كشف تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 27 يناير/كانون الثاني 2021، أن الدول الفقيرة ستحتاج 3 سنوات على الأقل، من أجل الوصول إلى تطعيمات تكفي كل مواطنيها لمواجهة فيروس كورونا، وذلك وفقاً لتوقُّعاتٍ جديدة ترسم خريطةً لعالمٍ منقسمٍ خلال السنوات القليلة المقبلة، التي ستشهد تطعيماً كاملاً في البلدان المتقدِّمة، بينما تجاهد البلدان الأخرى للحاق بالركب.
حيث يُتوقع أن تحقِّق كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وإسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي القدرة على تطعيم جميع السكان تقريباً بحلول أواخر عام 2021، وفقاً لتقريرٍ تحليلي من وحدة الاستخبارات الاقتصادية التي تعمل في مجال الاستشارات والبحث والتحليل.
الدول الفقيرة وأزمة لقاح كورونا
أغاثا ديرماريس، مديرة التنبؤ العالمي بالوحدة وكاتبة التقرير الخاص بوحدة الاستخبارات الاقتصادية التي تعمل في مجال الاستشارات والبحث والتحليل، قالت في تعليقها على الأمر، والتي أعدت التقرير ، إن هناك 84 دولة تشكِّل أفقر دول العالم، لن تتلقَّى جرعاتٍ كافية لتحصين سكَّانها بشكلٍ كافٍ لمدة عام آخر على الأقل، وهو أمرٌ قد يستمر خلال النصف الأول من العقد الجاري. وقالت: “سيحدِّد ذلك مسارات الاقتصاد العالمي، والمشهد السياسي العالمي، وحركة السفر، وكلَّ شيءٍ تقريباً”.
كانت الإعلانات المتتالية، التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2020، بأن اللقاحات المُرشَّحة آمنةٌ وفعَّالة للغاية، بمثابة ضوءٍ في نهاية النفق، لكن التقرير الذي صدر الأربعاء 27 يناير/كانون الثاني 2021، أكَّدَ أنه في معظم البلدان لن ينتهي تفشي الجائحة إلا بعد عامٍ على الأقل.
معوقات تقف أمام توفير اللقاحات
أما بخصوص العوائق الرئيسة التي تقف أمام ذلك، فهي آليات تأمين مُكوِّنات اللقاح، وقيود الإنتاج، والتأخير في التسليم، وضعف البنية التحتية الطبية في بعض البلدان، ونقص العاملين الصحيين المُدرَّبين للتعامل مع الحقن، من بين أمورٍ أخرى.
التقرير نقل عن أغاثا قولها إن بلداناً مثل الهند والصين، والتي ينتشر فيها عددٌ كبيرٌ من السكَّان عبر مساحاتٍ شاسعة من الأرض، فسيكون الوصول إلى جميع الناس في المناطق النائية جهداً كبيراً.
من ناحية أخرى وُضِعَت التوقُّعات معاً باستخدام نموذجٍ قام بتقييم أكثر من 200 دولة، بناءً على عوامل تشمل صفقات التوريد الحالية والقدرة الإنتاجية وتسليم اللقاحات حتى الآن، وكذلك البنية التحتية لإدارة توزيع اللقاح ومعدَّلات تردُّد الناس في أخذ اللقاح.
أغاثا قالت كذلك، إن الشكوك الكبيرة تجاه اللقاحات باليابان كانت عاملاً في سبب عدم احتمال حصولها على التحصين الكامل هذا العام.
تحالف عالمي لتقاسم اللقاحات
في المقابل فقد كان هناك تشكك لدى تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية حول توقُّعات برنامج كوفاكس، وهو تحالفٌ عالمي لتقاسم اللقاحات، بأنه سيوفِّر جرعاتٍ كافيةً هذا العام لتغطية 27% من السكَّان في البلدان الأعضاء، وضمن ذلك أكثر من 92 من البلدان ذات الدخول المنخفضة.
أغاثا من جانبها أشارت إلى أن هناك كثيراً من الأمل السياسي في أن تتحقَّق الأهداف، لكنها أشارت إلى أن هناك توقعات بتأخر تسليم اللقاحات في الدول الفقيرة.
في المقابل توصَّلَت دراسةٌ صدرت يوم الإثنين 25 يناير/كانون الثاني 2021، إلى أن التوزيع غير المتكافئ للقاحات يمكن أن يستنزف أكثر من تسعة تريليونات دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا العام، عن طريق خفض طلب المستهلكين في البلدان غير المُحصَّنة، حيث لم تُستأنَف الحياة الطبيعية بعد.
غرفة التجارة الدولية سبق أن قالت في تقرير لها، إن عمليات الإغلاق المستمرة وانتشار المرض من شأنهما أن يعيقا سلاسل التوريد العالمية، حيث تتحمَّل الدول الأكثر ثراء والأكثر تحصيناً نحو نصف التكلفة الاقتصادية.
في حين قال الأمين العام لغرفة التجارة الدولية جون دينتون، إنَّ “تقاسم اللقاحات بشكلٍ منصف ليس عملاً خيرياً، بل إنه منطقٌ اقتصادي سليم”. لكن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أشار في معرض حديثه عن اللقاحات، الأيام القليلة الماضية، إلى أن العالم كان على حافة إخفاق أخلاقي كارثي في التوزيع غير المتكافئ للقاحات.