اسطنبول – تحاول تركيا التغطية على خسائر فادحة في العتاد والأرواح تكبدتها خلال عملية عسكرية بدأتها في شمال العراق في 10 فبراير/شباط وأعلنت اليوم الأحد فجأة عن نهايتها، متهمة حزب العمال الكردستاني بقتل 13 من مواطنيها كانوا محتجزين لدى المنظمة التي تصنفها أنقرة وواشنطن وبروكسل “منظمة إرهابية” إلا أن الأخيرة أوضحت في بيان نشره موقع مقرب منها أن القتلى الـ13 عناصر من المخابرات والجيش التركيين وأنهم قتلوا في الغارات التركية.
الحكومة التركية أن يثير مقتل 13 من مواطنيها في شمال العراق سواء كانوا مدنيين حسب روايتها أو عسكريين حسب رواية حزب العمال الكردستاني، الرأي العام التركي وسط حالة احتقان قائمة منذ سنوات على خلفية مقتل جنود أتراك في سوريا وليبيا وفي شمال العراق حيث تطارد القوات التركية المتمردين الأكراد.
وكانت أنقرة قد اتهمت حزب العمال الكردستاني المتمرد باعدام 13 من مواطنيها المخطوفين، في بيان مثير للشكوك، ويحتمل أمرين اثنين لا ثالث لهما وهو أن القتلى إما اختطفهم المتمردون من الأراضي التركية وتم نقلهم لشمال العراق وهو أمر مستبعد لأن مثل هذه العمليات يتطلب إسنادا لوجستيا كبيرا واختراقا للتحصينات التركية.
والأمر الثاني المحتمل هو ما أعلنه حزب العمال الكردستاني وهو أن القتلى من عناصر الجيش والمخابرات التركية أسروا خلال عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية.
وفي كل الحالات تشكل تلك الخسائر ضربة موجعة للقوات التركية وللنظام الذي يحاول استثمار خسائره في حملة الدعاية الداخلية والخارجية وفي تضييق الخناق على خصومه، حيث صدرت تصريحات عن مسؤولين في حكومته تحذر أي شخص ينتقد العمليات التركية في شمال العراق وأن من يفعل ذلك يعتبر من مؤيدي التنظيم الكردي “الإرهابي”.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد ذكر في وقت سابق أن جنودا أتراكا عثروا على 13 جثة في كهف تمت السيطرة عليه بعد اشتباكات عنيفة ضد أعضاء حزب العمال الكردستاني، التنظيم الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على أنه “ارهابي”.
وأعلن أكار في تصريح صحافي “وفق المعلومات الأولية المتوفرة لدينا، قتل أحد المواطنين برصاصة في الكتف بينما قُتل الـ12 الآخرون في الرأس”.
ولم يكشف وزير الدفاع عن أي تفاصيل إضافية عن الضحايا، لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أكد أنهم مدنيون.
وعثر على الجثث في منطقة كارا حيث تشن أنقرة عملية ضد هذا التنظيم منذ الأربعاء في مرحلة جديدة من عملية “مخلب النسر”.
وأكد حزب العمال الكردستاني الأحد مقتل مجموعة من السجناء، قدموا على أنهم من قوات الأمن التركية، لكنه أشار إلى أنهم قتلوا في غارات جوية نفذتها أنقرة.
وذكر بيان على موقع إلكتروني تابع له أن بعض الأسرى الذين كانت الجماعة تحتجزهم، ومنهم أفراد بالمخابرات والشرطة والجيش في تركيا، لقوا حتفهم أثناء اشتباكات في المنطقة. ونفت الجماعة إيذاء أي أسير قط.
وقال مصدر أمني رفيع لرويترز إنه تم التعرف على هوية تسعة من القتلى الذين عُثر على جثثهم في الكهف ومن بينهم أفراد من المخابرات والجيش والشرطة
وأفاد أكار بأن 48 من أعضاء حزب العمال الكردستاني وثلاثة جنود أتراك قتلوا منذ بدء العملية الأخيرة يوم الأربعاء الماضي.
وتنفذ تركيا تكرارا غارات جوية على قواعد خلفية لحزب العمال الكردستاني في المناطق الجبلية في شمال العراق حيث أقام معسكرات تدريب ومخابئ أسلحة. وتقوم قوات خاصة أحيانا بعمليات توغل محدودة.
ويشن حزب العمال الكردستاني منذ 1984 تمردا داميا على الأراضي التركية أوقع أكثر من 40 ألف قتيل.
وتثير العمليات التركية توترا مع الحكومة العراقية، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يكرر التأكيد على أن بلاده تعتزم معالجة مسألة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق إذا كانت بغداد “غير قادرة على القيام بذلك”.
في ديسمبر/كانون الأول دعا أردوغان العراق إلى تكثيف معركته على الأرض ضد المقاتلين الأكراد في حزب العمال الكردستاني وذلك خلال استقباله في أنقرة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
ومن المتوقع أن توظف تركيا الحادثة الأخيرة لمطالبة الشركاء الأوروبيين والأميركيين بتصنيف المجموعات الكردية في سوريا تنظيمات ارهابية واعتباراها امتدادا لحزب العمال الكردستاني.
وثمة خلافات عميقة بين أنقرة وواشنطن تحديدا، مردها الدعم الأميركي للمسلحين الأكراد في شمال سوريا والذين شكلوا لأعوام رأس الحربة في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتسعى أنقرة لتشكيل حزام أمني وعسكري على طول حدودها مع سوريا ومع العراق في مواجهة المتمردين الأكراد، وسط مخاوف من قيام كيان كردي قوي له امتدادات جغرافية مقلقة، ما يحفز دعوات الانفصال في شرق تركيا حيث غالبية السكان من الأقلية الكردية.