اليوم سوف يرحل عام 2020 في ظل مستجدات ومتغيرات إقليمية ودولية متلاحقة، مستجدات ومتغيرات ينتظر أن تلقي بظلالها على علاقات إقليم كوردستان وسياساته الخارجية ومسعاه للتقارب من خلال تطوير الحل السياسي للمشاكل العالقة مع بغداد، علی أمل أن يحل تلك المشاكل و يعم السلام والاستقرار في ربوع إقليم كوردستان و العراق وعموم المنطقة، لا سيما أن الأول من شهر كانون الثاني هو يوم السلام العالمي.
لقد تسببت ترکة کورونا “ کوفيد –19” في تصعيد الصراع الإقتصادي المحتدم بين القوی الكبری في العالم، لذا تؤمن القيادة الكوردستانية بأن هذه الأزمة الإقتصادية، التي يمر بها الإقليم والعراق، تفرض علی الطرفين تعزيز لغة الشراكة، وليس الصراع وتسخير الثروات لبناء وتجاوز الأزمات والتخفيف من التوترات، فمشکلات العراق لا تعالَج بالمعاداة ومعاقبة الكوردستانيين، بل بإقامة نظام معتدل مدني يحترم القيم الإنسانية والقومية والدينية العامة، نظام خال من تسلط المیلیشيات المسلحة الخارجة عن القانون و بالعمل علی إعادة الإعتبار للعمل المشترك والتسليم بالمساواة والندية والتكافؤ بين مكونات المجتمع العراقي والإعتراف بحق المجتمع الكوردستاني في تقرير مصيره و أقداره والقضاء الجدي علی الفساد الذي طال أدق تفاصيل الحياة و تحقيق إصلاح سياسي ببعد إنساني يغلّب مصلحة الشعبين الكوردستاني والعراقي على ما سواها. فالصراعات والحروب و نشر لغة الإکراه وعدم إحترام الرأي والرأي الآخر تخدم القوی التي تضمر الشرّ للشعبين في العراق وحقهما في الحياة و بناء المستقبل.
السياسة الدولية تشهد حالة من الإنهيارات والتحولات الهيكلية وهناك حركات مناهضة في العالم و دعوات لحل النظام العالمي الليبرالي الأحادي الذي قادته الولايات المتحدة، واستبداله بآخر متعدد الأقطاب.
فالصين مثلاً تحاول إحياء نظامها الإمبريالي التقليدي الخاص بها في منطقة الشرق الأوسط و روسيا تسعی لتوسيع منطقة نفوذها العسکري في محيطها. السؤال هو، هل أمامنا فعلاً نموذج جديد آخذ في الظهور، نموذج يسعی في صهر الدولة السياسية والقومية الثقافية والإقتصاد التجاري في بوتقة واحدة؟
هذه المستجدات والمتغيرات الإقليمية والدولية تدفعنا لنقول بأن إقليم كوردستان بحاجة الی صياغة عقد سياسي جديد للسنة المقبلة، فما عاشە شعب كوردستان خلال السنوات الماضية يتطلب من القيادة الكوردستانية الحکيمة والواعية بمسؤولیتها التاريخية فتح حوار بناء ومثمر مع کافة القوی السياسية الوطنية في الإقليم و خارجه بهدف الإنخراط الجاد في عمل وطني جامع ومواجهة تحديات بناء مستقبل واعد للإقليم.
نحن كشعب كوردستان واجهنا خلال السنوات الأخيرة تحديات جسيمة کالإرهاب الداعشي وتمکننا من أفشال خطط أعداء شعبنا الرامية للنيل من مكتسباتنا وإنجازاتنا، لذا يجب علینا أن نعمل علی تأصيل إنتصاراتنا في الواقع الإجتماعي والنفسي و نقف کالبنيان المرصوص خلف قياداتنا الكوردستانية الحکيمة والشجاعة ونتعاطی مع الحقائق بمسؤولية كبيرة ونستمر بالتواصل في بناء مشروعنا الوطني، الذي هو الأفق القادم.
فبناء الإقليم و مستقبله مرتبط بمجتمعنا السياسي، الذي هو مجال تتشكّل فيه مظاهر بناء الدولة ومؤسساتها و له دور بليغ في توجيه واستيعاب الحراك الاجتماعي والارتقاء به اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وحمايته أمنياً.
القيادة الكوردستانية الحکيمة في الإقليم حريصة كل الحرص علی التنوع والتعدد المؤطرة بقيم حقوقية تكفل المواطنة والتعايش السلمي المشترك وتحمي حقوق وحريات المکونات الأثنية والدينية والهويات الأخری.
إذن بمناسبة قدوم العام الجديد علينا أن نتکاتف کي يبقی إستقرارنا الأمني ونساند هذه القيادة الواعية، التي تبذل جهوداً جبارة لإستقرار كوردستان وإستمرار الأمن والأمان.
وختاماً: أتمنى لجميع أبناء شعب كوردستان والعراق كل بودار الخير في الحياة المعيشية الكريمة، آملاً أن يعم السلام والرخاء والأمن ربوع بلدنا الجميل، بلد العيش المشترك.