التحرکات المکثفة والملفتة للنظر التي أجراها ويجريها لسفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، لايمکن النظر إليها على إنها عفوية وبريئة ولاسيما بعد لقاءه بقادة أحزاب وتيارات عراقية وبشکل خاص المقربين من طهران، خصوصا وإن هذه التحرکات قد بدأت بعد الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي من أن العراق ملتزم بالعقوبات الأميركية على إيران، مشيرا إلى أن المصالح العراقية.
تحرکات ولقاءات مسجدي إقترنت أو بالاحرى کانت متزامنة تماما مع دعوة الميليشيات العراقية التابعة لطهران بكسر الحصار على إيران، بل وحتى إنها متزامنة أيضا مع ما طالب به النائب الايراني “محمود صادقي” عبر حسابه الرسمي في تويتر، إنه بعد وقوف العراق إلى جانب العقوبات الاقتصادية الأميركية ضد إيران، على الحكومة تفعيل دعوى ضد العراق لحرب الثماني سنوات، للحصول على نحو مليار دولار كتعويضات عن الحرب، وبطبيعة الحال يمکن إعتبار کل هذه الامور بمثابة مناورات أولية إيرانية تتسم بالنعومة والليونة، ذلك إنها لو لم تنفع في دفع السلطات العراقية للخضوع للمشيئة الايرانية، فإن مناوراتها ستنتقل خطوة أکبر للأمام، خطوة تترجم فيها طهران إمتعاضها ورفضها من الموقف الرسمي العراقي المساير للعقوبات الامريکية في الشوارع والازقة والساحات العراقية، ولإيران أذرع کثيرة ومختلفة في العراق!
الاستفادة الکبرى التي حظت بها إيران من الاراضي والاجواء العراقية أيام العقوبات الامريکية في عهد أوباما وماکان يقال بأن وزارة النقل التي کان هادي العامري زعيم ميليشيا بدر، وزيرا لها، کانت في خدمة إيران، بل وإن البعض کان يذهب أبعد من ذلك عندما کان يٶکد بأن الالتفاف الايراني من العراق على العقوبات الامريکية وقتئذ کان العامل الاکبر في إفراغها من تأثيراتها المطلوبة، ولاريب إن القادة الايرانيون کانوا يطمحون الى أن تبقى الساحة العراقية منفتحة أمامهم بصورة أو أخرى لاأن يجدونها مغلقة کما يوحي قرار الحکومة العراقية بذلك.
الطرف الاکثر تضررا من اللعب الايراني في الساحة العراقية منذ الاحتلال الامريکي للعراق، هو الشعب العراقي الذي يبدو إنه ليس تحمل عناء أخطاء المغامرات المختلفة للنظام الايراني ودفع أثمانها بل وحتى إنه قد تحمل جانبا کبيرا من أعباء تدخلاته في سوريا إذ إن الحکومة العراقية برئاسة نوري المالکي يومئذ، لم تکتف بإرسال أفراد الميليشيات العراقية للدفاع المزعوم عن المراقد الشيعية في سوريا بل وبحسب ماقد أکدته العديد من الاوساط وقتها، فقد ساهمت حکومة العراقية بدفع جوانب من التکاليف الباهضة للمغامرة الايرانية في سوريا، وإن الشعب العراقي لايرغب أبدا بإعادة هکذا سيناريو أبدا، خصوصا وإن التظاهرات العراقية في المحافظات الجنوبية والوسطى لها علاقة بصورة أو أخرى بالتدخلات الايرانية السافرة في العراق والتأثير السلبي على الاقتصاد العراقي بل وحتى إن هناك عملية ربط مابين الفساد الکبير المستشري في العراق ومابين التدخلات الايرانية، وفي کل الاحوال فإن المناورات الايرانية الجارية على الجبهة العراقية لو يتم السماح لها بأن تحقق النتائج المرجوة فإن ذلك بمثابة نصر للشعب العراقي وبالعکس فإنه سيکون بداية سلسلة مصائب کبرى تعود بالعراق مجموعة أعوام أخرى الى الوراء!