منذ عدة أسابيع يواظب القادة والمسٶولون في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على إطلاق تصريحات بشأن الموقف من العودة للإتفاق النووي حيث يتم إنتقاء التعابير فيها بدقة والملاحظ في هذه التصريحات إنه وبعد سيل من التصريحات المتشددة التي ترفض المطالب الدولية المطروحة عموما والامريکية منها خصوصا يخرج تصريح فيه الليونة ويدعو للتفاوض، وقد کان آخر هذه التصريحات لوزير الخارجية ظريف الذي أعلن فيه عن رغبته بالتفاوض على کل الامور المطروحة مع ملاحظة إنه إستدرك بأن ماقد طرحه يمثل رأيه ولايعبر عن رأي النظام!
التناقضات الواردة في التصريحات والمواقف المتعلقة بالاتفاق النووي والعودة إليه من جانب مختلف القادة والمسٶولين الايرانيين، ليست أول مرة يلجأ فيها النظام الى هکذا اسلوب، بل إنه کان ولايزال الاسلوب والطريقة المحببة لدى النظام في التعامل مع الامور والقضايا المهمة والحساسة، وهم يريدون من وراء ذلك جس نبض المقابل وتلقي ثمة موقف أو مواقف مقابلة تتقبل جانبا أو جوانبا مما قد تم طرحه في التصريحات المتشددة، بمعنى إن معظم هذه التصريحات سواءا المتشددة أو المتسمة بالليونة منها لاتعکس عن واقع الموقف الحقيقي للنظام وتجسده بل إن جميعها بمثابة مصائد وفخاخ من أجل تصيد مواقف مناسبة لصالح النظام والبناء عليها.
البرنامج النووي الايراني کان يسير بهدوء وبالصورة التي يطمح إليها النظام الايراني لکنها إصطدمت بعقبة کأدادء في عام 2002، کانت بمثابة سکينة في خاصرة النظام وذلك عندما بادرت منظمة مجاهدي خلق في ذلك العام الى إعلان الجوانب السرية في هذا البرنامج والطموحات والتطلعات المشبوة للنظام وهذا ماقد فتح بابا صار بمثابة مشکلة النظام الايراني العويصة وقد عبر عن ذلك مرارا وتکرارا العديد من قادة النظام وأکدوا بأن مجاهدي خلق قد لعبت دورا سلبيا في فضح البرنامج وإحراج النظام ووضعه تحت الاضواء.
النظام الايراني الذي طالما قام بإستخدام هکذا اسلوب في التعامل مع المجتمع الدولي في الامور والقضايا المهمة والحساسة، لايبدو إنه سيتوفق هذه المرة ولاسيما بعد إنکشاف وإفتضاح أمر مزاعم الاعتدال والاصلاح التي لم تعد مقنعة لأحد بل وحتى إن هناك الکثير من المواقف والتصريحات الغربية التي تعلن بکل صراحة بأنه ليس هناك من أي إعتدال وإصلاح في هذا النظام وإن جميع الاجنحة تمثل النظام وتعبر عنه وتسعى الى خدمته وإخراجه من الاوضاع السلبية وهذا مايقلل من شأن هذا الاسلوب والاحتمالات التي يعقدها النظام عليه.