الحديث عن الشهيد الرفيق رزاق خضير عباس “سليم”، ذو شجون، فهو من الرفاق الذين تميزوا بهدوئهم في أصعب الظروف، لم نره ولو لمرة واحدة منفعلاً أو متعصباً، رغم ما مررنا به من ظروفٍ صعبة ومعقدة، تميز بحبه للرفاق وحب الرفاق جميعاً له، فهو الرفيق المتزن والواضح القليل الكلام، لكنه أذا نطق كان كلامه الصواب وحديثه الحكمة والاتزان، كلف بمهام عدة، وكان إداري السرية الخامسة لسنواتٍ طويلة، لمقدرته العالية على تدبير الأمور ولحرصه الشديد على الرفاق واحتياجاتهم، عرفناه بمبدئيته العالية وكتمانه أسرار الحزب ويطرح آراءه بهدوء في التنظيم وبصراحة تامة، لم نره يثرثر هنا وهناك، كنا نتحدث أحياناً عن حياتنا المدنية، وعندما عرف أنني خريج كلية الزراعة جامعة بغداد، أخبرني بأنه أكمل قسم التعاونيات في الجامعة المستنصرية وأنتمى إلى نقابتنا، نقابة المهندسين الزراعيين فتعمقت صداقتنا أكثر، حتى بعد انتقالي الى مقر الفوج كنا نتواصل، لحين وصول خبر استشهاده البطولي التراجيدي الذي أوجع كل من عرفه والتقاه.
كان كثير الكتمان ولا يحبذ التصوير لذا بحثت عن صورة له واتصلت بجميع الرفاق الذين عملوا معه، لكن للأسف لم أعثر إلا على صورة لشاهد قبره في قرية (هه فندكه) التابعة للعمادية وكانت القرية محطة استراحتنا لجمال طبيعتها ولوجود رفاق وأصدقاء للحزب فيها، وتعتبر شبه آمنة، وهناك في تلك القرية التي أحبها وأحببناها يرقد الشهيد سليم ولم يسمح أهل القرية بنقل جثمانه منها لأنهم يعتبرونه من أبنائهم.
تقول بطاقة تعريفه بأن تاريخ الميلاد: 1954 في مدينة كربلاء، وتاريخ استشهاده يوم 9 آيار 1987 في منطقة بهدينان العمادية، استشهد اثناء معركة بطولية وهو يتصدى مع رفاقه الأنصار لأفشال سياسة التهجير الفاشية لشعبنا الكردي، لقد أنفجر المدفع الذي كان يحتضنه بسبب قذيفة ملغومة من قبل العملاء، ومزقت جسده الطاهر، وغادرنا شهيداً رفيقا رائعاً، تاركاً غصة ووجع في قلوبنا جميعا.
ولد الشهيد لعائلة كادحة، أنهى دراسته الجامعية في بغداد في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، وأثناء دراسته أصبح عضو حزبنا الشيوعي العراقي، وعند اشتداد الحملة الفاشية ضد الحزب، التحق مباشرة بالكفاح المسلح ضمن فصائل أنصار الحزب الشيوعي العراقي ووصل مناطق كردستان في 5 حزيران 1979 في بهدينان، فكان من ضمن أوائل الرفاق الذين حملوا راية الكفاح المسلح، أواسط عام 1980 مارس نشاطه الأنصاري في السرية الخامسة/ المستقلة في الفوج الثالث قاطع بهدينان. ساهم في العديد من عملياتها العسكرية طوال سنوات عديدة.
تمتع الشهيد بأخلاق عالية فكان نموذجا للخلق الشيوعي والدأب والتفاني في تنفيذ واجباته الحزبية والعسكرية كلف بالعديد من المهمات والمسؤوليات، كان آخرها عضوية اللجنة الحزبية لسريته ومكتبها الحزبي، عضو لجنة قضاء.
لروح الرفيق الشهيد (سليم) رزاق خضير عباس، الراحة الأبدية، نم قرير العين يا رفيقي، لقد قدمت الكثير وضحيت بأغلى ما تملك من أجل رفعة راية حزبك، وكنت خير من جسد الخلق الشيوعي، وتركت أثراً لا يمحى في قلوب جميع رفاقك الذين عايشوك.
لك المجد والخلود.