شهدت الفترة الأخيرة تزايداً في الصراعات بين قادة ومقاتلي المليشيات العراقية الموالية لإيران، بسبب خلافات في أغلب الأحيان على الأموال والنفوذ أو انشقاقات من فصيل معين والانتقال إلى آخر.
فالأسبوع الماضي شهدت البلاد واقعة أثارت الشبهات، بعد مقتل قياديين في حزب الله وعصائب أهل الحق بشكل غامض، مطلقة كماً من التكهنات حول هوية المنفذين وأسباب القتل.
وفي السياق، أفاد مصدر أمني عراقي لـ”العربية.نت” أن مسلحين مجهولين اغتالوا قياديا في ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، في العاصمة بغداد الثلاثاء الماضي. وأضاف أن “مسلحين مجهولين اغتالوا قيادي العصائب محمد رحيم الشمري، في منطقة الشعلة، بأسلحة مزودة بكواتم للصوت.
كما أوضح أن اتهامات صريحة وجهها أنصار العصائب إلى ميليشيات منافسة، محملينها مسؤولية تلك التصفيات التي تندرج في خانة بسط السيطرة والنفوذ.
صراع المغانم والنفوذ
إلى ذلك، حذر مراقبون من أن تؤجج الانتخابات المقبلة والسباق على المغانم والنفوذ، الصراع بين الميليشيات
من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة وأستاذ القانون في جامعة جيهان مهند الجنابي للعربية نت إن الاغتيالات غالبا ما تنفذ في البلاد ضد معارضي النفوذ الايراني، لكنها قد تستخدم أحيانا بين الميليشيات الولائية (الموالية لإيران) انطلاقا من دوافع عدة تتعلق بالمصالح الخاصة أو الخروج عن الطاعة.
من الصدريين إلى العصائب وجند الإمام
كما أضاف: “إنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها تصفيات لقياديين في المليشيات، إذ شهدت الأعوام الماضية حوادث مشابهة، ولكن ما يعطي الحوادث الأخيرة خصوصية هو ارتفاع خطاب التصعيد بين تلك الفصائل وبعض القوى السياسية، فمن له جناح سياسي ينافس غيره ويعتقد أن أي مكسب للآخر سيكون على حساب جمهوره ونفوذه، وهذه حالة موجودة بين الصدريين والعصائب وجند الإمام”. وتابع: بعض الميليشيات وأجنحتها السياسية تسعى لضمان مكاسبها عبر عقود حكومية وصفقات فساد واستيلاء على أملاك”.
إلى ذلك اعتبر أنه “مع تصاعد سطوة المليشيات في الفترة الأخيرة وسيطرتها على أملاك الدولة، بدأت تتسابق فيما بينها للحصول على المنافع، وهو ما يرجّح أن يكون سبباً في تصفية الحسابات بينها”.
ملف إضافي يسيل اللعاب
وأضاف أن سببا آخر أضيف إلى الملفات المشتعلة لدى تلك الفصائل، ألا وهي قضية العناصر المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي، والذين أدرجت درجاتهم الوظيفية البالغة ٣٥ ألف درجة ضمن قانون الموازنة، ما يفتح شهية المليشيات والأحزاب للتنافس على تلك الدرجات، وفي ظل غياب التوازن في المكاسب تنشأ الخلافات الموجودة أصلاً وتتصاعد”.
من جانبه، رأى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة رعد هاشم “أن الحوادث التي حصلت خلال الأسبوع المنصرم سواء مقتل عنصر من عصائب أهل الحق في بغداد أو تفجير عبوة لاصقة بعنصر من حزب الله في جرف الصخر، تندرج فعلا ضمن التصفيات داخل تلك الميليشيات”. وأضاف في تصريح للعربية.نت أن خلافات عميقة تقع في مناطق نفوذ الميليشيات، التي تتنافس فيما بينها لفرض الأتاوات وجباية الأموال والتهريب والاتجار بالمخدرات.
فرق الاغتيالات
إلى ذلك، رأى أن الأيام المقبلة مرشحة لبروز تصفيات جديدة، معتبرا أن فرق الاغتيالات، بدأت تنشط بحسب ما أكدت مصادر مقربة من تلك الفصائل، من أجل استهداف مرشحين للانتخابات، من بينهم ناشطون أو رافضون لسياساتها.
وأكد هاشم أن هذا السعي المكشوف للأطراف وحب السيطرة والتقرب من إيران سيدفعها للمزيد من التصفيات وخاصة بعد غياب قاسم سليماني الذي كان ضابطاً لإيقاعها.
كما شدد على أنه كلما اقترب موعد الانتخابات ستتصاعد التصفيات، معتبرا أن الخلاف المعلن بين نوري المالكي ومقتدى الصدر والذي ظهر للعلن مؤخرا سيلقي بظلاله أيضا على هذا المشهد.