على الرغم من أن الناس عمومًا يتمتعون بحسن النية ويميلون للتصرف بحس سليم، إلا أنه هناك أوقات يصبحون فيها ساذجين حد الغرابة أو يتصرفون بوحشية وغباء غير متوقع. فنرى العديد والعديد من الناس يتعرضون للخداع بكل بساطة، وتكثر هذه الحوادث التي قد يصدق فيها أي شخص ليس لديه الوعي الصحيح والكافي، أو من يبحث عن حل سهل لمشاكله، وما أكثرهم.
مثال آخر هو الوقائع التي نرى فيها الحشود الصاخبة الغاضبة التي سرعان ما قد تفقد زمام نفسها وأفعالها بما لا يمكن السيطرة عليه مما يؤدي أحيانًا إلى عواقب وخيمة. بعض هذه الحوادث مضحكة، وبعضها قد يجعلنا نشعر بالسخط، والبعض الآخر يتركنا في حالة صدمة. فيما يلي أمثلة على بعض أعمال الغباء الجماعي الذي ستتعجب منه بكل تأكيد.
1. في عام 1957، عندما بثّت هيئة الإذاعة البريطانية تقريرًا إخباريًا خادعًا حول كيفية زراعة السباغيتي، اتصل مئات المشاهدين لمعرفة المزيد من المعلومات والسؤال عن كيفية زراعة “شجرة معكرونة” بأنفسهم.
في يوم كذبة نيسان عام 1957، عرض برنامج الشؤون الجارية Panorama في قناة بي بي سي مشاهد لعائلة في جنوب سويسرا تجمع محصولها الناجح من السباغيتي من على شجرة. كان ذلك خلال «مهرجان الحصاد» التقليدي في البلاد وحدث نقاش حول كيفية تربية السلالة الأفضل التي يمكن أن تنتج سباغيتي بطول مثالي.
الخدعة هي إحدى بنات أفكار المصور (تشارلز دي جايجر)، الذي تذكر كيف قام مدرسوه بمضايقة زملائه في الفصل لكونهم أغبياء لدرجة أنهم سيصدقون، إذا قيل لهم، أن السباغيتي تنمو على الأشجار. كما أصبح الأمر أكثر واقعية بسبب التعليق الصوتي للمذيع المرموق (ريتشارد ديمبلبي).
في خمسينيات القرن الماضي، لم تكن المعكرونة طبقًا معتادًا في بريطانيا وكان معظم الناس يعرفونها فقط من خلال تناولها معلبة مع صلصة الطماطم. ما يقدر بثمانية ملايين مشاهد رأوا العرض، في اليوم التالي، اتصل المئات منهم بالإذاعة للتشكيك في صحة القصة أو لطلب مزيد من التعليمات حول زراعة السباغيتي. وبحسب ما ورد أخبرتهم الـ BBC أن “يضعوا عود معكرونة في علبة من صلصة الطماطم وأن يأملوا في الأفضل”.
2. في خمسينيات القرن 19، تنبأ نبي من قبيلة (كوسا) في جنوب إفريقيا أنه إذا دمرت القبيلة محاصيلها وقتلت كل ماشيتها، فإن الأرواح سنقتل المستوطنين الإنجليز في البحر. أطاعت القبيلة النبوءة ما أدى لمجاعة أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف.
وُلدت (نونجكواوس) عام 1841، وكانت يتيمة تبناها عمها الذي عمل أيضًا كمترجم فوري وراعٍ لرؤاها. في نيسان 1856، ادعت أن أرواح أسلافها ظهرت لها وزعمت أنها أخبرتها بوجوب قتل شعب كوسا Xhosa لماشيته وتخريب محاصيله ومصادر ثروته وحتى طعامه. في مقابل تضحياتهم، ستدمر الأرواح المستوطنين البريطانيين، وباستثناء قلة قلية، بدأ الكوسيون بأكملهم بكل جنون في قتل المواشي بعد سماعهم النبوءة.
ادعت (نونجكواوس) أن وعد الأرواح سيتم الوفاء به في 18 شباط 1857. عندما لم يحدث شيء، ألقى أتباعها باللوم في البداية على أولئك الذين لم يطيعوا تعليماتها، لكن سرعان ما توجهوا لها. في أعقاب تلبية النبوءة، انخفض عدد السكان من 105.000 إلى 27.000 بسبب المجاعة الشديدة. وقد تم تسليم النبية إلى ضابط بالجيش البريطاني لكنه أفرج عنها بعد فترة.
3. في عام 1958، انطلق الرئيس الصيني في حملة دفعت الصينيين إلى قتل الملايين من العصافير كونه اعتبرها آفة زراعية. بحلول عام 1960، تضخم عدد الجراد والحشرات الأخرى مما ساهم في وقوع المجاعة الصينية الكبرى التي قتلت أكثر من 20 مليون شخص.
كجزء من الحملة الاقتصادية والاجتماعية المسماة “القفزة العظيمة للأمام”، قدم الرئيس (ماو تسي تونغ) “حملة الآفات الأربعة”. كان الهدف من الحملة هو القضاء على البعوض المسؤول عن الملاريا والقوارض التي تسبب الطاعون والذباب المنتشر والعصافير آكلة بذور الحبوب والفاكهة.
حُبًا بالقائد قرع المواطنون القدور أو الصواني أو الطبول لإخافة العصافير بشكل دائم حتى لا يتاح لها فرصة الراحة. نتيجة لذلك، اصيب العديد من العصافير بالإرهاق ما أدى لموتها. قام الناس أيضًا بتدمير أعشاشهم وبيضهم وفراخهم، حتى أن البعض لم يوفر صيدها وإطلاق النار على الطيور في كل فرصة تسنح له.
وقد لا تصدق لكن العديد من العصافير لجأت إلى السفارة البولندية حيث لم يُسمح للصينيين بالدخول، فأحاط هؤلاء الناس بالمبنى عازمين. بعد يومين من قرع الطبول المستمر، بات هناك الكثير من العصافير الميتة لدرجة أن البولنديين استخدموا معاول لإزالتها. وفقا لراديو بكين، قتل أكثر من ثلاثة ملايين طائر في بكين وحدها. نتيجة لذلك، وبدلاً من زيادة محصول الأرز، فقد انخفض بشكل كبير.
كانت الحملة شرسة وعلى نطاق واسع لدرجة أنها ساهمت في اختلال التوازن البيئي في الصين إلى جانب أنشطة أخرى جاءت مع «حملة القفزة العظيمة للأمام». فمع عدم وجود عصافير تتغذى على الحشرات، زاد عدد الجراد. بحلول عام 1960، أدرك المسؤولون أن العصافير لم تأكل الحبوب فحسب، بل كانت تأكل أيضًا عددًا كبيرًا من الآفات الأشد سوءًا.
4. أقنع رجل زَعم أنه ضابط شرطة عبر مكالمات هاتفية مديري أكثر من 70 مطعما ومتجرا القيام بأعمال مريعة. حدثت عمليات الاحتيال على مدى 10 سنوات حتى عام 2004، وتم الإبلاغ عن مثل هذه المكالمات في 30 ولاية أمريكية.
وردت التقارير الأولى عن مثل هذه المكالمات في عام 1992 في نورث داكوتا ونيفادا. منذ ذلك الحين، تلقت العديد من مطاعم الوجبات السريعة مثل McDonald’s وBurger King وApplebee’s وTaco Bell ومتاجر البقالة مثل Winn-Dixie مكالمات هاتفية من رجل يدعي أنه ضابط شرطة أو شخصية أخرى ذات سلطة. حيث عمد للاتصال بالمدير أو المشرف لطلب مساعدتهم في احتجاز موظفة أو زبون ارتكب جريمة مشتبه بها.
في إحدى الحوادث التي وقعت في فرع لماكدونالدز بكنتاكي، خلعت المديرة ملابسها أمام الزبون حيث أقنعها المتصل أن العميل كان مشتبهًا في ارتكاب جريمة جنسية وأنها ستكون بمثابة “طعم” حتى تتمكن الشرطة من اعتقاله. في حادثة أخرى، خلع المدير ملابسه لعميلة تبلغ من العمر 14 عامًا وأجبرها على أداء أعمال بذيئة حيث أقنعه المتصل بعملية تحقيق في تعاطي المخدرات. في عام 2003، في فرع آخر لماكدونالدز، تم إجبار المديرة على تفتيش امرأة وهي عارية في الحمام وإحضار موظف ذكر لإجراء تفتيش في تجويف جسم المرأة بحثًا عن مخدرات مخفية.
خلال واحدة من حوادث عام 2004، أدرك أحد الموظفين أن المكالمة كانت احتيالية واتصل بالشرطة مما أدى إلى اعتقال (ديفيد ريتشارد ستيوارت)، وهو موظف في شركة Corrections Corporation of America. على الرغم من أنه كان مشتبهًا به، إلا أنه لم يتم تقديم اتهامات له بسبب عدم وجود دليل مباشر. تم رفع العديد من الدعاوى القضائية واتهامات بجرائم جنسية ضد المدراء والمطاعم من قبل الضحايا، وكان على بعضهم الخضوع لاضطراب ما بعد الصدمة، كل ذلك لأنه صدقوا ببساطة مكالمات من محتال.
5. في الثمانينيات من القرن الماضي، باعت شركة A&W وجبة بوزن 1\3 رطل من البرغر لمنافسة برغر ماكدونالدز ذو 1\4 رطل ونفس السعر. لكن العملاء فضلوا ماكدونالدز لأنهم اعتقدوا أن 1\3 أصغر من 1\4، وبالتالي كانوا يحصلون على لحم أقل.
بعد نجاح ماكدونالدز مع «برجر كوارتر باوندر» (110 جرام) في عام 1972، قررت سلسلة مطاعم A&W تحقيق نجاح أكبر من خلال تقديم برغر بوزن ثلث رطل (150 جرام) بنفس السعر. لم يقتصر الأمر على تقديم المزيد من اللحوم، ولكن في اختبارات الذوق الأعمى، سجلوا أيضًا درجات أعلى من منافسهم بكثير.
على الرغم من أن العملاء فضلوا نكهة A & W على ماكدونالدز في اختبارات التذوق، إلا أن المبيعات لم ترتفع أبدًا. عندما طلبوا دراسة الأمر وإجراء استبيان، وجدوا أن نصف الأشخاص الذين فضلوا ماكدونالدز يعتقدون أنهم يدفعون مبالغ زائدة مقابل ثلث رطل من البرغر فقط عند شرائهم من A&W.
6. في عام 1637، أصاب الناس في هولندا الهوس بالزهور لدرجة أنه تم مبادلة بصيلة واحدة من الزنبق بطن من الزبدة، أو 450 كيلوجرام من الجبن، أو 12 رأسًا من الأغنام. في النهاية، وصل الأمر إلى النقطة التي دفع فيها الناس 10 أضعاف الأجر السنوي لحرفي ماهر مقابل زهرة خزامى واحدة.
كان “جنون التوليب”، كما يُشار إليه غالبًا، فترة خلال العصر الذهبي الهولندي اُعتبرت أول فقاعة مضاربة أو فقاعة اقتصادية مسجلة في التاريخ. فبعد تقديم الزنبق لأول مرة في عام 1554 في فيينا من الإمبراطورية العثمانية سرعان ما انتشر في مدن أوغسبورغ وأنتويرب وأمستردام. كان لون بتلات الزنبق المشبع الكثيف نادرًا جدًا في أوروبا حتى ذلك الحين، وقد عُدّ رمزًا للمكانة، وقد تزامن ذلك الوقت مع صعود اصحاب الثروات التجارية في هولندا.
أصبح التوليب عنصرًا فاخرًا مرغوبًا فيه ودلالة على الثروة والترف، وخلال القرن السابع عشر بات سوق أزهار التوليب أحد أبرز أسواق العقود الآجلة. بلغ جنون التوليب ذروته في شتاء 1636-1637، وبحلول شهر شباط من عام 1637، انخفضت الأسعار بشكل كبير ومفاجيء.
7. في نيسان 2013، بعد تفجيرات ماراثون بوسطن، انضم أكثر من 3000 متابع على موقع Reddit إلى منتدى بحث و”حددوا” الفاعل بصفته طالب أمريكي فُقد في آذار. تم العثور على جثته بعد أيام قليلة من تحديد هوية المشتبه بهم الفعلين في التفجير والقبض عليهم.
فُقد (سونيل تريباثي)، وهو طالب جامعي في جامعة براون، في 16 آذار 2013 فحمَّلت عائلته مقطع فيديو على يوتيوب وأنشأت صفحة على فيسبوك للمساعدة في البحث عنه. في اليوم التالي لتفجير ماراثون بوسطن، أنشأ أحد روّاد موقع Reddit صفحة لتوحيد المعلومات المحيطة بالأحداث من أجل تحديد الجاني.
بحلول 17 نيسان، انضم 3000 شخص إلى الصفحة لجمع مصادر تخص التحقيق. وبعد أن نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي صورًا للمشتبه بهم، تم اعتبار أحد أعضاء الموقع الذي اسمه Sunil مشتبه به محتمل بعد ملاحظة التشابه. على الرغم من وجود قواعد تحظر تسمية المشتبه بهم بدون دليل، إلا أن الرواد، نظرًا لأنهم يفتقرون إلى الخبرة ويغمرهم الحماس والغضب، لم يحذفوا المنشور.
سرعان ما بدأ الناس في محاولة تهديد أسرة (تريباثي) ونشروا رسائل غاضبة على صفحة الفيسبوك. لكن وفي نفس اليوم، أطلق الجناة الحقيقيون النار على ضابط شرطة وقتلوه. في اليوم التالي، قام عدة مراسلين لمواقع معروفة بتغريد تهم على أن المشتبه به الرئيسي هو (سونيل تريباثي) وقد حظي ذلك باهتمام وسائل الإعلام الرئيسية.
في 23 نيسان، تم العثور على الشاب ميتًا، عائمًا في نهر Seekonk بولاية رود آيلاند. وقد أكدت الأسرة على أن سبب الوفاة هو الانتحار.
8. أثناء ذعر عام 2000، اعتقدت العديد من المجموعات والأفراد أن نهاية العالم قد حانت، فتحصنوا بوسائل واستراتيجيات النجاة وقاموا بتخزين الطعام والأشياء الأخرى اللازمة للبقاء على قيد الحياة في تلك الفترة العصيبة.
بينما كانت الحكومة والشركات التي تعتمد على أجهزة الكمبيوتر تحاول إصلاح مشكلة الألفية وكما تعرف بـمشكلة Y2K أو خطأ الألفية، كانت العديد من المنظمات الدينية الأصولية المتشددة ومهووسي البقاء على قيد الحياة والطوائف والجمعيات ومنظري المؤامرة يستغلون الخوف لتحقيق مصالحهم.
وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، ادعى القس (جيري فالويل) أن مشكلة الألفية هي تأكيد للنبوءة المسيحية ونصح بتخزين الطعام والبنادق. كما حققت بعض الوزارات والقادة المسيحيين البارزين دخلاً من خلال بيع مجموعات وعدة خاصة لذلك اليوم ودليل نجاة ومولدات كهربائية وكتيبات النبوءات المطبوعة وغيرها من البضائع.
9. في عام 2000، أُجبرت طبيبة أطفال بريطانية على الفرار من منزلها عندما اعتقد بعض السكان المحليين خطأً أن اسمها الوظيفي يعني أنها كانت تمارس الجنس مع الأطفال وقاموا بتخريب منزلها.
عملت (إيفيت كلويت) كمستشارة متدربة في مستشفى رويال جوينت بمدينة نيوبورت جنوب ويلز بتخصص طب الأطفال Paediatrics، عندما قامت مجموعة من الغاضبين الذين ظنوا أنها متعدية على الأطفال، بسبب التشابه بين الكلمتين في الإنكليزية، رسموا رسومات على نوافذها بكلمة “paedo” وكتبوها على الجدران بينما كانت غائبة عن منزلها. كما وقعت هجمات مماثلة في السابق في أعقاب احتجاجات مناهضة للاعتداء الجنسي على الأطفال وحملة للتشهير بالمعتدين وفضحهم.
10. في عام 2008، قام حشد من متسوقي الجمعة السوداء بسحق أحد موظفي وول مارت حتى الموت عندما اقتحموا أبواب المتجر. كما تعرض رجال الشرطة الذين كانوا يحاولون أداء الإنعاش القلبي الرئوي للدهس من قبل الحشد المتلهف للحصول على الخصومات.
توقعًا لحشود ضخمة، شكّل بعض موظفي Walmart في لونغ آيلند بنيويوك سلسلة بشرية في الساعة 5 صباحًا عندما تم افتتاح المتجر. ومع هذا، لم يتمكن ذلك من إيقاف الحشد. فسرعان ما أُطيح بـ (بجديميتاي دامور) البالغ من العمر 34 عامًا أرضًا وبدأ الحشد يمشون فوقه، بل وشرعوا في القفز على المتاريس وتحطيم الأبواب.
كان على زملاء (دامور) القتال من أجل تجاوز الناس وحمايته، لكنه كان بالفعل في حالة خطيرة. حاول المسعفون إنقاذه، بيد إنه توفي في الساعة 6:03 صباحًا. وعندما حاولت الشرطة والموظفون إخبار الحشد أنهم مضطرون للمغادرة لأن موظفًا قد مات، صاح بعض الأشخاص، “لقد كنا ننتظر منذ صباح الجمعة! ” واستمروا في التسوق. كما أصيب عدد قليل من الأشخاص الآخرين، بينهم امرأة حامل في شهرها الثامن، بجروح.