الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتأوربا تتخذ خطوات تهدد هيمنة الدولار :ترجمة عادل حبه

أوربا تتخذ خطوات تهدد هيمنة الدولار :ترجمة عادل حبه

بقلم يلينا پوستوڤويتوڤا*

المصدر:

يلينا پوستوڤويتوڤا

 

سيقوم رئيس الولايات المتحدة الجديد عجلة مطبعة بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل أسرع من سابقه. وقبل عام، سئمت بروكسل من التنافس مع المنصات الإلكترونية الأمريكية، وقررت أن تعد بحلول خريف عام 2020 استراتيجية لإنشاء نظام دفع موحد من أجل تقليل اعتماد السوق الأوروبية على بطاقة Visa و Mastercard. ولكن هذه المحاولة لم يصيبها النجاح بسبب شيوع وباء الفيروس التاجي. ومع ذلك، مازالت النية قائمة للتحرر من الدولار.

في يوم تنصيب بايدن في 20 كانون الثاني، جرى الترحيب من جهة بالرئيس الجديد للولايات المتحدة الذي وعد بتعزيز الشراكة عبر الأطلسي، ومن الجهة الأخرى أطلقت المفوضية الأوروبية هي الأخرى محاولة جديدة “لاستخدام العملة الأوروبية المشتركة على المستوى العالمي للقضاء على ضعف السوق المالية التي تعتمد بشكل مفرط على الدولار الأمريكي. وستتم مراجعة هذا الإجراء العاجل والموافقة عليه في كانون الثاني.

خطوات أوربية صوب التخلي عن التعامل بالدولار

لقد تمت المصادقة على ما يطلق عليه بالاتصالات الخاصة بالمفوضية الأوروبية. وإن العنصر الثوري في الوثيقة هو أنها تلزم المفوضية الأوروبية كي يبادر شركائها التجاريين “بتحفيز استخدام اليورو واستقراره، وتعزيز مكانة اليورو كعملة أساسية في قطاعات التجارة والطاقة والمواد الخام، وتعزيز تنفيذ وترسيخ سياسة فرض العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي”. وهنا لا يختلف موقف الاتحاد الأوروبي عن جهود روسيا والصين لفك ارتباط اقتصادهما بالدولار، وإجراء المعاملات المتبادلة بالعملات الوطنية. دعونا نذكر أن 8 دول من أمريكا اللاتينية وهما كل من بوليفيا وفنزويلا وهندوراس وكوبا ونيكاراغوا والإكوادور والبرازيل وأوروغواي، قد تخلت بالفعل عن الدولار في التجارة البينية.

إن المجال المتنامي للمدفوعات الإلكترونية الأوروبية، الذي تهاوى بشكل غير رسمي على يد شركات التكنولوجيا الأمريكية، يحفز الاتحاد الأوروبي على إنشاء نظام الدفع السريع الخاص به بشكل مستقل عن النظام القائم بحيث ينمتع بالقدرة على التنافس مع الشركات العالمية. إذ يجب ألا يستمر الإعتماد على الدولار.

لم يكن دونالد ترامب وفيروس كورونا فقط هما ما أجبرا بروكسل على تحقيق النشاط المستقل في الاقتصاد العالمي. فوفقًا لـ New York Project Syndicate، كان اليورو في طليعة من بادر بالهجمات منذ عدة سنوات. وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وبدء شيوع “الوباء”، تم إنقاذ أوروبا الموحدة من الانهيار بمقدار 750 مليار يورو فقط من صندوق الانتعاش المزعوم وإصدار سندات اليورو التي راكمت ديون دول الاتحاد الأوروبي. وهذا ما أجبر بروكسل على تأجيل سياسة “الصفر الأسود”، مما يعني وجود توازن إلزامي خالٍ من العجز لدول الاتحاد الأوروبي.

لقد دفع ترامب مجلس الاحتياطي الفيدرالي لطباعة الدولار طوال السنوات التي قضاها في منصبه. وجلب الضعف المستمر للدولار أرباحاً على الصادرات، وعوّض جزئياً من الأضرار الناجمة عن زيادة المعونات الاجتماعية أثناء “الوباء”. لقد أدار الرئيس الجديد للولايات المتحدة عجلة مطبعة الاحتياطي الفيدرالي بشكل أسرع. وخصص ترامب 600 دولار لكل دافع ضرائب، وأضاف بايدن 1400 دولار لكل دافع ضرائب. إن حزمة التحفيز التي قدمها الرئيس الجديد تستقطب ما يقرب من 2 تريليون دولار، يخصص نصفه لمساعدة المواطنين الأمريكان، و 400 مليار لمكافحة فيروس كورونا وتأمين اللقاحات، والباقي لدعم المتضررين من “الوباء”. وليس لدى الوول ستريت أية شكوك في أن العملة الرئيسية في العالم ستستمر في الضعف. ثم هناك المملكة المتحدة، فمع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانخفاض الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من الثلث، مما سيؤدي إلى ضُعف قيمة الجنيه الإسترليني.

يلتهم الآن جميع المضاربين بالعملات اليورو مثل الكعكة. ولا يرغب البنك المركزي الأوروبي (ECB) اتخاذ خطوات لرفع معدل إعادة التمويل. ويعتبر مشروع “بروجيكت سنديكيت”، في إشارة إلى المضاربين في بورصات العملات، أن البنك المركزي الأوروبي “حول اليورو إلى كبش فداء، وأصبح من السهل عليه الآن إصدار التعليمات”. في الوقت نفسه، فإن المصدرين الأوروبيين هم كقطيع “الماعز”، وهم كذلك، إذ يتعين عليهم تحمل عبء ارتفاع اليورو. ويحتاج الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل إلى البحث عن الفرص لدعم البنوك دون الإضرار بالصادرات. والإجابة على ذلك معروفة معروفة: إذ ينبغي على البنوك أن تحفز الصادرات إلى الأسواق المحلية لمنطقة اليورو..

إن الإيطاليين، إذ يبيعون المزيد من السلع إلى ألمانيا ودول شمال الاتحاد الأوروبي الأخرى، سيكونون أقل اعتماداً على تقوية اليورو. ومع ذلك، فإن هذا لا يعفي الاتحاد الأوروبي من الخطر الرئيسي، فالسوق المالي العالمي يعتمد بشكل كبير على الدولار الأمريكي ليكون قادراً على تخفيف التوترات المالية. ودقت شركة Eurаctiv ناقوس الخطر  وحذرت قائلة: “لقد أثار انخفاض قيم أصول الشركات الأوروبية في السنوات الأخيرة بالفعل مخاطر عمليات الاستحواذ الجائرة لشركات أوروبية استراتيجية” للسيطرة على عملته الخاصة. ويحتاج الاتحاد الأوروبي من أجل السيطرة على عملته أن يعزز استقلاله الاستراتيجي من خلال تقوية الدور الدولي لليورو، وجعل اليورو قادراً على مقاومة الممارسة غير القانونية خارج الحدود الإقليمية للعقوبات من جانب واحد من قبل الولايات المتحدة. وبذلك تبدأ مؤشرات تقويض آخر للقوة العالمية للدولار.

تعتقد المفوضية الأوروبية أن تعزيز دور اليورو سيجلب “استقراراً أكبر للمنظومة الأوربية”، حيث يتنوع نظام سعر الصرف في العالم ويمكن أن يقلل من الصدمات المحتملة جراء السياسة النقدية الأمريكية. لقد حددت بروكسل 15 إجراءاً رئيسياً يجب إتخاذه لتحقيق هذا الهدف. وتشمل هذه الإجراءات استكمال الاتحاد المصرفي للاتحاد الأوروبي، وإحراز تقدم في اتحاد أسواق رأس المال، وتطوير مشتقات السلع المقومة باليورو للطاقة والمواد الخام، وتحفيز الاستثمارات المقومة باليورو، وإجراء البحوث مع النخب المالية والمستثمرين والمنظمات الأخرى لدعم استخدام اليورو كعملة في الحسابات الجارية.

لقد سئمت أكبر في العالم، أي السوق الأوربية، من البقاء تحت رحمة الدولار. ففي سياق الغياب الفعلي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي، يصبح هذا الأمر خطيراً بشكل خاص. ولهذا السبب دعا الأوروبيون بالفعل وزير خارجية الولايات المتحدة الجديد أنتوني بلينكين إلى اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لشبونة في 4 آذار القادم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Elena Pustovoitova – عضوة في اتحاد الكتاب الروس ، ومؤلفة البوابة التحليلية في “صندوق الثقافة الإستراتيجية”.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular