.
قال تقرير نشرته شبكة CNN الأمريكية، السبت 30 يناير/كانون الثاني 2021، إن عدد الصينيين الذين يتزوجون لأول مرة، انخفض بنسبة 41%، من 23.8 مليون في عام 2013 إلى 13.9 مليون في عام 2019، وفقاً للبيانات الصادرة عن المكتب الوطني الصيني للإحصاء.
حيث يقول المسؤولون وعلماء الاجتماع الصينيون وفقاً للتقرير الأمريكي، إن هذا الانخفاض سببه في المقام الأول هو السياسات الحكومية المصممة للحد من النمو السكاني في الصين والتي تم تنفيذها منذ سنوات، مما يعني أن هناك عدداً أقل من الشباب في الصين متاحون للزواج.
خيبة أمل متزايدة في الصين
فيما أشار التقرير نقلاً عن بعض الخبراء المختصين في هذا الملف، إلى أن هناك تغيراً بالمواقف تجاه الزواج، لاسيما بين الشابات، حيث يشعر بعضهن بخيبة أمل متزايدة من الممارسات الراسخة لعدم المساواة بين الجنسين.
التقرير رصد بعض الحالات محل النقاش حول تراجع نسب الزواج في الصين، مشيراً إلى أن جوان سو، وهي إحدى الشابات الصينيات، كانت قلقة من وصولها لعمر الثلاثين وهي ما تزال عزباء، حيث تعمل “سو” في شركة للتجارة الخارجية بمدينة قوانغتشو جنوب الصين، وتحصل على دخل لائق، لكن بالنسبة لسو ووالديها، كانت العزوبية تمثل مشكلة كبيرة.
الشابة الصينية “سو” تعتبر واحدة من بين عدد متزايد من الصينيين أبناء جيل الألفية الذين يؤجلون الزواج أو يتجنبونه تماماً، حيث انخفض معدل الزواج في عام 2019 بالصين للعام السادس إلى 6.6 لكل 1000 شخص، انخفاضاً بنسبة 33% عن عام 2013 وأدنى مستوى في 14 عاماً.
أزمة سياسة الطفل الواحد في الصين
وزارة الشؤون المدنية الصينية قالت في بيانها الرسمي بخصوص أزمة تراجع نسب الزواج، إن هذا الانخفاض يعود إلى انخفاض عدد الأشخاص في سن الزواج، بسبب سياسة الطفل الواحد، التي اتبعتها الصين منذ عام 1979.
في حين يحذّر الديموغرافيون منذ عشرات السنوات من أزمة سكانية كبيرة سوف تواجهها الصين، حيث بدا عدد السكان في سن العمل بالبلاد في الانكماش، وذلك في عام 2014، لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود.
لكن في العام التالي، أعلنت الحكومة الصينية إنهاء سياسة الطفل الواحد، مما يسمح للأزواج بإنجاب طفلين. لكن معدلات الزواج والولادة انخفضت على أي حال.
التقرير قال إن معدلات الولادة والزواج انخفضت ما بين عامَي 2016 و2019، حيث تقلصت أعداد المواليد من 13 لكل 1000 شخص إلى 10، بسبب حقيقة أن النساء يتحررن وأن جيل الألفية له قيم مختلفة.
انخفاض حاد في معدلات الزواج
من ناحية أخرى فإن التغييرات الديموغرافية ليست قادرة وحدها على تفسير انخفاض المواليد ومعدلات الزواج في الصين، لكن هناك أسباب أخرى، منها أن النساء أكثر تعليماً واستقلالية اقتصادياً.
حيث أشار التقرير إلى أنه في عام 2016، بدأ عدد النساء يفوق عدد الرجال في برامج التعليم العالي، حيث أصبحن يشكلن 52.5% من طلاب الجامعات و50.6% من طلاب الدراسات العليا. وهذا يجعل النساء يعزفن عن الزواج؛ أملاً في تحقيق الذات.
إضافة إلى ذلك، هناك تحولٌ كبير في القيم تجاه الحب والزواج، حيث أصبحت هناك زيادة في القبول الاجتماعي للمعاشرة والجنس قبل الزواج، فضلاً عن توافر وسائل منع الحمل والإجهاض على نطاق واسع، الأمر الذي أتاح للشباب الاستمتاع بعلاقات رومانسية خارج إطار الزواج القانوني.
شراء المنازل للزواج في الصين
كذلك بالنسبة للعديد من العائلات الصينية، حسبما قال التقرير الأمريكي، يعد شراء منزل شرطاً أساسياً للزواج. لكن العديد من الأزواج الشباب لا يملكون ببساطةٍ المال لدفع ثمن مثل هذه الممتلكات باهظة الثمن، ولا يمتلك كل والد ما يكفي من المدخرات للمساعدة.
لكن مع اقتراب أزمة سكانية تلوح في الأفق، أقدمت الحكومة الصينية على إدخال سلسلة من السياسات والحملات الدعائية التي تحث الأزواج على إنجاب الأطفال.
من ناحية أخرى ارتفعت في المدن والقرى شعارات دعائية تدعو إلى إنجاب طفل ثانٍ، لتحل محل الدعاية القديمة التي تهدد بعقوبة صارمة عند انتهاك سياسة الطفل الواحد، فيما لا تشجع السلطات الشباب على الزواج فحسب، بل تحاول أيضاً الحفاظ على الحياة الزوجية للشباب دون انفصال أو طلاق.
التقرير أشار إلى أنه لا يبدو أن أياً من هذه السياسات قد نجحت في عكس اتجاه الانخفاض بمعدلات الزواج حتى الوقت الحالي، حيث نقل التقرير عن بعض الخبراء الصينيين أن جزءاً كبيراً من المشكلة يتمثل في عدم معالجة سياسات عدم المساواة بين الجنسين، التي تمنع الشابات من دخول مؤسسة الزواج والحياة الأسرية.