مع ولادة السنة الجديدة وبالتحديد في 8/1/2021 تم الإعلان عن تأسيس مجلس إيزيديي سنجار من على قاعة المناسبات في شرفالدين بحضور محفل كبير من وجهاء ومثقفين ورجال دين وممثلين عن النساء والشباب من مختلف التشكيلات الاجتماعية. فبعد الفرمان الأخير في الثامن من اب/2014 والمستمر لغاية الان، كان الواجب يقتضي القيام بمثل هذه الخطوة منذ الايام الاولى بعد الغزو، أوقبل ذلك بأيام لضرورات ذات طبيعة تاريخية مرتبطة بتاريخ الابادات التي سبقت هذه الأخيرة. وفي هذا الصدد لابد من التعرج على تحليل بعض الفقرات التي وردت في البيان الختامي للمجلس.
أولاً: أشار المجلس في بيانه التأسيس على أنه مجلس سياسي واجتماعي وديني، ومن حيث المبدأ فإنه من الصعب التوفيق بين هذه المباديء في بوتقة واحدة، إن لم يكن مستحيلاً إلاّ في الواقع الإيزيدي الذي دوما يجمع ما بين هذه المباديء حتى في التعامل مع أبسط مقومات الحياة لما لضرورة أرتباط وتداخل هذه المرادفات في بعضها البعض.
ثانياً: أشار البيان التاسيسي إلى أن ولادة هذا المجلس جاء بناءاً على الأزمة التي يعيشها العراق واقليم كردستان والشرق الاوسط وتنامي خطابات الكراهية وسياسات الاقصاء وهيمنة فكر الاستئصال والتصعيد والسياسات اللامسؤولة التي دفعت بالايزيديين إلى تأسيس هذا المجلس. وإني إذ أقول بأنه ضرورة بسبب الأزمة التي يعيشها الشعب الإيزيدي في خطابه الاجتماعي والسياسي والروحاني قبل غيرهم. لذا فإن هذا التشخيص إذ يضع الأمور في نصابها إذا ما رافق ذلك استمرارية الفعل الميداني مع هذا المفهوم والثبات على الثوابت مع ترك هامش مهم للمناورة مع المستجدات بقيادة كفوءة مستقرة لا تخضع للابتزاز.
ثالثاً: المجلس هو مشروع فكري وسياسي وحضاري شامل، يلمس هويتنا وقضيتنا وخصوصياتنا الدينية والاجتماعية والثقافية…هنا سنركز على الهوية كشاخص يميز شعب ما عن الأخر، أو مجتمع عن الآخر. هنا نسأل، كيف سيكون تعامل هذا المجلس مع السياسة الكردية في مفصل الهوية كعنصر يميز هذا عن ذاك؟
فإننا إذ نبارك ولادة هذه الفكرة، إلا أنها ستحتاج وقفات ودراسات وزيارات لشرح الكثير من النقاط الغامضة، وخاصة فيما يتعلق بالمسألة القومية لأنها تعتبر الحجر الأساس في مشكلة الإيزيديين في كل من العراق وسوريا وتركيا على وجه التحديد. وعليه نوى بأن المجلس أصبح ضرورة للاسباب التالية
- لضرورة توحيد مجتمع سنجار من هذا التشتت وإعادة ثقته بنفسه بأنه هو الذي أعاد سنجار إلى الحضن وليس غيرهم وبأنه مجتمع حي رغم كل الهفوات التي فاقت طاقتهم في التعامل معها بسبب الملابسات التي رافقت ظروف خلقها. هذا التوحيد يجب أن يكون على اساسين هما: 1. الجانب السياسي المتمثل في الدعوة للجهات السياسية للاجتماع والتوافق على صيغة سياسية مشتركة برؤية مستقبلية و 2. الجانب الاجتماعي المتمثل في الوضع العشائري ومحاولة لم الشمل وترك الخلافات الشخصية جانباً تقديراً لضحايا الإبادة الجماعية التي كنست الجميع بنفس المقدار والمعادلة.
- جاءت ولادته كرد فعل لتدخل الحزب الديمقراطي الكردستاني على وجه التحديد في أختيار (الامير حازم) وبابا شيخ فيما بعد على الرغم من معارضة الايزيديين لهما، ليس لشخصيهما ولكن بسبب ذلك التدخل العلني وعدم احترام ارادة الايزيديين في اختيار رموزهم (الامارة وبابا شيخ).
- الوقوف الكردي الدائم أمام أي طموح إيزيدي في التعبير عن رؤاهم السياسية سواء مع حكومة بغداد أو على المستوى الاقليمي أو العالمي. وكذلك الموقف مع حكومة بغداد التي غضت الطرف عن مأساة الايزيديين بكل مراحلها منذ سقوط النظام ولغاية الان.
- تعطيل عودة النازحين الايزيديين وإهانتهم بالشكل المعروف لسبعة سنوات عجاف والتلاعب بجغرافيتهم بعدما دخل حزب العمال الكردستاني كعبء إضافي لمحنة الإيزيديين وبدعم غير محدود من (حكومة بغداد). فقد كان هذا الحزب يحلم بجبل سنجار منذ عشرات السنوات لتعزيز نضالهم وتواصله مع شمال وشرق سوريا حيث الوجود الكردي المتمركز والمؤيد لذلك الحزب. وقد أتتهم الفرصة على طبق من ذهب وركزوا منذ اليوم الأول على البقاء والاستحواذ على سنجار الذي يعد لهم عمقاً أساسياً واستراتيجياً.
- ظهور مسرحية طريق السبايا للتمهيد للمد الشيعي عِبر سنجار إلى الشام وجعلها طريقة عقائدية للسيطرة على المنطقة بتغيير خارطة جبل سنجار الذي يعتبر عماد أساس الابقاء على الوجود الإيزيدي عبر الزمن.
- طريق الحرير ومشمولية سنجار بجزء منه، وكذلك طريق معبر أوفاكوي الجديد بين العراق وتركيا الذي يعبر من تلعفر والموصل ليغذي باقي محافظات العراق، حيث يعتبر هذا الطريق من الناحية السياسية والاقتصادية عائقاً لعزل سنجار عن طموح مطالبة الكرد بظم اقليم سنجار إلى أقليم كردستان.
لهذه الاسباب وغيرها جاء تشكيل هذا المجلس كضرورة تاريخية وعلى القائمين عليه عدم إدخار أي جهد لبذل أقصى الجهود لطرح الفكرة على الشعب الايزيدي بكافة اطيافه وتشكيلاته والاستئناس بجميع الاراء وخاصة النخبة لكي يخرجوا بمحصلة يمكن الركون اليها واعتبارها نقطة تلاقي لمختلف الخطوط. والله الموفق
علي شيخ سيدو
المانيا في 21/1/2021
تعقيباً على تعليق علي شيخ سيدو على مجلس الأيزيدية في سنجار،
بأختصار:
ثق بالله العظيم وبضحايا الغزو أنا لا رئيس المجلس ولا أعضائه. لكن قرأت بيان المجلس!
– حضرتك تعرف جيداً توحيد الراي والأجماع على الراي في داخل المجتمع اليزيدي صعب جداً وحتى على المواضيع والمسائل الدينية والمصيرية، وسبب هذه الحالة هي موقف ومصالح النخبة المتعلمة والمثقفة بالدرجة الأولى والطبقة الدينية بالدرجة الثانية.
– موضوع محتوى بيان المجلس وبعض المصطلحات مثل الدين والسياسة والمجتمع: المصطلحات الثلاثة لهم الصلة علمية ومباشرة بالبعض. أعتقد بيانهم كان واقعي ومدروس ولها أبعاد وأهداف تنطبقون على واقع القضية اليزيدية والواقع اليزيدي.
هنا أود أسألك كشيخ وكمتعلم وأعتقد كدكتور:
– هل الشيعة في العراق ناضلوا وكافحوا من أجل العلمانية؟
– هل السنة في العراق يكافحون من اجل العلمانية؟
– هل الأكراد ناضلوا وكافحوا من اجل العلمانية؟
– هل قرأت الدستور العراقي جيداً وقرأت الواقع السياسي والأجتماعي للعراق وللمنطقة؟
– هل تردون تطبيق العلمانية ومفاهيم أنشائية غير واقعية على اليزيدية في سنجار المدمرة والمستهدفة داخلياً وأقليمياً أو على النازحين الأبرياء في المخيمات، الذين يعيشون في معانات ومأساة.
– من يريد ان يضحي ويدافع فعلاً من أجل العلمانية في داخل المجتمع اليزيدي؟
– من منكم (الشيوخ والپير والى أخره) يتنازل عن أمتيازاتهم الدينية (الخيرات) من أجل بناء مجتمع مدني وراقي؟
سأختصر الحوار وأقول: علينا جميعاً دعم ومساندة مشاريع ومحاولات اليزيدية في الداخل وخاصة في سنجار، لأن اليزيدية في سنجار مستهدفين داخلياً وأقليمياً. أنا لا أريد أن أراهن على سلباً أن أيجاباً مستقبل وسياسة المجلس، لأنني كما قلت لا أعرفهم. وضروري محاولة أنجاح المحاولة وليست إجهاضها مسبقاً.
وفي النهاية أقترح على الكتاب والمثقفين والمنظمات اليزيدية وأصحاب الخبرات أن يساندوا ويدعموا اليزيدية ومشاريعهم البناءة. أنهم بحاجة اليكم. وأنهم يستحقون الدعم والمساندة.