منذ سنين والعنجهية التركية الشوفينية مستمرة، وما ورثناه من النظام الدكتاتوري الذي سمح لدخول القوات التركية الى الأراضي العراقية بحجة ملاحقة حزب العمال التركي ( PKK ) ارتباطاً بمصلحة النظام نفسه لمحاربة الحركة الكردية وقوى الأحزاب الديمقراطية في الوقت نفسه التي اخذت تدريجياً بحمل السلاح بعد نفاد كل الطرق للنضال السياسي السلمي ضد الدكتاتورية حيث اخذت تسود الحياة السياسية والاستئثار بالسلطة.
في تلك الظروف وما استجد بعد الاحتلال وسقوط الدكتاتورية لم يتوقف العدوان التركي العسكري وإقامة قواعد عسكرية ثابتة ومتنقلة إضافة الى التدخلات في الشؤون الداخلية واستغلال الازمات التي تمر في البلاد لصالح مصالح الطغمة الحاكمة في انقرة وبقت المواقف الحكومية عند حدود التصريحات والتحذيرات والمطالبات بإدانة الاعتداءات والتدخلات، إلا ان الحكومة التركية بقيادة اوردغان لم تتعظ وبقت على غيها وعدوانها حتى على القرى والمزارعين الكرد العراقيين وحرق المحاصيل الزراعية والبساتين، وادينت هذه الاعتداءات العدوانية من قبل الشعب العراقي والقوى الوطنية الديمقراطية والرأي العام العربي والدولي، إن تكرار العدوان لم يقتصر على حالة او حالتين فحسب بل اصبح نهجاً مستمراً ومتواصلاً وأصبحت الغارات الجوية بالطائرات الحربية نزهة لإطلاق الصواريخ والقنابل والقيام بغارات عشوائية ومنظمة بالضد حتى من المواطنين الأبرياء، أما التدخلات العسكرية بالإضافة الى القواعد الثابتة فهي حالة دائمة كلما رغب اوردغان وحكومته الطورانية شن حملات عسكرية متزامنة مع غارات الطائرات العسكرية فلا رادع هناك يقف بالضد من عدوانهم وقتلهم المواطنين الكرد وآخر فضيحة تناقلتها وسائل الإعلام كافة وقد جاء اعلان الحكومة التركية عن إيجاد 13 جثة لمواطنين من تركيا داخل الأراضي العراقية حيث اتهمت تركيا (PKK ) بإعدام 13 تركي معظمهم من الجنود وقوات الأمن، إلا ان حزب العمال الكردستاني نفى ذلك وأشار انهم قتلوا جراء غارات الطائرات التركية، للعلم كلفت الحرب بين حزب العمال الكردستاني وبين الحكومة التركية اكثر من (40) قتيل منذ 1984، هذه الواقعة خلقت حالة من الاحتجاج والادانة مع سكوت الحكومة العراقية عن هذه الفضيحة حتى أن البعض من أعضاء البرلمان العراقي عاب على الحكومة العراقية سكوتها وعدم معرفة الحقيقة من خلال التحقيق على الأقل الاتصال بالجانب التركي والتنسيق بينه وبين الجانب العراقي وفي هذه المناسبة علق مختار الموسوي عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي “ أن “وجود المعارضة المسلحة لتركيا داخل الاراضي العراقية، يسبب مشاكل للعراق والعراقيين” وهذا التعليق أُحادي المشكلة ولا يمكن ان يكون منفذاً لحل المشكلة القائمة منذ زمن طويل وعلى امتداد الحكومات التركية السابقة فالحجة بوجود معارضة تركية مسلحة على الأراضي العراقية لا يعني السماح للقوات العسكرية التركية نقل المعارك على الساحة العراقية وتصفية الحسابات مع حزب العمال الكردستاني والتدخل وشن الهجمات العسكرية، وبالإمكان التنسيق والتشاور مع حكومة العراق لحل الإشكاليات، ومن الجانب الآخر على الحكومة العراقية ان تفتح الباب للقيام بلقاء المعارضة التركية على الأراضي العراقية وحل هذه المشكلة عن طريق الحوار الذي يدر المنفعة على الطرفين وفي الوقت نفسه يقف مانعاً للاعتداءات التركية ، ومن ناحية مصلحة الحكومة العراقية وحكومة الإقليم التنسيق لدرء العدوان سياسياً وعسكرياً فالقضية هي بالأساس ضد العراق وبالتالي لضرب الحركة التحريرية الكردية وهذه ليست المرة الأولى التي تظهر العنصرية والعدوانية الطورانية بالضد من الكرد في تركيا وحتى باقي القوميات وفي مقدمتهم العرب السوريين في الاسكندرونة، التنسيق بين الحكومة العراقية وحكومة الإقليم في هذا المضمار يكاد أن يكون معدوماً تقريباً، ثم على الحكومة العراقية ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية باعتبارها حكومة اتحادية كما تدعي! أن تقوم بحماية البلاد والشعب العراقي من أي اعتداء او تدخل خارجي من أي طرف كان، وعندما نذكر ذلك لا يعني الدعوة ( للحرب ولا نريدها، لأننا جربنا وعرفنا نتائجها الكارثية ) لكن في حالة الاعتداء العسكري الأجنبي على الأراضي العراقية في الجنوب او الإقليم واذا ما تستنفذ جميع الوسائل السلمية لردع العدوان يجب ان تقف القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي الذي يضرب به المثل بالضد من الاعتداءات العسكرية التركية، ومع شديد الأسف نسمع دائماً التهديدات التي يطلقها البعض من قادة ميليشيات منتمية للحشد الشعبي بالضد من الامريكان واتهامات توجه للسعودية وترسل البعض من الميليشيات للقتال في سوريا لدعم القوات الإيرانية وليس لسواد عيون سوريا! على هؤلاء التوجه لردع عدوان تركيا وايقافه ومنعه عن العراق ولا باس بالتنسيق مع البيشمركة إذا كان الامر في مصلحة العراق بجميع مكوناته، لكننا ننفخ في قربة مثقوبة فلكل جهة مصلحة ومصلحة متناقضة مع مصالح الآخرين والأكثرية مشغولة بالهيمنة على السلطة والتفكير بكيفية السيطرة على الانتخابات والفوز فيها مهما كانت الثمن حتى الطرق غير الشرعية.
الاعتداء الأخير من قبل الجيش التركي على الأراضي العراقية اثار قلق واسع لانتهاك سيادة واستقلال العراق النسبي!! هذا الانتهاك الذي هو جزء من سلسلة من اعتداءات سابقة بالضد من الشعب العراقي بكل قومياته وكياناته وانتهاكاً فضاً للأعراق والقيم وللقوانين الدولية التي يجب ان تقف للإدانة ومنع هذه الاعتداءات بتعريض حياة المواطنين والقرى والمزارع والمساحات الزراعية الى أخطار التدمير والتهديم والقتل، لقد أشرنا في العديد من المرات والمناسبات على ضرورة التعاون والتنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وحل المشاكل الداخلية التي هي عائق أمام الوحدة الوطنية بجميع مستلزماتها السياسية والعسكرية والأمنية لكي يكون الموقف مسنوداً من أكثرية الشعب العراقي وهو تمتين الوضع الداخلي والتحلي بالمسؤولية الوطنية وضد أي اعتداء خارجي بما فيها الاعتداءات التركية التي تحتاج الى وحدة الصف الوطني لكبح العدوان وإفشال مخططاته في التدخل في الشؤون الداخلية، وأشار الحزب الشيوعي العراقي ( في 14 / 2 / 2021 ) بصراحة” اليوم وتركيا تكشر عن المزيد من انيابها وتلوّح بإمكانية دخول قواتها الى سنجار، يتوجب العمل على قطع طريق مخططاتها، والسعي الى إعادة الأوضاع الطبيعية في سنجار، وانصاف الضحايا من اهل المنطقة وتعويضهم واطلاق حركة البناء والإعمار فيها” ان حل المشاكل في هذه المناطق التي تعرضت الى احتلال داعش ووجود العديد من التنظيمات المسلحة هو نقلة نوعية لاستتباب الأمن والانتقال لحل المشاكل القائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم سيجنب البلاد الانزلاق نحو مخاطر الصراعات الداخلية والحرب الاهلية وبالعكس كلما بقت المشاكل بدون حل جذري فسوف يشجع أطماع القوى الخارجية ويمنح الفرص واستمرار العدوان التركي والتعنت ليس بما يخص قواعده العسكرية قرب زاخو ومناطق أخرى فحسب بل سوف يشجع دول أخرى للتدخل في شؤون البلاد، ليكن صوت القوى الوطنية واحداً ” ليتوقف العدوان التركي” الآن وفي المستقبل مع سحب القوات العسكرية وانهاء القواعد العسكرية الثابتة والمتنقلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .