الدراسات الطبية كشفت أن أعدادا كبيرة نسبيا من المصابين بفيروس كورونا يخسرون حاسة الشم بصورة دائمة، وبعضهم بدأ بشم روائح كريهة بدلا من الروائح الجيدة المفترض شمها حين الاقتراب من أشياء مثل الفواكه أو الأزهار. لكن كيف يتعامل العلماء مع هذا الأمر؟
أشارت دراسة جمعت بيانات أكثر من 8400 مصاب بالفيروس في يونيو الماضي إلى أن 41 بالمئة منهم أصيبوا بفقدان حسة الشم، ومنهم 18 بالمئة لم يستعيدوا الشم بشكل كامل حتى بعد مرور أشهر على شفائهم، بحسب تقرير نشر على موقع Nature.
وبسبب شيوع ظاهرة فقدان الشم المؤقت أو طويل الأمد، يفضل الكثير من الأطباء الاعتماد على تسجيل هذا العارض كإنذار بوجود إصابة محتملة وجزء من اختبار تشخيص الإصابة بالفيروس.
وقالت دراسة نشرت على مجلة The Lancet الطبية إن 70 بالمئة من المشتركين في الدراسة من المصابين بفيروس كورونا فقدوا حاسة الشم بشكل مؤقت بعد يومين إلى خمسة أيام من الإصابة.
وقال الباحثون إن فقدان الشم “كان العرض الأكثر نجاحا بالتنبؤ بالإصابة بفيروس كورونا”، من بين كل المصابين الذين تمت دراسة حالاتهم.
لماذا يفقد المصابون الشم؟
واستبعد بعض الباحثين أن يكون سبب فقدان الشم مشكلة تنتج عن مهاجمة الفيروس للدماغ، لأن تشريح الكثير من المتوفين بسبب الفيروس أظهر إنه لم يصل إلى الدماغ إلا لدى نسبة قليلة جدا منهم.
ووجد فريق بحثي من جامعة هارفارد في بوسطن، ماساتشوستس، إن الفيروس يصيب الخلايا العصبية الحسية في الأنف أحيانا، مما يعطل عملها.
واستطاع الفريق الذي يقوده الطبيب سرانديب داتا أن يكتشف أن الفيروس يستهدف مستقبلات تسمى ACE2 على أسطح الخلايا، مما يترك الخلايا العصبية ضعيفة ومحرومة من المواد الغذائية.
كما اكتشف فريق بحثي في إيطاليا إن الرائحة وفقدان الطعم يحدثان في نفس الوقت الذي تزداد فيه مستويات جزيء يسمى إنترلوكين – 6 في الدم، ويرتبط هذا الجزيء بحدوث التهاب.
وفيما تعود حاسة الشم إلى النسبة العظمى من المصابين، سواء بعد مرور فترة قصيرة نسبيا، أو خلال أشهر، فإن هناك بعض المصابين لا يزالون يعانون من فقدان حاسة الشم بعد نحو عام من إصابتهم، مما يشير إلى أن الفيروس قد يكون قتل خلايا الشم.
وأظهرت الدراسات أن فاقدي حاسة الشم يكونون أكثر عرضة بصورة عامة لمخاطر التسمم والاختناق والحريق.
ما هو العلاج؟
وتعمل جمعية بريطانية تسمى AbScent على محاولة اكتشاف علاج لهذه الحالة من خلال إعادة تدريب مجموعات من فاقدي القدرة على تمييز الروائح – يشم أعضاء هذه المجموعة الروائح السيئة من كل شيء”.
وتقوم فكرة التدريب على إعادة تعريف الروائح من خلال التدريب المستمر.
وفي حالات فقدان الشم بسبب الالتهاب، يمكن أن تكون المنشطات الكيميائية مفيدة، بحسب دراسة الجمعية.
ويبحث علماء من جامعة فرجينيا إمكانية تطوير جهاز يزرع في الأنف لاستعادة حاسة الشم، أو على الأقل القدرة على تمييز الروائح السيئة.