تبقى ظاهرة سباق التسلح مستمرة، للترابط العضوي بين شركات القطاع الخاص للصناعات العسكرية ألعملاقة وألأنظمة السياسية القائمة في ألعالم ألرأسمالي( أمريكا وأوربا ألغربية)… يتطلّب تصريف ألمنتجات ألعسكرية ألبحث عن أسواق خارجية، وعملية ألبحث عن تلك ألأسواق تحتاج بدورها إلى خَلقْ بؤر توتر وصراعات ونزاعات إقليمية فيما بين الدول وفي داخل البلد الواحد لتسويق ذلك المنتوج ألمدمّر للحضارة ألإنسانية.
إنّ أهمية توضيح ألإرتباط ما بين مفاهيم[ سباق ألتسلح ونزع ألسلاح وألتنمية]، يعود إلى أربعة عشر عاماً مضَت من خلال تقرير مجموعة خبراء ألدول لدى ألأمم ألمتحدة في 23/6/2014 والمعنوَن[ نزع السلاح وألتنمية، يمثلان ألأداتين ألضروريتين للمجتمع الدولي في ظروف عالم خالٍ من العوز وألخوف].
إنّ نزع السلاح وألتنمية، يُمثلان عمليتين مختلفتين ومستقلتين، وتتواجد فيما بينهما مجموعة أرتباطات متبادلة. ونجاح ألحلول لمشاكل إحدى ألعمليتين، يمكن أن يخلق ألظروف ألملائمة للتقدم في ألأخرى.
لقد غيّرت، بصورة كبيرة، ألأحداث ألمأساوية للعقود العشرة ألماضية في ألسياسة ألعالمية جدول ألأعمال ألدولي. ومنذ قبول ألوثيقة ألختامية ألصادرة في عام 1987 للمؤتمر العالمي ألخاصة بألعلاقة ألمتبادلة بين نزع السلاح وألتنمية، حدثَت تغيّرات جدّية في العلاقات الدولية. ألحرب ألباردة وألمواقف ألمتضادة بين ألغرب وألشرق، عموماً، تراجعت إلى خطة ثانية بألرغم من وجود أصداء في سياسة عدد من الدول. في ظروف ألعالم المتغيّر ديناميكياً، تبرز نداءات وأخطار، وإحدى تلك ألأخطار ألمحتملة هي زيادة الفجوة بعدم المساواة بألتنمية بين ألشمال وألجنوب. إنّ ألدول ألصناعية لم تعترف بألقدر ألكافي بأنّ ألكفاح ضد ألجوع وألتخلف، يمثل واحدة من أهم ألمسائل ألمعاصرة. وعلى ألرغم من ألتقدم ألتقني والنمو ألسنوي ألعالمي للناتج ألمحلي ألإجمالي وألمشاكل ألحقيقية للفقر ألتي تواجهها ملايين ألفقراء في جميع أنحاء ألعالم، جميعها تشهد وتؤكد بضرورة إتخاذ خطوات كثيرة من وجهة نظر ألتنمية ألإجتماعية – ألإقتصادية للكثير منبلدان ألعالم. إنّ غياب ألتقدم في مجال نزع ألسلاح وسباق ألتسلح ألمحتمَل وخاصةً بسبب ألنزاعات ألإقليمية، تشكّل واحدة من ألعوائق ألجوهرية على طريق تحقيق ذلك ألهدف.
وعلى ألرغم من إنخفاض ألتوتر في ألعلاقات ألدولية بألمقارنة مع ذروة الحرب ألباردة، ألكثير من المشاكل ألمتواجدة في ذلك ألوقت، لا تزال تحافظ على أهميتها. إنّ ألنفقات ألعسكرية ألعالمية ألمتقلصة خلال تسعينات ألقرن ألماضي، أخذت في السنوات ألأخيرة بألزيادة لأكثر من 5 بألمئة. في عام 2003، كوّنت ألنفقات ألعسكرية ألعالمية حوال 900 مليار دولار أو 2,6 بألمئة من الناتج القومي ألإجمالي ألعالمي، وحسب ألتصنيف، يجب أن تزداد تلك ألنفقات لحد 950 مليار دولار في عام 2004. لكن ألإستدلال بألأرقام، يمكن أن يكون أكثر لو عُكست ألنفقات ألتي تكبدتها نتيجة ألعمليات ألعسكرية ألواسعة في أفغانستان وألعراق.
في مجال نزع ألسلاح ألنووي وعدم إنتشاره، تبقى مشاكل كثيرة بلا حلول، وفي ألآونة ألأخيرة، ظهرَت نداءات ومخاطر جديدة في هذا ألإطار. لذلك، ظهرَ خطر إنتشار ألتكنولوجيا وألمواد ألحساسة لدى أللاعبين غير ألحكوميين كألمنظمات ألإرهابية وألمتطرفة. ويدعو هذا الوضع إلى قلق ألمجتمع ألدولي، بحيث إضطرَ مجلس ألأمن لدى ألأمم ألمتحدة إلى إصدار ألقرار ألمرقم 1540 إبريل/نيسان في عام 2004 … هنالك عدة دول، تعيش حالة عدم ألإستقرارفي مجال تطوير ألتكنولوجيا ألعسكرية وإمكانية إستفزازات سباق ألتسلح في ألفضاء ألخارجي.
وعلى ألرغم من توقف سباق ألتسلح الواسع لزمن الحرب ألباردة، تبقى تلك ألمشكلة ليست قائمة فقط، إنما تتكثف وتشتد على الصعيد ألإقليمي. تتطلع مجموعة من الدول ألمشاركة في ألصراعات ألإقليمية إلى إمكانية إنتاج أسلحة ألدمار ألشامل المختلفة لتفادي ألأخطار ألمُهددة لأمنها الوطني. إنّ تلك ألمشكلة، تؤثر مباشرةً على الموارد ألضرورية لأغراض التنمية ألإقتصادية وألإجتماعية. عند ألنظر، بصورة منفصلة، إلى مسألة حجم ألإنفاق ألعسكري، غالباً لا تؤخَذ في الحسبان نفقات مهمة أخرى المخصصة للبحوث وتصاميم أنظمة ألأسلحة. عند ألنظر إلى أحد جوانب ألنفقات ألمالية، فإنه يقود إلى عدم ألتقدير ألواقعي للنفقات ألمرتبطة بألإنفاق ألحربي وألإنفاق على ألتسلح. كمثال، إستخدام ألموارد ألبشرية وألفنية لإجراء ألبحوث وألتصاميم وألخدمة للأسلحة ذات ألتقنيات ألعالية وألبرامج ألجديدة [ كبرامج” ألأسلحة النووية ألصغيرة” أو وضع ألأسلحة في الفضاء ألخارجي]، يجعل ألمجتمع أن يتحمل نفقات بديلة كثيرة، كما في حالات أخرى، يكون بإمكان ألعلماء وألباحثين ألتركيز على حلول ألمسائل ألمدنية. هنالك تكاليف كثيرة مرتبطة مع نفقات الفضاء على ألأسلحة وتحويلها وخلق أنظمة ألمتابعة في إطار ألإتفاقيات حول السيطرة على ألتسلح ونزع ألسلاح.
إنّ مجمل تلك ألتكاليف، أيضاً مخصصة لإنتاج أسلحة ألدمار ألشامل ألتي تمثل خطراً كبيراً على ألسلم وألأمن، مثلما في ألبلدان ألمتطورة كذلك في ألبلدان النامية. وهنا يمكن ألإشارة إلى ألتعاون ألدولي في إطار [ ألشراكة ألعالمية] الموجه نحو تعاون عدد من ألدول وفي مقدمتها روسيا، لغرض إعادة تدوير ألإحتياطيات ألمتراكمة. إنّ إنتاج أو حفظ ألأسلحة ألكيمياوية وألبايولوجية أو ألنووية، تتبعه تكاليف مالية وبشرية وبيئية وتكاليف أخرى.
وهنا يجب ألقول، بأن إنجاز ألتقدم ألسريع في هذا المجال هو غير واقعي، وبألعلاقة معه، لا يمكن عدم إقتباس ما ذكره وزير خارجية كوبا( ف. بيرس روكيَ) في خطابه أمام الدورة 59 للأمم ألمتحدة، حيث قال: [ إنّ نزع ألسلاح كلياً بضمنه ألسلاح ألنووي، أصبحَ غير ممكن أليوم. بألرغم من أننا، يجب أن نستمر بألكفاح من أجل نزع ألسلاح. نحن، يجب أن نطالب بأنّ تلك ألـ 900 مليار دولار ألتي تُنفَق على ألأهداف ألعسكرية، يتم إنفاقها لأغراض ألتمنية].