عبدالمهدي يشكل حكومة الكبار وأما الصغار فللمعارضة!
ساهر عريبي
دخلت عملية تشكيل الحكومة الجديدة في نفق المحاصصة منذ أن توافقت الكتل السياسية الكبيرة وفي مقدمتها كتلتي سائرون والفتح اللتان فازتا بالمرتبة الأولى والثانية في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة, إتفقتا على تكليف السياسي المستقل عادل عبدالمهدي بمهمة تشكيل الحكومة العتيدة, متجاوزين بذلك عقبة الكتلة الأكبر التي دار لغط كبير حول تحديد هويتها بعد أن تدخل المال السياسي وإغراءات المناصب لإقناع بعض النواب بترك كتلهم التي فازوا بمقاعد بفضلها, والتحول الى كتل أخرى حتى أصبحت صورة الكتلة الأكبر ضبابية , فضلا عن النزاع القانوني حول كيفية تحديدها.
لقد وصلت الأوضاع على مايبدو ظاهرا و قبيل تكليف عبدالمهدي الى حد ينذر بتفجرها خاصة وأن نواتي كبرى التحالفات أي سائرون والفتح تمتلك قوات مسلحة على الرض , وقد تؤدي تصاعد التوترات بينهما بحسب بعض المنظرين الى دخول البلاد وخاصة في المناطق الشيعية في حالة لا تحمد عقباها. وهو مايفسر توجه السيد مقتدى الصدر بالعودة الى سياسة المحاصصة في تشكيل الحكومة , مؤكدا على ان ”العراق أكبر من الكتلة الكبر“.
وسواء أكانت تلك المخاوف حقيقة ام وهمية جرى تضخيمها من اجل حمل الصدر على القبول بتشكيل حكومة محاصصة, فإن ماجرى أطفأ نيران النزاعات بين الكتل وأخرج البلاد من نفق الكتلة الأكبر المظلم الذي أدخلته فيه المحكمة الإتحادية منذ تفسيرها الشاذ للمادة الدستورية ذات الشأن وذلك نزولا عن رغبة رأس السلطة التنفيذية التي خسرت الإنتخابات في العام 2010, وستظل هذه المعضلة تصاحب كل إنتخابات مقبله وتفتح الباب واسعا أمام المال السياسي لشراء ذمم النواب وترك كتلهم , في ظاهرة فريدة لا مثيل لها في العالم المتحضر. إذ ان النائب المترشح على قائمة حزب أو تحالف نابع من إيمانه بقيم او برامج ذلك التحالف وليس طمعا بالحصول على منصب.
وعلى سبيل المثال فإن السويد تشهد اليوم ازمة حكومية لعدم حصول حزب أو تحالف على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة, ولكن لم يترك نائب أو حزب تحالفه ليرجح كفة الآخر, لأن القيم والمبادئ والبرامج الحكومية التي تعكس الإختلافات الآيديولوجية هي العامل المهم وليس المنصب, فهناك أحزاب تدعم الحكومة التي تتفق مع برنامجها حتى وإن لم تتمثل في الحكومة وكما هو عليه حزب اليسار الذي دعم حكومة الإشتراكيين في السويد طوال السنوات الأربع الماضية دون ان يكون له تمثيل وزاري فيها.
لكن العديد من الأحزاب العراقية والنواب الذين يدعون الإنتماء الى المنظومة الإسلامية لايجدون حرجا في ترك كتلهم والتوجه نحو اطراف أخرى وخيانة كتلهم التي أوصلتهم للبرلمان بل ينقلبوا عليها في اول فرصة سانحة للحصول على منصب وزاري. كما وان بعض التحالفات هي تحالفات النقائض , وكما هو عليه التحالف مع كتلة خميس الخنجر مثلا المتهم بدعم الإرهاب, في حين لاتزال كبرى الأحزاب السويدية أي الإشتراكي والمحافظون ترفض التعاون مع حزب يحمل أفكارا عنصرية من أجل تشكيل الحكومة.
وبالعودة الى تشكيل الحكومة فإن سياسة المحاصصة يبدو حاكمة اليوم على رئيسها ولكن ليس كما كان عليه الحال في الحكومات السابقة, التي كانت تتمثل فيها معظم الكتل والأحزاب وإن كان يتم فيما بعد الإنقلاب على المحاصصة . حيث يهيمن طرف أو كتلة واحدة على الحكومة, وكما حصل في حكومة المالكي الثانية التي إحتفظ خلالها بوزارتي الداخلية والدفاع, فيما سيطر تحالف دولة القانون الذي يقوده على رئاسة الجمهورية بعد مرض طالباني ونيابة رئاسة الوزراء التي تولاها الشهرستاني ووزارة النفط , لعيبي والنقل العامري, وجاسم جعفر وزارتي الشباب والإتصالات والأديب للتعليم العالي, والمالية للصافي وغيرها من الوزارات بالإضافة الى الهيئات والمؤسسات المستقلة التي سيطر عليها إئتلاف دولة القانون ومنها المصرف المركزي, حتى لم يعد للمحاصصة الا وجود ضئيل لكنها استخدمت كشماعة لتعليق الفشل والفساد عليها, إضافة الى الشماعة الأخرى الجاهزة دوما ألا وهي أمريكا!
ويبدو ان السيد عادل عبدالمهدي يحاول اليوم من جهة تشكيل حكومة ترضي الكبار وليس الصغار داخل التحالفات كما وتراعي المحاصصة القومية والطائفية من جهة اخرى. وهذا يعني إرضاء الكبار في كل مكون , إذ لا يمكن تجاوز تحالف سائرون في أي حكومة بالرغم من أن التحالف ترك للسيد عبدالهدي حرية إختيار الوزراء وكذلك فعل تحالف الفتح المكون أساسا من منظمة بدر وعصائب أهل الحق .ولذا فإن الحكومة لابد ان تعكس تمثيلا