في خضم ملابسات قضية إختفاء الصحفي السعودي جمال الخاشقجي وماأثاره ويثيره من ردود فعل متباينة، يعمل الاعلام الايراني الرسمي على إغتنام وإقتناص هذه الفرصة للنيل من السعودية والدور السعودي من جانب والسعي الحثيث من أجل تأليب الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا ضد السعودية، رغم إننا نميل الى إن طهران تسعى أيضا لإستغلال هذه القضية في سبيل تخفيف الضغط والترکيز الاعلامي الدولي ضدها.
بسبب من الدور السعودي في الوقوف ضد الدور والنفوذ والتوسع الايراني في المنطقة الى جانب دورها في الوقوف بوجه المد الاخواني”المتناغم الى حد کبير مع مد ولاية الفقيه”، فإن هناك أشبه مايکون بتنسيق إعلامي مبرمج بين الطرفين، مع ملاحظة إن طهران ستکون المستفيدة الاکبر من ذلك، فهي تسحب خلفها الکثير من الفضائح والملفات المثيرة المتباينة المتعلقة بإنتهاکات حقوق الانسان والمخططات والعمليات الارهابية الخاصة بتصفية الخصوم في داخل وخارج إيران، ولعل العملية الاخيرة التي إستهدفت التجمع العام للمعارضة الايرانية في باريس في 30 من يونيو/حزيران الماضي والتي کان يقودها السکرتير الثالث للسفارة الايرانية في النمسا، نموذج صارخ بهذا السياق.
السعي لتوظيف قضية الخاشقجي وجعلها تسير في ممرات ومنحنيات لاتتعلق بها، هدف للنظام في إيران قبل أي طرف آخر، خصوصا وإن هذا النظام شعر ويشعر بإنزعاج کبير من الدور الاعلامي العربي عموما والسعودي”الذي له ريادة واضحة”، في فضح المخططات الايرانية في المنطقة والتدخلات السافرة فيها ولاسيما فيما يتعلق بالتجاوزات والانتهاکات الفاضحة نظير قصف معارضيها في داخل الاراضي العراقية کما جرى خلال الاسابيع الماضية، إضافة الى إن هذا الاعلام قد إهتم أيضا ورکز على النضال الذي يخوضه الشعب الايراني والمعارضة الايرانية من أجل الحرية والديمقراطية، ولذلك فإن الاعلام الرسمي الايراني يحاول جهد إمکانه الاستفادة من قضية الخاشقجي وتضخيمها وتهويلها وبقناعتنا فإنها تعمل بجهود إضافية من أجل الدفع بإتجاه التضييق أکثر فأکثر على السعودية متصورة بأن ذلك سيساعد في تخفيف الضغط الاعلامي الکبير عليها وإخراجها من عزلتها القاتلة ونود هنا أن نذکر لمن لايعرف أو قد نسى وماشابه، إن لطهران يد وباع في مجال عمليات الخطف والاغتيال السياسي، ويکفي أن نذکر هنا عملية خطف المعارضين الستة الايرانيين من معسکر أشرف في الاول من أيلول/سبتمبر2013، والذي قامت بها قوة القدس ولايزال مصيرهم لحد يومنا هذا مجهولا.
قضية الخاشقجي مهما تکن فإنها ستنتهي وترسي على حال، ولايمکن أبدا أن تٶثر على السعودية ودورها الکبير في المنطقة والعالم خصوصا وإن الدور السعودي يعمل وبعکس الدور الايراني من أجل إستتباب الامن والاستقرار في المنطقة والعالم، لکن إيران التي يمکن وصف حالتها بمخاض تغيير لامناص منه لأن کل عوامله ودوافعه وأسبابه باتت متوفرة وفي مقدمتها شعب تواق للتغيير ومعارضة قوية تعتبر بديلا قائما للنظام.