أدى رفع سعر صرف الدولار في العرق إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق، مسبباً موجة سخط شعبية جديدة على السلطة وآليات إدارتها للبلاد.
وكان البنك المركزي، قرر في 19 ديسمبر الحالي، رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة من 1182 ديناراً إلى 1460 ديناراً، للدولار الواحد.
وأوضح في بيان، أن أسباب إصدار قراره تعود للأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا وتدهور أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية، والعجز الكبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف، وإعادة خصمها لدى البنك المركزي وبمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى.
يقول شوان صباح الذي يمتلك محلاً لبيع المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية في أربيل شمال العراق، إن القرار تسبب بمشكلة كبيرة في الأسواق خاصة بين البائع والمشتري وبين الدائن والمدين.
ويوضح لـ”ارفع صوتك”: “أنا واحد منهم، حيث اشتريت بضاعة لمحلي بالدين بنحو عشرة آلاف دولار قبل خفض سعر الدينار، أي عندما كان سعر الـ 100 دولار يساوي 120 ألف دينار، وأبيع البضاعة بالدينار العراقي لذلك يجب أن أحول ما أجنيه من دينار إلى دولار كي أعيد المبلغ للتاجر وعند التحويل اتكبد خسارة كبيرة، لأن سعر 100 دولار أصبح في السوق نحو ١٤٣ ألف دينار، وسيرتفع أكثر خلال الأيام المقبلة”.
“من سيعوضني عن هذه الخسائر؟” يسأل صباح.
ولم تهدأ أسواق العراق منذ إصدار القرار، فأسعار السلع وبمختلف أنواعها تواصل الارتفاع يوميا، فيما تشكو غالبية المواطنين من تأخر الرواتب وتراجع الدخل بسبب جائحة فيروس كورونا.
من جهته، يقول كيوان إبراهيم من السليمانية شمال العراق أيضاً، إن الحكومة “فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة الملف الاقتصادي للبلاد، فالمواطن هو المتضرر الرئيسي من سياستها، ويدفع الثمن دائما”.
ويضيف “يجب على الحكومة أن تتراجع عن قرارها بأسرع وقت لأنها اثقلت كاهلنا كثيرا”.
وإلى الموظف الحكومي صابر عباس، من العاصمة بغداد، يقول لـ”ارفع صوتك”: “لم تعد الرواتب التي نستلمها قادرة على توفير حاجاتنا اليومية خلال شهر. أصبحنا في أزمة ستكون كارثية خلال الأشهر المقبلة”.
ويشكك حيدر الربيعي، وهو الآخر موظف حكومي، في نية الحكومة وقرار رفع أسعار الدولار أنه لمصلحة المواطن ولإنقاذ البلاد من الازمة الاقتصادية.
ويقول لـ”ارفع صوتك”: “هذا القرار لا يصب في مصلحة العراقيين وإنما صدر استجابة للأطراف السياسية الموالية لإيران، إذ تستغل أوضاع العراق لتهريب الدولار إلى إيران وحلفائها في المنطقة، بينما نحن أبناء البلد وضعنا سيء للغاية”.
ورغم خشيتهم من أن يكون العام المقبل 2021 صعبا عليهم من الناحية الاقتصادية، إلا أن الكثير من المواطنين يترقب المصادقة على الموازنة العامة؛ بحثا عن بصيص أمل.
وفي نفس السياق، يقول الخبير الاقتصادي، خطاب عمران الضامن، إن الاقتصاد العراقي “يغوص” في أزمة اقتصادية تبدو طويلة الأمد في ضوء بنود موازنة عام 2021.
ويوضح لموقع “ارفع صوتك”: “لاحظنا في الموازنة استمرار تضخم النفقات العامة مقابل انخفاض الإيرادات العامة، حيث ارتفعت النفقات العامة التشغيلية من 90 ترليون دينار خلال عام 2020 إلى حوالي 122 ترليون دينار في مسودة موازنة العام المقبل، وسط عدم سيطرة الحكومة على إيرادات المنافذ الحدودية وغيرها من الإيرادات العامة الأمر الذي يعني استمرار العجز في الموازنة وارتفاع حجم الديون العامة وفوائدها”.
“واستمرار تضخم النفقات بما لا يتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية والمالية للعراق، يشكل خطورة بالغة على هيكل الاقتصاد برمته، بالتالي على الأسرة العراقية اعتماد التقشف لمواجهة ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للدينار العراقي” يتابع الضامن.