علياء البياتي (38 عاماً)، نتيجة خضوعها للتقاليد المجتمع التركماني المحافظ، تركت الدراسة في مراحلها الأولية، ثم تزوجت، لكنها لم تستسلم لهذا القدر، وكافحت من اجل اكمال دراستها وخدمة مجتمعها.
الزواج المبكر
“تزوجت في احدى قرى القريبة من مدينة الموصل، وتركت الدراسة، وبعمر 18 عاماً اصبحت ربة منزل حالي حال الكثير من النساء، لا افعل شيء سوئ إتمام واجبات المنزل، إلا ان حلم اكمال الدراسة لم يفارقني للحظة” تحدثت البياتي عن القيود التي فرضت عليها من قبل اسرتها في عمرا مبكر.
“عندما كنت ارى زميلاتي ممن أكملن المشوار الدراسي، وانا في المنزل أتأسف كثيرا لذلك” ولفتت إلى كونها تركت الدراسة في الصف الثاني المتوسط بعد ظروف خاصة.
عندما كنت ارى زميلاتي ممن أكملن المشوار الدراسي، وانا في المنزل أتأسف كثيرا لذلك
لكن حلم العودة لمقاعد الدراسة بقي يراودها لـ 12 عاما، خلال تلك المدة انجابت ثلاث أطفال، حينها قررت العودة للمدرسة، والانضمام للدراسة الخارجية رغم مسؤوليتها اتجاه اطفالها ونظرة المجتمع التركماني المحافظ.
“انتِ متزوجة! ماذا ستستفادين من الشهادة؟”، “الشهادة والدراسة ليست بشيء اساسي ومهم للمرأة المتزوجة”، “انتِ لن تصلي لما تريدين” هذه بعض العبارات التي كانت تسمعها البياتي من افراد قريتها ليضعفوا عزيمتها ويقللوا من اهمية ما تخطو اليه بشان دراستها.
اجتياز الحواجز
“هذه الكلمات التي كانوا يقولونها لي أصبحت الدافعية الكبرى والنقطة المفصلية التي جعلتني اكثر إصرارا، واستطعت اجتياز امتحان مرحلة الثالث المتوسط بمعدل يقارب 75%، وكل هذا باعتماد على جهودي ومعلوماتي الخاصة بدون اي دروس خصوصية”، تقول البياتي.
بعد ذلك بأربعة سنوات قدمت على الامتحانات الصف السادس العلمي، رغم وضعها الصحي المتقلب نتيجة حملها بطفلها الرابع، الا انها كانت اكثر اصرارا لاكمال مشوارها الدراسي.
وتعرضت حينها للنقد والتقليل من امكانياتها من قبل المحيطين والمجتمع، نتيجة تأجيل امتحانها بمادة الرياضيات، لكنها نجحت به بالدور الثاني للامتحانات، وبعدها قبلت في كلية القانون بجامعة النور الاهلية في ناحية برطلة.
شبح النزوح كاد يقضي على حلمها الدراسي
عند مباشرة بعامها الجامعي الأول، انجبت طفلها الخامس، وكانت سعيدة كون الجامعة قريبة من منزلها مما يساعدها في الاعتناء بأطفالها.
لكن الرياح سارت بعكس ما خططت اليه، فسيطرة تنظيم الدولة “داعش” على مناطق واسعة من نينوى، ومنها ناحية برطلة، مما دفعها ذلك للنزوح إلى مدينة أربيل.
وتنتقل الجامعة إلى مقرا بديل في قضاء شيخان، واصبح الامر معقد وصعب لامراة في هذا الظروف، الا ان ذلك لم يزحزحها عن حلمها بارتقاء بشهادة جامعية واستمرت بالدراسة.
فيديو تتحدث علياء البياتي خلاله عن وضع الاقليات في سهل نينوى / اعداد منظمة MRG
“سوبر ماما”
“كنت سوبر ماما؛ اعمل في ثلاثة اتجاهات وهي اعمال المنزل ومسؤولية ورعاية اطفالي الخمسة وتدريسهم، والعمل في منظمات المجتمع المدني، اضافة الى دراستي الجامعية والامتحانات، كل ذلك في آن واحد”.
كنت سوبر ماما؛ اعمل في ثلاثة اتجاهات
حاليا، تعمل البياتي بشكل مجاني ضمن برنامج قانوني لمنظمة اوديسا لتطوير المرأة، وترافعت في المحاكم عما يقارب 600 قضية، واغلب القضايا التي عملت عليها كانت استخراج هويات احوال الشخصية، او الزواج، او حالات الطلاق.
بعد استعادة الموصل من سيطرة داعش، انشاءت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) تنشر عليه معلومات قانونية وتقدم من خلاله الاستشارة القانونية للنساء.
ورشحت لانتخابات مجلس النواب العراقي عام 2018، ضمن قائمة “التحالف الوطني الديمقراطي”، لكن تم التلاعب بنتائج الاصوات التي حصلت عليها كتلتهم حسب ادعاء البياتي، وتقول ان “الاصوات بيعت بشكل علني”.
وأكدت ان “العملية السياسية بشكل عام تفتقد للنزاهة”، لذلك لن ترشح للانتخابات مرة أخرى اذا بقى “الفساد” على ما هو عليه الان.
وهي حاليا بصدد التقديم لمعهد القضاء العالي، وتطمح مستقبلاً لتكون قاضية في احدى المحاكم.
ودعت الشباب من الجنسين إلى “عدم السماح لأي احد بإحباطك وتقليل من عزيمتك ولا تتردد في وضع هدف برأسك واسعى لتحقيقه”.
ايناس حسن