رسالة الى السيد مسرور البارزانى رئيس حكومة إقليم كوردستان من مواطن كوردستاني يشعر بحبه وإخلاصه لوطنه مصلحاً خادماً مدافعاً مضحياً مثابراً لا يعرف الكلل والملل…
الانسان هذا المخلوق الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم وسخر له ما في السموات والأرض ونفخ فيه من روحه، لذا فهو الهدف من كل البرامج والمشاريع وبناء الحضارات وخوض الحروب والصراعات.
كل الشرائع والأديان أولى بناء الانسان أهمية كبرى بل جعل خدمته وتقديم النفع له أسمى معانيه والأضرار به من الكبائر ورسم طريق الإصلاح له وفتحها له بأوسع الأبواب ليكون مصلحاً ونافعاً ومفيداً ويستطيع حمل ما يقع عليه من المسؤوليات وعلى قدر نفعه وخدمته يكون دوره مرسوماً واسمه عالياً وذكره مستمراً ويترك بصماته حتى بعد مماته.
الانسان الصالح هو القادر على تقديم الخدمات والابداع وازدهار البلاد وإسعاد الآخرين على الرغم من قلتهم وهجمات غيرهم عليهم ولكنهم كالشجرة المثمرة حيث يلقي عليهم الأحجار، بعكس الفاسد الطالح الذي لا يحب الا نفسه ويعيش طفيلياً على قوت غيره وبالرغم من كثرتهم إلا أنهم غثاء كغثاء السيل لا وزن لهم ولا تقدير.
البرامج الكبيرة والخطط الدقيقة لا تجدي نفعاً عندما يكون الانسان غير صالح، فبناء سُور الصين لم يحميها من الاحتلال عندما خان الصيني وسلم ارادته للعدو وخضع لأوامره وسمح له بالدخول عبر بوابة السور، بعد المراجعة والدراسة تبين ان بناء الانسان أولى من بناء الأسوار، ومن أجل تقريب الصور بشكل أوضح نرد هذا المثال معلوم أن السياقة فن وذوق وأخلاق لذا فإن السياقة كغيرها من العمليات الحياتية تحتاج إلى آليات(المركبة والطريق) والتشريعات(القوانين والتعليمات والالتزام بالإشارات والحصول على رخصة السياقة) والإنسان السائق، مهما يكن الاليات متطورة والتشريعات عصرية بيد إنسان (سائق فاسد غير ملتزم بها) سيكون الحوادث مستمرة والخسائر فادحة ولكن مهما كانت الاليات بالية والتشريعات قديمة غير مواكبة للزمن والإنسان السائق صالحا وملتزما خلوقا محبا لنفسه ومن يركب معه ومحترما للمارة ستكون الحوادث قليلة والخسائر أقل
بناء الإنسان المصلح وزرع حب الوطن وغرسه في النفوس ليس بالأمر الهين مع الإقرار بوجوده السرمدي عند الانسان منذ ساعاته الاولى في الحياة وبقدر حبه وشعوره بالانتماء لبلده يكون مستعداً للخدمة والنضال والدفاع عنه والتضحية في سبيله مهما كان بعيداً او لا يملك مركزاً معيناً، بل إنها عملية صعبة ويتطلب بذل الجهود والوقت والأموال.
تلعب الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والموروث التاريخي والثقافة السائدة والتشريعات الصادرة دوراً مهماً وحساساً في تنمية حس الانتماء وتقوية الحلقة الرابطة بين الانسان وأرضه وإضعافه عندما تكون في غير وجهتها.
البرنامج المعلن لحكومة إقليم كوردستان بالإصلاح والقضاء على الفساد وضربهم بيد من حديد خطوة مباركة وتقديم الخدمات الضرورية المتنوعة الى الشعب عبر مشاريع استراتيجية مميزة شيء لا يصدق وسط هذه الأزمات المالية والسياسية والأمنية المتتالية وضرب من الأحلام ولكنها أصبحت ملموساً ومحسوساً ومحل افتخار لكل المخلصين من أبناء الشعب الكوردستاني نقول المخلصين لان انتماء الفاسد لوطنه ضعيف ويكاد معدوماً.
بناء الانسان الكوردستاني وغرس حب الوطن في نفسه وإحساسه بالمسؤولية تجاه الشعب والحكومة مهمة شاقة وتحتاج الى برامج وخطط طويلة الامد بتكاتف الجهود والشد على الايادي الصالحة المخلصة العاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والتقليل من الفوارق الطبقية وسيادة القانون والقضاء على البطالة والاهتمام بالشباب وطاقاتهم الكامنة والوقوف على أمور الشعب ومحاسبة المقصرين واختيار المناسب للمكان المناسب ومعالجة المشاكل التي يعاني منه الشعب، تمثل هذه الأمور وغيرها قوة دافعة لتنمية الشعور بالانتماء لهذا الوطن والتضحية من اجله.
وجود أصوات غير مؤيدة لما تقدمه الحكومة من مشاريع ظاهرة صحية سليمة ولكن فقدان الإحساس بالانتماء الى الوطن وكره الغالي والمقدس فيه وحتى العلم والتراب ( وهذا ما نلمسه ونشعر به بين العامة من الناس) حالة غير طبيعية وموجودة تحتاج الى دراسة أوسع وأعمق والوقوف على اسبابه و وضع الحلول اللازمة لها، وإنه دليل على أن غزوا فكريا يطال عقل المواطن الكوردستاني من جهات خارجية ومباركة آخرين من الصف الداخلي وهنا يكمن الخطر عندما يتعرض الأمن الفكري للاختلال وفقدان التوازن حينها سيرى كل المنجزات والانتصارات إخفاقا أو إحقاقا لمصالح فردية وطموحات شخصية لا غيرها.
معرفة ما يعاني منه الشعب وما يدور بين الأزقة والشوارع امر مهم ليكون المعالجات والحلول المقدمة اكثر واقعياً وجدياً دون الاعتماد على القنوات الرسمية فقط، فالأزقة والمدن ممتلئة بالمخلصين والمصلحين الذين ينتظرون الفرصة السانحة ليقدموا ما جعبتهم من أفكار ومشاريع وأقتراحات تستفاد منها الحكومة في عملها اليومي وتساهم في حل المشاكل، وليسوا بأقل ممن هم في المناصب ولكن فرصتهم لم تأت بعد وقلوبهم تحترق ما يرونه يوميا وليس من الصعب اللقاء بهم والأستفادة منهم .
هذه الرسالة لا تعني إننا الوحيدين ممن يحملون الأفكار البناءة بإخلاص وإصلاح ولكننا قد نكون المبادرين الأوائل وهدفنا خدمة الوطن وبناء إنسان صالح يحب وطنه ومقدساته وقيادته. الأمل معقود عليكم سيادة الرئيس وهذا ما توقعناه ونتوقعه في المستقبل لأنكم أهل لها ورجل المهمات الصعبة وخطواتكم مشهودة وقرارتكم جريئة .
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
27/2/2021