أصدرت وزراة العدل السورية تعميم رقم( 7) في 14.2.2021 بخصوص كتاب مقدم من قبل أتباع الديانة الإيزيدية في سوريا والمتضمن عدم وجود قانون ينظم أحوالهم المدنية الشخصية.
وزارة العدل وإذا كان هناك عدل في سوريا، ونقصد هنا العدل من منظوره الديمقراطي، حيث المساواة أمام القانون بين أفراد المجتمع الواحد دون التفرقة بينهم بسبب الدين أو المذهب أو القومية أو المعتقد أو الجنس، وعلى هذه الوزارة أن تؤمن الحقوق والحريات لأبناء المجتمع، ولكن ومن خلال مرور السنين لم تعمل هذه الوزارة على تحقيق العدل بين أبناء المجتمع السوري.
نعم تعرض ويتعرض الشعب السوري بكل فئاته إلى الظلم والإضطهاد ولكن حصة الشعب الإيزيدي هي حصة الأسد من هذا الظلم، فهو يتعرض إلى عدم المساواة والأجحاف مرةً لأسباب دينية لأنه على غير دين الدولة الرسمي ومرة أخرى على أساس القومي. منذ نشوء الدولة السورية والشعب الإيزيدي محروم من حقوقه الطبيعية والمكتسبة، فهو يدرك واجباته ويؤديها على أكمل الوجه بينما هو لا يعلم بحقوقه تلك. فالإيزيدي منذ ولادته يتعرض إلى الظلم، فعند البدء بعملية التسجيل في سجلات الدولة يسجل في خانة الديانة ديانة غير ديانته وعندما يذهب إلى المدرسة يجبر على دراسة أفكار وثقافة دين الغير، وعند الزواج عليه كتب كتابه على الطريقة الإسلامية، وليس هذا فقط فشهادة الإيزيدي في المحاكم السورية غير مقبولة ولايحق للإيزيدي أن يصبح قاضي أو يستلم المراكز العليا في الدولة. وعليه فالإيزيدي على أرضه وفي وطنه لايعامل معاملة الإنسان، فهو يفتقر إلى أبسط الحقوق والحريات، فالدستور السوري لاينص في مادة أو بند على حقوق هذه الديانة أو يعترف بوجودها. أن عدم أعتراف الدولة السورية بالإيزيديين أدى إلى منعهم من ممارسة شعائهم الدينية وتأسيس منظمات ونوادي وجمعيات ثقافية ودينية لهم.
الإيزيدية ديانة عريقة موغلة في القدم ظهرت ب 2000 سنة قبل الميلاد وهي أولى الديانات التي آمنت بوحدانية الله، فهي تؤمن بوجود الله خالق السموات والأرض وتؤمن بوجود سبعة ملائكة، وهي ديانة غير تبشيرية لاتقبل أحد، فالإيزيدي هو ذلك الشخص الذين يكون من أبوين إيزيديين. وهي ديانة مسالمة فلايذكر التاريخ بأن الإيزيدية قد أساءات إلى أحد فهي تحترم كل الأديان والمعتقدات وتريد الخير للجميع ثم تدعو لنفسها الخير وذلك حسب القول 🙁 ياربي أستر على 72 قوم ثم علينا). وإذا أردنا أن نذكر هنا المظالم التي تعرض لها أتباع الديانة الإيزيدية فلن نستطيع أن نوفيها حقها فسوف يجف حبر الأقلام وتنتهي الأوراق ولن نعبر عن تلك المظالم. نعم أجحفت هذه الوزارة بحق الشعب الإيزيدي المسالم، حيث قسم الإيزيديين إلى قسمين ونعتتهم بالطائفة، فالقسم الأول هم من يمتلكون الجنسية السورية وبحسب هذا التعميم يخضعون للمحاكم الشرعية الإسلامية، أي يعاملون معاملة المسلمين فهي تتدخل في تغيير ديانة الإيزيدي وهذا خرق لمبادئ حقوق الإنسان، والقسم الثاني هم المجردين من الجنسية السورية حسب أحصاء 1962م ويخضعون للقانون المدني السوري ويتم معاملتهم معاملة الأجانب في سوريا.
هذه الوزارة عوضاً أن تغير من لهجتها وتعمل على أحقاق الحق وخصوصاً بعد احداث 2011 ولكنها تصر على الأجحاف بحق الأخرين، فتصف الديانة الإيزيدية بالطائفة وكانها تابعة لديانة أخرى وهي متناسية بأن هذه الديانة موجودة وظهرت على الأرض قبل كل الديانات، وتربطها بأحوال المدنية لديانة الإسلامية( وهنا لانقصد الإساءة أو التقليل بقيمة أي الدين فكل الأحترام والتقدير لكل الديانات ولكل المعتقدات) وهذا ظلم وأجحاف مابعده ظلم، لأن الإيزيدي لن يستطيع ممارسة عاداته وتقاليده الدينية ويُجبر على ممارسة عادات الأخرين. نعم معاناة الإيزيديين في سوريا من قانون الأحوال الشخصية هو أقدم من هذا التعميم وهو ازاد الطين بلة. وعوضاً عن أصدار هكذا تعميم كان على وزارة العدل أن تطور دور القضاء وتعزز دوره من أجل إقامة العدل بين أبناء المجتمع السوري وتحمي حقوقهم وتوفر لهم الخدمات وأن تراقب سير عملها من أجل تحقيق سلامة تطبيق القوانين وإرساء العدل بين أبناء المجتمع الواحد.
كلنا أمل أن تراجع وزارة العدل السورية تعميمها هذا وتقوم على تغيره، وأن تكون وزارة لكل السوريين بمختلف أديانهم ومذاهبهم وأن لاتكون وزارة الدين الواحد والذي لايقبل بالغير ويلغيه.
hisen@hotmail.de
25.02.2021