الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeمقالات اعتقالات انتقامية وتهديدات بعمليات ساحقة.. وماذا بعد؟ : سامان نوح

 اعتقالات انتقامية وتهديدات بعمليات ساحقة.. وماذا بعد؟ : سامان نوح

بعد فشل تركيا في عملية جبل كارة بدهوك، التي وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنصاره قبلها بأيام بأخبار سارة ومهمة، وانتهائها بصدمة كبيرة نتيجة مقتل الأسرى الأتراك، أطلق القادة الأتراك سيلا هائلا من التهديدات.

  حكومة العدالة والتنمية، التي كانت تبحث عن “دعاية” لها تدعم وضعها الشعبي وسط سلسلة من المشاكل السياسية والاقتصادية، وجدت نفسها وسط عاصفة من الانتقادات، فلم تجد غير الكرد ونشطائهم داخل تركيا لتنتقم منهم، ولم تجد غير لغة التهديد وضرب كل ما هو كردي.

بغضب هائل، تعهد وزير الداخلية التركي، بأن يقطع ارباً ارباً القيادي البارز في العمال الكردستاني مراد قريلان، فيما توعد دولت بهجلي زعيم الحركة القومية وشريك أردوغان في الحكم، بتسوية سنجار بالأرض وحرق مخمور ورفع علم تركيا على قنديل، وإغلاق حزب الشعوب الديمقراطية، وهو الحزب الكردي الوحيد الممثل بالبرلمان، متهما اعضاءه بالارهاب.

ووفق البيانات التركية فإن نحو ألف كردي تم اعتقالهم خلال اليومين الماضيين بالتهمة الجاهزة نفسها “دعم العمال الكردستاني الإرهابي”، بعض المعتقلين سياسيون ونشطاء في حزب الشعوب ثالث أكبر حزب ممثل في البرلمان التركي.

تركيا منذ 35 عاماً تتحدث عن قرب تدمير والقضاء على  “ما بقي” من حزب العمال الكردستاني، ولم تنجح. صرفت مليارات الدولارات على الحرب ونسجت تحالفات غريبة داخلياً وخارجياً، ولم تنجح. اعتقلت كل كردي أبدى تعاطفه ولو بجملة واحدة مع الحركة الكردية، ولم تنجح. اعتقلت زعيم حزب الشعوب صلاح الدين دميرتاش ومعظم مساعديه، وأكثر من 1000 من الكوادر المتقدمة والنشطة في الحزب وزجتهم بالسجون، ولم تنجح.

قبلها تمكنت وبدعم دولي من اعتقال زعم الحزب عبدالله أوجلان الذي يسجن منفرداً منذ 22 عاماً في جزيرة معزولة، لكن الحزب الذي أسسه استمر بل وزاد قوة ونفوذاً وأسس نموذجاً غير مسبوق في القيادة الجماعية.

منذ عقد من الزمن يبشر أردوغان مؤيديه القوميين، بعد تحالفه مع الحركة القومية المتطرفة، بقرب تدمير “العمال” كليا وطي صفحته إلى الأبد، ويؤكد أن أكبر مشكلة في تركيا هي ما يشكله حزب العمال الكردستاني من تهديد وجودي للدولة ذات (العلم والنشيد واللغة والقومية الواحدة).

جنرالات أردوغان يرددون بدورهم ومنذ سنوات أن كل من بقي من مقاتلي العمال بعد توالي “عملياتهم القاصمة على كهوفهم بالتعاون مع الأصدقاء” بضعة مئات من المقاتلين العاجزين المحصورين المنهكين. لكن بياناتهم الحربية تقول إنها قتلت خلال ذات الفترة بضعة آلاف من المقاتلين، في تناقض مضحك. الخلاصة الحزب استمر بقدرة قادر، وربما مقاتلوه يتكاثرون بالانشطار.

في العامين الأخيرين أدخل الأتراك سلاحاً جديداً ومؤثراً إلى الميدان، الطائرات المسيرة، وعادت الماكنة الإعلامية القومية تبشر مؤيديها بإنه العلاج الناجع لإنهاء الوجود العسكري الكردي. ولم يتغير الكثير! فالعمال أيضاً غير تكتيكاته القتالية.

طوال السنوات الأخيرة فشلت كل محاولات إقناع قادة تركيا، بإنه لا حل للقضية الكردية في تركيا غير الحوار مع القادة الكرد هناك وعبر تسويات معقدة لكن لابديل عنها، تسويات ممكنة فالقادة الكرد لم يعودوا يرفعون شعارات بناء دولة قومية، بل ينادون بدولة عادلة يكون فيها الجميع سواسية، وهم ينادون ومنذ أكثر من عشرين عاماً بحقوق سياسية وثقافية ونوع من الإدارة الذاتية، بعكس ما تروج له آلة أردوغان والقوميين الإعلامية الضخمة.

فشل الأتراك في إبادة الكرد في تلك الجغرافية طوال 100 عام من معاركهم القومية، في حين نجحوا قبلها مع الأرمن والمسيحيين والايزيديين واليونانين. وأثبتت التجارب خلال 35 عاماً الأخيرة فشل الحلول العسكرية التركية، كما أن تجارب العراق طوال 60 عاماً أثبتت فشل تلك الحلول.

المصيبة الكبرى أن كل ما يحدث من تحشيد قومي هو من أجل حصول قادة تركيا على بعض الأصوات لدعم وضعهم الشعبي والانتخابي المتراجع، بحسب الاستطلاعات، وضمان استمرارهم بالحكم. والضحية هي الشعوب دائماً.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular