الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتكيف سيصف أريك هوبسباوم الحقبة التي يمر بها العالم اليوم لوظل على قيد الحياة؟؟ ...

كيف سيصف أريك هوبسباوم الحقبة التي يمر بها العالم اليوم لوظل على قيد الحياة؟؟ : عادل حبه

1917-1912

يعتبر إريك هوبسباوم واحداً من أعظم المؤرخين في القرن العشرين. ولد في مدينة الأسكندرية-مصر، من أصول بولونية – نمساوية في عام 1917. وأضطر في الثلاثينيات ومع الموجة الفاشية والنازية في أوربا إلى الهجرة إلى بريطانيا والتجنس بجنسيتها، وتوفي في لندن عام 2012 عن عمر ناهز الخامسة والتسعين. وقد شغل منصب رئيس كلية “بيركبك” في جامعة لندن، كما أنه عمل كبروفسور فخري في “ذي النيو سكول” للبحوث الإجتماعية في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. وتشمل قائمة مؤلفاته الطويلة ثلاثيته الشهيرة عن القرن التاسع عشر الطويل، وهي : كتاب “عصرالثورة”(Age Of Revolution)، في أوروبا في فترة 1789 – 1848″، الذي صدر في العام 1962، وكتاب “عصر رأس المال (Age of Capital)، 1848 – 1874″ الذي صدر في العام 1975، وكتاب “عصر الإمبراطورية (Age of Empire): 1875 – 1914″ الذي صدر في العام 1987. كما تشمل القائمة كتاب “عصر التطرف (Age of Extremes) في القرن العشرين: 1914- 1991″ الذي صدر في عام 1994. كما كتب هوبسباوم الكثير من الكتب والمقالات وكان آخر ما ألفه “كيف نغير العالم”(How to Change The World) ونشر في عام  1994.

 

أتقن أريك هوبسباوم اللغات الألمانية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والايطالية، وكان يطالع الكتب البرتغالية والكاتالونية. التحق أريك هوبسباوم بصفوف الحزب الشيوعي البريطاني عام 1936 في فترة دراسته في جامعة كمبريدج لنيل شهادة الكتوراه لإطروحتة حول “الجمعية  الفابية”، كما إلتحق بالنادي الاشتراكي في جامعة كامبريدج. وظل في صفوف الحزب الشيوعي حتى عام 1956، وغادر الحزب بعد تدخل القوات السوفياتية في الأحداث التي جرت في هنغاريا. ولكنه ظل متاثراً بنهج كارل ماركس وفلسفته ونظرته إلى التاريخ، إضافة إلى تأثره بإطروحات القائد الشيوعي الإيطالي إنطونيو فرانسيسكو غرامشي وفلسفته ونظريته السياسية ووجهات نظره في علم الإجتماع والتاريخ، خاصة تلك التي كتبها عندما كان في السجون الإيطالية.

ثقافت أريك هوبسباوم الموسوعية وقدراته المعرفية مكنته من الغور في عمق أحداث التاريخ، وخاصة تاريخ القرن التاسع عشر الأوربي، كمحلل وليس كمؤرخ سردي وراوي للتاريخ. فقد بحث في ظواهر التاريخ الأساسية والأحداث الكبرى المؤثرة في حياة الناس في المجتمعات البشرية، وصنفها وحلل أسبابها المباشرة وغير المباشرة، وربط بعضها ببعض على نحو متكامل، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً، وعرض حصيلتها كصورة للواقع البشري في حقبات تاريخية، أضفى عليها سمة وصفة محددة…حقبة الرأسمال…حقبة الامبراطورية….حقبة الثورة ليختتمها بحقبة التطرف. وبذلك أحتل أريك هوبسباوم منزلة رفيعة في علم التاريخ الماركسي. أنه على عكس البعض الآخر، فقد حقق هوبسباوم هذا الاعتراف الأوسع به دون الوقوف ضد أو التراجع عن الماركسية أو منهج ماركس. ففي عام الـ 1994 نشر كتابه بعنوان (How to Change the World)، وهو يعد دفاع قوي عن أهمية منهج ماركس التاريخي في أعقاب الانهيار المصرفي 2008-2010. وعلاوة على ذلك، فقد بلغ ذروة مكانته في وقت كانت فيه الأفكار والمشاريع الاشتراكية التي حركت الكثير من كتاباته لأكثر من نصف قرن في حالة من الفوضى التاريخية والتراجع.

أريك هوبسباوم رحل، ولم ير الغرائب في هذا العالم المفعم بالغرائب التي نعيشها الآن كي يسِمَه، ويصف الحقبة التي تمر البشرية بها. ماذا سيقول عن د. ترامب الرئيس الأمريكي، ورئيس أول دولة ديمقراطية في العالم، الذي لم يبق على أية إتفاقية دولية دون أن يتخلى عنها، إتفاقية البيئة واليونسكو وإالاتفاقية النووية بين الدول الأوربية وأمريكا مع إيران وغيرها. كما ألتف على هيئة الأمم المتحدة وقراراتها، فلم يحترم أي من مواثيقها، وساهم في تهميش هذه المنظمة الدولية التي تأسست على أنقاض وخراب ومجازر الحرب العالمية الثانية، والتي لم يعد لها الآن أي دور في حل المشاكل الدولية والحفاظ على السلام والأمن في كوكبنا جراء تصرفات هذا الرئيس الأمريكي. فهذا الرئيس يتبرع بالجولان تارة والضفة الغربي لإسرائيل ويهدي القدرس الشرقية لها تارو أخرى خلافاً لقرارات الأمم المتحدة. لقد دفع بالعالم إلى حافة الحرب والتوتر الدولي بحيث لم يعد لهذه الدولة “الديمقراطية” أي صديق أو شريك دولي بما في ذلك حلفائها الأوربيين في حلف الناتو، سوى دولة التطرف الإسرائيلي. وهو لا يبحث مع ضيوفه الأمور السياسية، بل يخرج من أبطه صور الدبات والصواريخ والطائرات العسكرية، شأنه في ذلك شأن دلالي وسماسرة الشركات، كما حصل عند إستقباله الأمير السعودي محمد بن سلمان. والقائمة تطول لهذه التصرفات الغريبة غير القانونية، وكان آخر بلطجة له وقوفه بوجه نتائج الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وإعلانه عدم إستعداده للقبول بنتائجها والتخلي عن كرسيه وسكنه في البيت الأبيض. إنه يريد أرجاع الولايات المتحدة إلى الحقبة التي سبقت حكم أبراهام لنكولن الذي قام بتحرير العبيد في الولايات المتحدة، وإعادة سطوة وبلطجة البيض على الحكم في البلاد.

هذه الفتوة والبلطجة وخرق الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين لم تقتصر على أول دولة “ديمقراطية”، فقد شاع وباء هذه الممارسات الخطرة من قبل العديد من الدول والأحزاب السياسية في العالم، ومنها منطقتنا المنكوبة بهذه النماذج من الحكام. فمثال طيب أردوغان في تركية وولي الفقيه في إيران وممارساتهم في المنطقة وخاجها خير تقليد لبلطجة دونالد ترامب وسلوكه الشعبوي الضار. فهاتين الدولتين تنشر قواتها المسلحة وأذرعها المسلحة في المنطقة وتعرضها إلى مخاطر وضحايا وخراب لم تشهد له مثيل. وتتنافس على هذه الممارسة على تطبيقها وممارساتها أحزاب وتيارات سياسية، وخاصة الدينية المتطرفة منها، ولعل مثال داعش والميليشات العراقية والطالبان وبوكو حرام في نيجريا وحركة الشياب في الصومال وغيرها من فلول القاعدة وأمثالها، مثال دموي آخر على إستفحال البلطجة والتنكر للقوانين والبطش وسفك الدماء التي تعرضت وتتعرض لها شعوب العالم تحت راية مزيفة للدين والإيمان لديني، التي إنتعشت منذ أن بادرت الولايات المتحدة وحلفائها إلى دعم هذه التيارات الدينية المتطرفة بزعم تحرير الشعب الإفغاني من الكفرة السوفييت. فماذا سيطلق أريك هوبسباوم على هذه الحقبة؟ هل هي “حقبة الخارجين عن القانون والبلطجية”، (The Age of Thuggery and bullies)، ربما لأنها صفة تتلائم معسلوك هؤلاء الحكام.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular