سؤال بسيط يخطر في البال . هل يستطيع المواطن ان يمارس حقه الانتخابي بأختياره الحر في الانتخابات البرلمانية القادمة , تحت تهديد سلاح المليشيات ؟ وهل يمكن أجراء الانتخابات في ظل الاوضاع الامنية , التي تسيطر عليها المليشيات المنفلة ؟ وهل من المعقول أجراء الانتخابات نزيهة تحت أشراف المليشيات المسلحة ؟ . ومن يضمن ويتعهد بضمان نزاهة الانتخابات , بعيداً عن التلاعب والاحتيال والتزييف ضمن المناخ المليشياوي السائد ؟ في الارهاب السائد وشراسة المليشيات في القتل والاختطاف والاغتيال , الذي لم يتوقف , رغم وعود السيد الكاظمي بالتعهد بأيقاف العنف الدموي المليشياوي , ومحاسبة ومطاردة القتلة والكشف عنهم وتقديمهم الى القضاء العراقي , وضمان حرية الناس من الرعب المليشياوي القائم . ولم يتحقق ذلك بتقديم قاتل أو مجرم واحد الى القضاء العراقي , فقد اصبح من الصعب والمستحيل , في عرقلة الاعمال الاجرامية . بل أن المليشيات تتحدى وتهدد السيد الكاظمي بالموت وقطع أذنيه . ولم يفعل السيد الكاظمي شيئاً امام شراسة وجبروت المليشيات المسلحة , سوى المهادنة والتجاهل , وغض الطرف بما تقوم به من جرائم ضد نشطاء الحراك الشعبي . ومن ضعف الكاظمي الذي جاء الى الحكم , في سبيل ردع المليشيات وتقزيمها ونزع سلاحها . لكن حدث العكس بسبب ضعفه وهزالته في ضبط الاوضاع الامنية , أن يلتجئ الى ايران ويتوسل بها , أن تخفف المليشيات الموالية لها الضغط عليه . وان توقف ضرب السفارة الامريكية , وايقاف العنف الدموي .
لقد برز ضعف السيد الكاظمي بشكل واضح لداني والقاصي , حين قامت المليشيات في استعراض عنترياتها بالاستعراضات العسكرية في بغداد , ومرت دون اعاقة حتى هددت في اقتحام المنطقة الخضراء . وخلعه كالشعرة من العجين . امام هذا العجز في ردع ارهاب وعنف المليشيات , يحاول السيد الظاظمي شراء سكوت المليشيات بأغرائها بالمال الوفير , رغم الازمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يمر بها العراق . في الموازنة السنوية لعام 2021 , التي تعبر موازنة بأن الرابح الاكبر فيها هي المليشيات , الموازن المالية السنوية بمثابة تدمير وافقار العراق . ومن خلال الارقام الموازنة المالية الرسمية المعلنة , تعطينا الصورة الكاملة ويمكن ايجاز بعضها :
1 – الموازنة المالية لعام 2021 تقدر مالياً بحوالي 156 تريليون دينار عراقي , أي حوالي ( 103 ملياردولار ) . والعجز الموازنة يقدر يبلغ 63 تريليون دينار عراقي أو قيمته ( 43 مليار دولار ) .
2 – الموازنة السنوية تعتمد على الموارد المالية من عوائد النفط بنسبة 96% . حسب سعر النفط في الاسواق العالمية حدد بسعر 42 دولاراً لبرميل النفط الواحد , وبسعر الدولار الواحد 1450 دينار عراقي .
3 – الموازنة المالية لوزارة الدفاع تبلغ 6 تريليون ديناراً
4 – الموازنة المالية لوزارة الداخلية تبلغ 8 تريليون ديناراً
5 – الموازنة المليشيات زادت اكثر من العام الماضي بنسبة 48% , اي من 2 تريليون دينار الى 3 تريليون دينار عراقي , حتى اكثر مالياً من موازنة الوزارات الخدمية الاساسية .
6 – تخفيض موازنة حصة البطاقة التومينية من 4 مليارات دولار الى 500 مليون دولار فقط . في ظل تخفيض قيمة الدينار العراقي بنسبة 20% مقابل تخفيض الرواتب العاملين والموظفين , في ظل الارتفاع الفاحش والجنوني لاسعار المواد الغذائية والمواد الاساسية والخدمات . منها ارتفاع اسعار الكهرباء والبنزين . وكل المؤشرات في ارتفاع نسبة الفقر , اذا كانت نسبة الفقر حسب الارقام الرسمية لوزارة التخطيط لعام 2020 بأن وصلت نسبة الفقر بنسبة 31,7% فكل المؤشرات بأن نسبة الفقر هذا العام 2021 سييتجاوز نسبة 40% .
هذا يعطي صورة بأن المليشيات المسلحة تسيطر على خناق العراق والمواطن , وان مبدأ حصر السلاح بيد الدولة , تحول الى حصر القرار بيد المليشيات . فكيف تجري الانتخابات البرلمانية تحت المناخ المليشياوي المرعب . بدون قانون انتخابي جديد , بدون مفوضية مستقلة خارج الاحزاب والمحاصصة الطائفية . حتى الاحزاب الطائفية التي احترقت ورقتها وتفقست عن بيوض أفاعي بتكوين أحزاب جديدة تحت القيادات القديمة , التي اثبتت فشلها وفسادها , وقادت العراق الى الخراب والتدمير , تحاول تجديد نفاياتها من جديد في قبة البرلمان القادم , وتتفاوض من خلف الكواليس مع المليشيات المسلحة , ان تعطيها فتات من كعكة البرلمان القادم . وتكون معها قلباً وقالباً , وفي السراء والضراء . ضمن هذه الظروف لا يمكن أجراء الانتخابات البرلمانية , ستكون مهزلة وسخرية وتندر امام المجتمع الدولي , لذلك أفضل خيار هو التأجيل الى موعد غير محسوم .
والله يستر العراق من الجايات !!