مع انقطاع الكهرباء خَيَّم الظلام على الخيمة، دخلت احلام خيرو البالغة من العمر (15) سنة الحمام وأغلقت الباب على نفسها ولم تخرج بعدها، بل انضمت الى القصص التراجيدية الت تتكرر في مخيمات النازحين منذ ست سنوات.
عُثِر على جثة أحلام خيرو مشنوقة داخل حمام بيتها الواقع في مجمع شاريا بمحافظة دهوك في 4 كانون الثاني الجاري، لتصبح رابع فتاة وامرأة تلقى حتفها “شنقاً”.
صادق خيرو، شقيق أحلام الذي تناول معها العشاء في مساء الحادث قال بأن “الجميع في البيت كانوا سعداء” واضاف “لم تظهر أي من علامات الاكتئاب على شقيقتي، بعد العشاء انقطعت الكهرباء و بعد ربع ساعة دخلت الحمام ولم تخرج.”
“أول من نادى أحلام كانت والدتي، وهي التي فتحت باب الحمام و رأت أحلام مشنوقة بحبل في رقبتها”، وتابع صادق “شعرنا جميعنا بالصدمة، للآن لا أصدق بأن أحلام قد شنقت نفسها.”
شرطة دهوك أخذت هاتف أحلام الجوال معها لغرض التحقيق ولم تعط أي توضيح حول نتائج التحقيقات.
وفقاً لإحصائية أجرتها قائممقامية قضاء سنجار –مقرها في دهوك- منذ هجوم داعش على سنجار في 3 آب 2014 لحد الآن لقي 250 ايزيدياً في مخيمات النازحين حتفهم بالرصاص أو شنقاً، أغلبهم كانوا من الإناث.
لكن الأرقام التي سُجِّلَت منذ بداية هذا العام تبدو مرعبة، حيث قضى خمسة اشخاص شنقاً أو بالرصاص أربعة منهم إناث، حسب احصائية لمنظمة داك للتنمية التي تعمل داخل المخيمات.
حول الحادث الذي ألَمَّ بهم قال صادق خيرو “ربما يقول البعض بأن ذوي أحلام يخفون معلومات، لكنني أقسم بأننا لا نعرف شيئاً ونشعر بالخجل داخل المجتمع.”
ربما يقول البعض بأن ذوي أحلام يخفون معلومات، لكنني أقسم بأننا لا نعرف شيئاً
وأضاف “قبل شهر، أغلقت أحلام حسابها على فيسبوك، لكنها لم تقل شيئاً حول سبب قيامها بذلك و هاتفها الجوال لا يزال عند الشرطة… نحن بانتظار صدور التقرير النهائي لشرطة دهوك.”
برهان الحاج علي، إداريّ في قائممقامية سنجار قال لـ(كركوك ناو) “أوضاع النازحين تسوء من كل النواحي و احصائيات حالات القتل و الانتحار كثيرة داخل المخيمات، لذا من الضروري أن تقوم المنظمات و الجهات المعنية بمعالجة هذه المشكلة بأسرع وقت.”
“لمعالجة هذه المشكلة يجب توفير فرص عمل للنازحين و فتح بعض مراكز الدعم النفسي داخل المخيمات من أجل معالجة الأشخاص الذين يعانون من اعتلالات نفسية، أو الذين يلجؤون للانتحار لأسباب مختلفة”، حسبما قال برهان الحاج علي.
لا يزال أكثر من 200 ألف نازح ايزيدي أغلبهم يعيشون في المخيمات الواقعة في محافظة دهوك مترددين في العودة الى مناطقهم الأصلية لأسباب عديدة من بينها الظروف الأمنية، وجود ادارتين في القضاء و نقص الخدمات.
سوزان سفر، مديرة منظمة داك للتنمية قالت لـ(كركوك ناو) “شبكات التواصل الاجتماعي و المؤسسات الاعلامية تلعب دوراً سلبياً في ازدياد تلك الحالات، فهي تنشر الحوادث مرفقة بالصور والمعلومات الأمر الذي يصبح عامل تشجيع للذين لديهم نوايا الانتحار، كلما استجدت حالة من هذا القبيل نعرف بأنه ستتبعها حالات أخرى.”
في نهاية عام 2020 أغلقت الحكومة العراقية معظم المخيمات، باستثناء تلك الواقعة في محافظات اقليم كوردستان بموجب اتفاق بين الاقليم و بغداد.
وترى سوزان سفر بأن قرار الحكومة العراقية بإغلاق المخيمات كانت “خطوة سيئة” وأدّت الى “تفاقم حالات الانتحار” داخل المخيمات.
بسبب قرار الحكومة العراقية، انسحبت غالبية المنظمات الدولية من مخيمات محافظة دهوك و أوقفت مساعداتها
“بسبب قرار الحكومة العراقية، انسحبت غالبية المنظمات الدولية من مخيمات محافظة دهوك و أوقفت مساعداتها، فيما أهملت الحكومة المخيمات و لم تتبق مراكز خاصة بالدعم النفسي في أغلب المخيمات، بعد أن كان كل مخيم يحوي على ثلاثة أو أربعة مراكز خاصة بالدعم النفسي”، كما تقول سوزان سفر.
وتضيف سوزان “أكّدنا مراراً بأن الوضع في سنجار يختلف عن المناطق الأخرى وأن النازحين الايزيديين غير قادرين على العودة الى ديارهم…. من الضروري تأمين الخدمات للنازحين و التفكير في كيفية توفير فرص العمل.”