعرات الطائفية من جهة والتأثيرات السلبية على البناء الديموغرافي لشعوب البلدان التي يتواجد في النفوذ الايراني.
اليوم وفي ظل الاوضاع المزرية الحالية التي يواجهها هذا النظام، ولاسيما بعد أن فرض نفوذه على أربعة بلدان بالمنطقة ويواجه صعوبة کبيرة في المحافظة على نفوذه هذا کالسابق، فإن هذا النفوذ يواجه رفضين متصاعدين أولهما من داخل إيران وثانيهما من المنطقة وعلى الصعيد الدولي. والنظام يحاول جاهدا أن يجد له مخرجا في خضم ذلك بما يجعله ممسکا بزمام الامور ومحافظا على توازنه.
في العراق، والذي يجاهد نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بمختلف الطرق والاساليب من أجل إبقاء نفوذه وترسيخه أكثر، فإن هذا النفوذ يواجه رفضا داخليا عراقيا متزايدا بات يشمل الشيعة أيضا وبصورة ملفتة للنظر وإن قضية السفارات والدور المشبوه للميليشيات التابعة للنظام الايراني فيها، لايبدو إنها ستمر بردا وسلاما على طهران.
غير إن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار، هو إن هناك نوعا من التحوط والحذر إقليميا ودوليا من المساعي المشبوهة للنظام الايراني وعلى الارجح قد لا ينجح النظام فيما يرمي إليه، ولاسيما وإن الضغوط الدولية لا تؤكد على کبح جماحه النووي وتجريده من الصواريخ الباليستية فقط وانما إنهاء تدخلاته في المنطقة أيضا.
النفوذ الايراني في المنطقة بين الرفضين اللذين أشرنا لهما آنفا ، لا بد من القول بأن أكثر خوف النظام الايراني هو من الرفض والمساءلة الداخلية ذلك إنه وكنتيجة لهذا النفوذ بصورة خاصة وعوامل أخرى بصورة عامة، صارت أغلبية الشعب الايراني تعيش تحت خط الفقر، ولذلك فإن ذکرى الانتفاضة النوفمبرية تطل برأسها من بين کل ذلك ککابوس يمکن أن يفتح صفحة جديدة قد تطوي الکتاب الاسود لهذا النظام.