الكاظمي أقال البصري وعدد من القادة الأمنيين على خلفية هجوم بغداد
(الحرة) بغداد – لم يمر قرار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بإقالة قادة أمنيين عقب تفجيري ساحة الطيران في بغداد، مرور الكرام، حيث أعقب ذلك حملة عنيفة وصلت إلى حد المطالبة بـ”طرد” الكاظمي من منصبه.
وكان الكاظمي أصدر الخميس في 21 يناير، عقب التفجيرين، أمرا بتغييرات كبرى في الأجهزة الأمنية، وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، يحيى رسول، إن التغييرات شملت إقالة وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق الركن عامر صدام من منصبه وتكليف الفريق أحمد ابو رغيف وكيلاً لوزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات.
وإقالة عبد الكريم عبد فاضل حسين البصري (أبو علي البصري) مدير عام استخبارات ومكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية (خلية الصقور) من منصبه وتكليف نائب رئيس جهاز الأمن الوطني حميد الشطري بمهام إدارة خلية الصقور وربط الخلية بالقائد العام للقوات المسلحة.
قرار الإقالة هذا نزل كـ”الصاعقة” على الأحزاب والميليشيات الموالية لطهران في العراق، وهذا ما دفع بالمسؤول الأمني لكتائب حزب الله بمهاجمة الكاظمي بشكل عنيف في تغريدة عبر حسابه على تويتر، حيث قال: “استغلال جريمة ساحة الطيران لتصفية الحسابات مع بعض القادة الأمنيين هو خسة ونذالة ويجب أن لا يمر مرور الكرام”، وتابع: “إن كان ولا بد، فإن أول من يجب طرده هو كاظمي الغدر، ومعه شلته المتواطئة في جهاز المخابرات”.
أجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سلسلة تغييرات في صفوف الأجهزة الأمنية والاستخبارية على خلفية الهجوم الانتحاري الذي وقع في ساحة الطيران وسط بغداد، الخميس.
لا تراجع
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير تستمر بعض المواقع الإلكترونية الموالية أو المقربة للميليشيات بالتسويق عبر منصاتها لخبر يزعم أن “البصري باشر بمنصبه بعد إلغاء أمر إعفائه من قبل الكاظمي”.
في المقابل أكدت مصادر مطلعة لموقع “الحرة” أن لا تراجع عن قرار الإقالة “.
تأكيد المصادر، يؤيده الخبير الأمني والاستراتيجي، سرمد البياتي، الذي قال: “نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، حميد الشطري، استلم مهامه اليوم بإدارة خلية الصقور، ولا صحة لأي معلومات معاكسة”.
وترافق الهجوم الكلامي عالي النبرة الذي لاحق الكاظمي بعد إقالة المسؤولية الأمنيين، مع تسريبات عن نية كتل برلمانية (تحالف الفتح – حزب الدعوة الإسلامية) بتقديم طلب لاستجواب الكاظمي في البرلمان تمهيدا لسحب الثقة منه، وهذا ما لا تنفيه المصادر التي تحدث معها موقع “الحرة”.
وهنا يقول البياتي أيضا إن “لا استجابة لأي ضغط سياسي نحو تغيير قرار عزل البصري من منصبه، مهما كان مصدره”، مشدداً على أنّه “لن يحصل أي تغيير في القرارات الصادرة عن الكاظمي في هذا الخصوص”.
وكشفت وثيقة رسمية، عن نص القرار الصادر عن مكتب الكاظمي الذي قضى بإعفاء البصري من مهامه وتعيين حميد رشيد فليح ساهي (حميد الشطري)، إضافة إلى مهامه، بمهام منصب مدير عام الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية خلية الصقور.
من هو البصري؟
لكن الهجوم على الكاظمي والتلويح بسحب الثقة، يطرح تساؤلات عن أهمية البصري، للأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في العراق، فمن هو أبو علي البصري؟
“رجل هادىء وقليل الكلام”، بهذه العبارات يصف الصحفي العراقي، أحمد اليساري، في حديث لموقع “الحرة”، قائد خلية الصقور السابق، والذي يعتبر أنّ “إيران زرعته في وزارة الداخلية لكي يحوّل أجهزة أمن الوزارة إلى عناصر تابعة للحرس الثوري”.
وأوضح الياسري، أنّه “منذ 6 سنوات، استطاع فيلق بدر السيطرة على وزارة الداخلية من خلال البصري، الذي كان من القواعد الأولى لحزب الدعوة في السبعينيات، وهو معلّم من مدينة البصرة، ولا رتبة عسكرية رسمية له”.
والبصري هو من أسس خلية الصقور لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي ومكافحة الإرهاب، ولم يكن لأي من وزراء الداخلية أي سلطة على هذه المجموعة الأمنية التي تمت إدارتها بشكل مستقل، بحسب الياسري.
وأضاف أنّ “هذا الرجل غادر إلى إيران وشارك في تشكيل فيلق بدر، وتدرج سريعاً ليصبح قائداً للفيلق من منتصف الثمانينات إلى نهاية التسعينيات”.
واعتبر الصحفي العراقي أنّ “البصري يمتلك ارتباطات وعلاقات قديمة، فضلاً عن خبرة عمرها سنوات طويلة بإدارة فيلق بدر الموالي لإيران، وهو ممثل وعراب النفوذ الإيراني في العراق، لذلك تم وضعه في وزارة الداخلية”، وتابع: “ولكن لطهران عرابون أكثر ناشطاً من البصري، الذي تنحصر مهمته داخل الأجهزة الأمنية وتحديداً في توظيف ضباط واختراق الشبكات الأمنية وجعلها تابعة لإيران”.
مكانة خاصة لدى إيران
ولفت إلى أنّه “حتى عندما قتل رئيس أركان قوات الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مطلع العام الماضي، تم طرح إسم البصري كمرشح جدي لخلافته”.
وعن أهمية البصري بالنسبة لطهران، قال الياسري إنّ “الاستراتيجية الأمنية في العراق حصل فيها نوع من أنواع التبيان، والإدارة الإيرانية بعدما تمددت من خلال مجموعاتها المسلحة، تريد أن تضع قادة المليشيات في الأجهزة الأمنية لاستخدامهم في خدمة مصالحها الأمنية والسياسية، وحتى التجارية”.
وأوضح أنّه “بعد ثورة تشرين، بات لإيران هاجسا جديدا وهو البديل الأمني للميليشيات داخل الأجهزة الرسمية، وذلك لتغيير البوصلة من الاشتباكات بين الناشطين والجماعات المسلحة التابعة للميليشيات إلى اشتباكات بين الناشطين وأجهزة الدولة”.
وكان الكاتب العراقي علي الجابري كتب عبر حسابه على تويتر: “أبو علي البصري (..) سبق أن اتهم هو وشقيقه عمار في عام 2011، بالمسؤولية وراء فرار 12 من كبار قيادات تنظيم الدولة من سجن في البصرة”، وتابع: “عقدت لجنة الأمن في مجلس النواب العراقي جلسة بهذا الصدد شارك فيها المالكي، الجلسة أثيرت فيها قضية مسؤولية البصري في هروب قيادات التنظيم، ولم يسمح لهم المالكي بإجراء تحقيق وأغلقت القضية نهائيا. في هذه العملية السرية، فرّ 12 من كبار أعضاء تنظيم الدولة المحكوم عليهم بالإعدام من السجن وجرى نقلهم إلى إيران”.
وختم الجابري: “تخيل أن هذا الرجل المتهم بتهريب عناصر تنظيم الدولة وجرائم انتهاك لحقوق الإنسان يتولى مسؤولية خلية الصقور ومدير عام في وزارة الداخلية، فكيف يمكن أن نطالبه بكشف تفجير بغداد الإرهابي؟”.
وكان مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، دعا إلى أهمية إبعاد الملف الأمني عن الصراعات السياسية، وقال بعد يومين على وقوع الانفجارين إنه “من الطبيعي أن تُجرى سلسلة من التغييرات في المواقع الأمنية”.