مهما تمادى الانسان في قسوته وإجرامه فإنه هناك ثمة لحظات ومواقف تجبره أن يعود الى أصله وطبعه الانساني ويشعر بالالم وتأنيب الضمير، لکن لايبدو إن هکذا إحساس له من وجود في السلطة القضائية لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، إذ إن کلمات ومصطلحات مثل الرأفة والرحمة والانسانية والضمير تعتبر کلمات ومصطلحات ضارة ومعادية ولاوجود لها في قاموس السلطة القضائية الايرانية، فهذه السلطة التي لاترتدع عن إعدام الاحداث والکهول والنساء الحوامل والامهات الثکالى، هي أيضا لايردعها شئ عن تنفيذ حکم الاعدام حتى وإن صار الحکوم بالاعدام في عداد الاموات!!
الجريمة البشعة والنکراء التي أقدمت عليها السلطة القضائية التابعة للنظام الايراني بإعدام“زهراء إسماعيلي” على الرغم من إنها قد توفيت قبل وقت قصير من إعدامها شنقا في يوم 17 فبراير في سجن جوهردشت بكرج. وقد کتب محاميها في حسابه على فيسبوك: “شنق النظام أمس 16 رجلا أمام زهراء وأمام عينيها. وأصيبت زهراء بنوبة قلبية وتوقف قلبها وتوفيت قبل الانتقال إلى حبل المشنقة. رغم ذلك، تم شنق جثتها الخامدة … ” الملفت للنظر بل وأهم مافي هذه القضية إن زهراء إسماعيلي التي هي أم لطفين، قد حکم عليها بالإعدام بتهمة قتل زوجها علي رضا زماني أحد المديرين العامين بوزارة المخابرات، والذي كان ينوي اغتصاب ابنتها المراهقة. وكان إعدامها المروع انتقاما غير إنساني من قبل عناصر المخابرات. وهي ثالث امرأة يتم إعدامها في أقل من شهر.
هذا التمادي والافراط غير العادي في القسوة والدموية والوحشية وعدم الاکتراث لأبسط المعايير والقيم الانسانية وحتى السماوية ذاتها، يعکس الطبيعة والمعدن الحقيقي لتعامل النظام الايراني مع الشعب الايراني، إذ أن الانسان عندما يموت تسقط عنه کافة المهام والمطالب في هذه الحياة کما إنه شرعا يصبح بين يدي بارئه ولذلك فليس أمام الآخرين من أمر سوى دفنه إذ أنه وکما جاء في الحديث الشريف:” إکرام الميت في دفنه”، لکن النظام الايراني يتجاوز القيم والاعتبارات الانسانية والسماوية وبدلا من إکرام الميت بدفنه يبادر الى تعليقه على حبل المشنقة!!
هذه الحادثة المروعة التي تعکس وتجسد کيف إن هذا النظام لايمکن أن يوقفه أية قيم أو معايير مهما کانت عن المضي قدما في تنفيذ أحکامه بحيث يصل الى حد يبدو فيها کالسادي الذي يشعر بلذة فائقة في تعذيب وقتل الآخرين وإن شنق المرحومة”زهراء إسماعيلي” بعد موتها أنصع دليل عملي على ذلك.