يجري في الأسابيع الأخيرة من كل سنة، تقييم أهم الاكتشافات والانجازات في مجالات الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية. وهنا سنذكر اهم الاكتشافات الفلكية لعام 2020.
ونبدأ بما هو متعلق بكوكب المريخ
كان الموقع النسبي لكوكب المريخ والأرض في صيف عام 2020، مناسبا لإطلاق المركبات والأجهزة الفضائية. وقد استغل الإنسان هذه الفرصة وأطلق ثلاث بعثات إلى الكوكب الأحمر في نفس الوقت.
وكان أولها إطلاق القمر الصناعي الإماراتي “الأمل” الذي مهمته دراسة الغلاف الجوي لكوكب المريخ. وهو بهذا أصبح أول مسبار عربي بين الكواكب.
وانضمت الصين إلى دراسة الكوكب الأحمر بإطلاق أول روفر Tianwen 1 ومسبار فضائي. وفي حال نجاح Tianwen 1 في مهمته ستصبح الصين ثاني دولة بعد الولايات المتحدة يهبط جهازها ويعمل على سطح المريخ.
ومن جانبها أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” إلى الكوكب الأحمر البعثة “مارس-2020” التي تضم العربة المريخية Perseverance ، لدراسة تربة الكوكب بصورة مفصلة وكذلك البحث عن الحياة. وترافق هذا الروفر على كوكب المريخ طائرة مروحية Ingenuity، التي تعتبر أول جهاز أثقل من الهواء مهمته التحليق في الغلاف الجوي لكوكب آخر.
ومن جانب آخر استمرت الأجهزة الفضائية العاملة على الكوكب الأحمر في دراسة الكوكب بصورة مكثفة، وكشف أسرار باطنه. وقد نشر الفريق المشرف على مشروع InSight دراسة شاملة ومفصلة، ما سمح باكتشاف أشياء مثيرة للاهتمام والتعرف على البنية الداخلية للكوكب. كما اكتشف الخبراء تحت طبقة الجليد منظومة بحيرات للماء السائل على سطح المريخ.
الحصول على الأحجار من السماء
تبين أن عام 2020 المنتهي كان مثمرا للمهتمين بدراسة ترب الكواكب الأخرى. ففي شهر ديسمبر 2020، رمى المسبار الياباني “هيوبوسا -2” بكبسولة إلى إلى الأرض تحتوي على عينات من تربة وصخور الكويكب رويغو، ألذي أصبح ثاني كويكب بعد “إيتوكاوا” تصل تربته إلى الأرض.
وحققت الصين نجاحا كبيرا في هذا المجال، فبعد أن جمع المسبار Chang’e-5 عينات من تربة القمر ، عاد بنجاح إلى الأرض وهو يحمل أول عينات من تربة القمر منذ عام 1976.
المسبار الصيني على سطح القمر
ويذكر أن المسبار OSIRIS-REx الذي أطلقته ناسا، من المقرر أن يعود إلى الأرض عام 2023 وهو يحمل عينات من تربة الكويكب بينو.
آلهة الحب تعطي الأمل
وحقق علماء الفلك في عام 2020 اكتشاافا غير متوقع، حيث عثروا على الفوسفين في سحب الغلاف الجوي لكوكب الزهرة. وقد درس الخبراء مختلف السيناريوهات المحتملة لمصدر هذه المادة، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديده. مع العلم أن الكائنات الحية، هي مصدر هذه المادة على سطح الأرض. فهل تعيش البكتيريا في سحب الغلاف الجوي لكوكب الزهرة؟
و يبدو أن الخبراء أغفلوا بعض الطرق الغريبة لتكوين الفوسفين في ظروف كوكب الزهرة، وهذه مسألة تحتاج إلى دراسة مفصلة. وقد أعلن الملياردير الروسي يوري ميلنير عن استعداده لتمويل هذه الدراسة، بما فيها إرسال مسبار إلى الكوكب.
المغناطيسية الكونية
رصد الباحثون مفاجآت عديدة عام 2020 للنجوم المغناطيسية (نجوم نيوترونية ذات مجال مغناطيسي فائق الشدة). فمثلا اكتشف علماء الفلك نجما مغناطيسيا اتضح أنه أقوى مغناطيس في الكون. بالإضافة إلى هذا، النجوم المغناطيسية هي مصدر الإشارات اللاسلكية الغامضة، التي حيرت العلماء فترة طويلة.
و أثبت علماء الفلك الروس عام 2020 أصل النيوترينوات الكونية ذات الطاقة فوق العالية وسريعة الانتشار، الذي أقلق العلماء خلال عشر سنوات كاملة.
والآن يمكن اعتبار أن الضيوف الغامضين يأتون إلينا من محيط الثقوب السوداء الهائلة. وقد أثبتت مجموعة علمية مستقلة هذه الحقيقة أيضا.
وترتبط بالثقوب السوداء أضخم تيارات تدفق المادة في الكون المعلوم. وهذه التيارات الكونية التي يحركها ثقب أسود هائل الكتلة، تحمل في كل ثانية طاقة أضخم من المنبعثة من مجرتنا بمئات المرات.
والاكتشاف الآخر، كان اكتشاف أعظم انفجار في الكون (صحيح هذه العملية تستمر مئات ملايين السنين، ولكن بالمقاييس الفلكية يمكن اعتبارها انفجارا). وقد أنشأ هذا الحدث “حفرة ارتطامية” يمكن أن تضم 15 مجرة بحجم مجرتنا. والمسبب لنشوء هذه “الحفرة” هو ثقب أسود أيضا هائل فائق الكتلة.
نوافذ في هاوية
تصدرت الثقوب السوداء الهائلة عناوين العديد من المواضيع العلمية في دراسات الفضاء والكون عام 2020 . فمثلا : علماء الفلك يكتشفون اندماج ثقوب سوداء هائلة الكتلة. ويبدو أن العلماء رصدوا لأول مرة توهجا ضوئيا من اصطدام الثقوب السوداء، وغيرها.
ثقب اسود
وكان الحدث الأهم في عام 2020 هو اكتشاف أقرب ثقب أسود إلى الأرض، ولكن لا يزال الجدال جاريا بين الخبراء بشأن ذلك.
وانتهت في عام 2020 مهمة التلسكوب الفضائي TESS، الذي صمم للبحث عن كواكب خارجية. وقد تمكن هذا التلسكوب خلال سنتين من اكتشاف أكثر من ألفي كوكب، ولكن لم يتم تأكيد وجودها جميعها من قبل خبراء مستقلين باستخدام معدات مختلفة. وهذا إجراء معتمد عند البحث عن كواكب خارجية. لأنه لا يوجد من هو معصوم من الأخطاء.
وتجدر الإشارة، إلى أن تلسكوب TESS اكتشف الكوكب الأول خارج حدود القرص الرقيق للمجرة . وبفضل بيانات سلفه كيبلر، اكتشف علماء الفلك كوكبا كثير الشبه بالأرض.
وكانت سنة 2020 مثمرة لرسامي الخرائط الفضائية، حيث نشر علماء الفلك في عام 2020 خريطة ضخمة ثلاثية الأبعاد تضم مليارات المجرات. كما سجل العلماء رقما قياسيا في سرعة اكتشاف المجرات، حيث اكتشفوا مليون مجرة خلال أسبوعين واضافوها إلى كتالوج النجوم والتاريخ.
كما يجب أن نشير إلى خارطة القبة السماوية التي رسمها المرصد الروسي- الألماني “Spektr-RG” باستخدام الأشعة السينية.
وتستمر السماء في إذهالنا كما أذهلت من قبل مئات آلاف السنين أجدادنا. ولكن علماء الفلك في الوقت الحاضر تسلحوا بتلسكوبات وأجهزة حساسة جدا وكمبيوترات عملاقة ولديهم العديد من الطرق والوسائل البارعة. والكون تحت هذا الضغط المستمر يرد على أسئلتهم، دون أن ينسى توليد أسئلة كثيرة وجديدة في نفس الوقت.