عندما وقع الحزب الشيوعي العراقي على وثيقة الدخول بتحالف سائرون تضمنت الوثيقة فقرة مهمة الأ وهي ألأستقلالية لكل حزب في عمله ونشاطاته.
ما يفهم من هذا هي الأستقلالية التنظيمية والفكرية والموقف من الأحداث بما يتلائم ومصالح كل حزب.
*الملاحظ هو منذ بدء سائرون عملها أنغمس الحزب بداخل سائرون وأصبحت مواقفه تسير خلف ما تقرره سائرون وبالأحرى ما يقرره مقتدى الصدر وهذه هي بعض من المواقف.
-بعد حسم قضية نتائج الأنتخابات جرى الصراع حول من هي الكتلة ألأكبر ومن سيشكل الحكومة وكان ممثل الحزب طرفا في المفاوضات مع الأطراف الأخرى لتشكيل الكتلة الأكبر .أنتهت كل تلك الجولة من المفاوضات بتغريدة لمقتدى الصدر كالبلبل الفتان بترشيح عادل عبد المهدي بعد التوافق مع العامري وضاعت كل تلك المفاوضات هباءأ منثورا.
-هل عرف الحزب بهذه القضية وجرت أسشارته وما هو موقفه وهل تدارسها مع أعضاءه؟
لم يصرح الحزب بشيء بل وافق على تغريدة مقتدى كأي عنصر في جوقة غنائية يردد ما يقوله المطرب.
-غرد مقتدى بأنه لن يقبل ترشيح أي عنصر من سائرون في الحكومة المقبلة وحتى من بالبرلمان.
-في مقابلة تلفزيونية لسكرتير الحزب سأله المقدم ،هنالك أقاويل حول ترشيحك(السكرتير)لمنصب رئيس الوزراء أو وزير ما هو موقفك؟ضحك عندها السكرتير وأجاب ننتظر ونرى الأحداث.بما معناه كان يتمنى الحصول على منصب والأ لرفض القضية أذا كانت هنالك أفكار لدى الحزب لعدم الدخول بالتشكيلة الوزارية.
-الحزب وافق على تغريدة الصدر (عدم ترشيح أحد من سائرون) واكتفى بأننا أتفقنا على منحه فرصة لمدة عام لتنفيذ برنامجه.
-الحزب كان بالسابق يصرح بأنه كيف لكتلة أو حزب تنفيذ برنامجه الأنتخابي أذا لم يشارك بالحكومة ؟
*الملاحظ بهذه التناقضات في المواقف لا تجد ما يجمعها من شيء سوى ضياع المنطق الفكري والسياسي الذي يحدد سياسة الحزب الخاصة من الأحداث بغض النظر عن توافقها مع سائرون أو لا.الملفت للنظر أكثر هو غياب أي موقف خاص للحزب من الأحداث السياسية الحاصلة بالبلد وأنما دائما ما يتحدث الرفاق القادة وكأنهم ممثلي لسائرون وليس للحزب الشيوعي حتى باتت قنوات التلفزيون أغلبالأحيان تقدمهم بأسم ممثلين عن سائرون وكأننا أصبحنا نخشى الأنفراد بأي موقف خاص بنا حتى وأن لم يتفق مع موقف سائرون ونراه مناسبأ بالنسبة لنا أو موقف سائرون يتعارض مع توجهاتنا.
*يتحدث السكرتير عن جدوى الذهاب للمعارضة وهو ما تطالب به الكثير من قواعد الحزب وأصدقاءه بسبب ذهاب العملية السياسية بالبلد بعد الأنتخابات بمثل ما كانت عليه قبلها من حيث توزيع المناصب حسب المحاصصة المقيتة وعلنية الفساد(الحلبوسي أشترى منصبه أمام الجميع )وغيرها من الموبقات التي تغلف السياسة الحالية بالعراق .
-يقول السكرتير (أن الذهاب للمعارضة هو أسهل المواقف ….وهو أقرب الى الأنهزامية)
-هل يستطيع أي سياسي بسيط ينكر أن معارضة أية سلطة وفي أي بلد ديمقراطي كان أو لا (كيف الحال مع الدول المليشياوية)سيجلب لصاحبها الكثير من التضييق والتعسف وربما السجن والقتل وبالتالي كيف سيكون هذا الخيار سهلأ ؟ أنهزاميأ من ماذا ؟ من العمل داخل هذه المؤسسات الفاسدة والتي نعمل فيها منذ خمسة عشر عامأ دون جدوى؟هل يوم تركنا الجبهة مع البعث 1978 ولنا وزيران في الحكومة وذهبنا الى المعارضة كنا أنهزاميين؟ صحيح نحن الأن لا نتلقى ضربات قوية من السلطة مثل تلك الفترة ولكن أنظر حواليك لترى التضييق على كل فرد ليس مع الأحزاب الأسلامية بل حتى شهداءنا نعاني كثيرأ في الحصول على حقوقهم ،ويكفي ان تقول بأنك شيوعي لتوصد بوجهك أغلب الأبواب .
*يواصل السكرتير حديثه ويقول (أذا نشأت ظروف تدفعنا للمعارضة فيجب أن لا نذهب وحدنا ،يجب أن نشكل معارضة مؤثرة) معنى كلام السكرتير بأننا لن نذهب للمعارضة وفي أي ظرف ولن يكون هو الخيار الذي نلجأ أليه أذا لم يكن معنا أحد .
-أين هي أستقلالية الموقف السياسي للحزب ؟ هل عشنا طيلة سنواتنا التي كنا فيها بالمعارضة منذ أيام الملكية وحتى دكتاتورية البعث ننتظر أن يذهب معنا أكثر من طرف حتى نذهب للمعارضة ؟طيب أذا لم نجد هذا الطرف حيث الأغلبية الساحقة من الاحزاب الحالية تجد بشكل الحكم ما يخدم مصالحها ولهذا لا تعارضه وأن عارضته فقط لأجل الحصول على مغانم أكثر بالتفاوض عند توزيع الحصص ،وبالتالي هل سنبقى ننتظر من يتفضل باللحاق بنا لنعلن ذهابنا للمعارضة؟
-هكذا منطق فكري يؤمن به سكرتير للحزب يجعلني وغيري الكثيرين ندرك تمام الأدراك بان الحزب لن يذهب الى المعارضة مهما فعلت الحكومات التي تقود البلد.
طروحات ذهابنا للمعارضة هي فقط أمتصاص لنقمة الكثيرين الذين لأ يوافقون على مواقف الحزب الحالية.
*أكثر ما يدهش من تبريرات لهذه المواقف هو الدعوة للتريث وأنتظار النتائج القادمة والتي بدأت -أنتظروا نتائج الأنتخابات ،أنتظروا نتائج تشكيل الحكومة ….. والان أنتظروا سنة لنرى ما يفعله عبد المهدي ومن ثم نحدد موقفنا !!!
*لم يكن الحزب وفي أتعس ظروف الأرهاب يفكر بعواقب حرية موقفه وحرصه على مصالح الناس الذي يحاول جاهدأ الدفاع عنها بمواقفه العلنية(بيانات ،تظاهرات ،كفاح مسلح ….الخ) والذي تحمل لأجلها الكثير من المتاعب ولكنه على الدوام بقي للناس السراج المنير الذي تنظر أليه بشغف في ظلام أيام السياسة العراقية طيلة عقود ،نحن أحوج ما نحتاجه اليوم هو أنارة هذا السراج من جديد وبشكل أقوى ليس عبر السير خلف الأخرين وكأننا توابع لهم حتى عند شعورنا بخطأ مواقفهم ،بل بأتخاذ المواقف الخاصة بنا والتي ننطلق فيها من مصالح شعبنا ويكفي أن كثرة التظاهرات المعادية لهذه الأحزاب تعطينا دليلأ ساطعأ على فشل هذه الأحزاب بقيادة البلد وبالتالي وجودنا مع هذه الجوقة البائسة من المطلبين لهذه السياسة لن يزيدنا الأ أبتعادأ عن الناس وفقدانأ أكثر لأستقلاليتنا الفكرية وتراجعأ أكثرلأهمية دورالحزب بالأحداث.
أستقلالية تنظيمنا الحزبي ليست كافية للدلالة على أستقلاليتنا في أتخاذ سياسة خاصة بنا بل يجب أن يصاحبها ما يؤكد هذه الأستقلالية عبر المواقف الخاصة والجريئة من الأحداث حتى وان أختلفت مع سائرون أو مع الجميع .
*ويبقى السؤال الأهم هل نرى هذه الأستقلالية الحقة ؟أم منطق السكرتير وكيفية أدارته للعمل الفكري والحزبي والتي تفضي بالنتيجة الى عكس هذه الأستقلالية هي السمة السائدة بسياسة الحزب للفترات القادمة؟الأيام القريبة القادمة كفيلة بتبيان الجواب .
مازن الحسوني 2018/10/14