الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتحول تجربة نصيرات الحزب الشيوعي العراقي : أمير أمين

حول تجربة نصيرات الحزب الشيوعي العراقي : أمير أمين

لم يتردد الحزب الشيوعي العراقي لحظة حينما فكر بإتخاذ أسلوب الكفاح المسلح كشكل رئيسي من أشكال الكفاح ضد النظام الديكتاتوري المقبور بعد الضربة التي تلقاها منه اواخر عام 1978 واوائل عام 1979, بأن يكون للرفيقات الشيوعيات دور أساسي فيه , كذلك الحال بالنسبة للشيوعيات فلم يترددن لحظة في خوض غمار العمل المسلح الى جانب رفاقهن وفي أي موقع يتواجدن فيه ويتطلب منهن حمل السلاح والمشاركة بفعالية لتجسيد عمل الحزب في خوضه لأرقى أشكال الكفاح الا وهو الكفاح المسلح وبدأت شابات الحزب الشيوعي بالتدفق على معسكرات المقاومة الفلسطينية في لبنان وغيرها للتدريب على حمل السلاح وإستخدامه لاحقاً في كردستان العراق حيث كان التدريب لا يخلو من الصعوبات خصوصاً وأنهن لم يحملن السلاح في حياتهن المدنية السابقة على العكس من الرجال الذين خدم غالبيتهم في الجيش العراقي وتمرسوا على استخدام مختلف انواع الاسلحة ودخل بعضهم الحروب مجبرين حينما كانوا في خدمة الاحتياط خصوصاً , ومن الجدير الاشارة هنا الى أن عشرات الرفيقات النصيرات إنخرطن بالعمل الانصاري قادمات من مدن العراق المختلفة او من الدول الاشتراكية السابقة بعد أن أنهين دراساتهن الجامعية او العليا ولم تكن أية واحدة منهن قد حملت السلاح في حياتها أو أنها تعرف إستخدامه .., كان حلم النصير أن يرى رفيقته بملابس البيشمرگة وهي تحمل السلاح مثله تماماً وكيف ستكون صورتها وهي تحرس واقفةً أمام باب القاعدة التي هم فيها ..وبعد مرور عام على تأسيس قاعدة بهدينان وصلت أول نصيرة في يوم 6 تشرين الاول عام 1980 وكانت الفرحة عارمة بإستقبالها وهي النصيرة أم عصام ثم تلتها النصيرة أم صباح زوجة الدكتور ابو گوران ثم توالى تدفق النصيرات اللواتي قدم بعضهن بمعية ازواجهن بينما عدد آخر وصلن للقاعدة بشكل منفرد بمصاحبة الادلاء من أبطال مفرزة الطريق الذين استشهد عدد منهم في السنوات اللاحقة من الكفاح..كان انصار مفرزة الطريق يصلون متعبين ولكن الفرحة غالباً ما تكون مرتسمة على محياهم حينما يقدمون للقاعدة زهرات الحزب الجديدة في كل مرة وهن في صحة جيدة وسالمات من عوارض الطريق المهلكة أحياناً ويرى الانصار الرفيقات متعبات فيبدؤون بالتحية لهن وكلمات رقيقة مثل سلامات ..واهلاً وسهلاً بكن ..الخ لكي تطمئن نفوسهن بالوصول الى احدى القواعد بسلام ومن هنا سيبدأ العمل بعد أخذ القليل من الراحة ولعدة أيام ثم تبدأ الواجبات والتي لا تختلف كثيراً عن واجبات رفاقهن الشباب في تقطيع الحطب ونقله والقيام بعمليات الطبخ وغسل الصحون وقد تخصص البعض منهن في أعمال الطبابة ومعالجة المصابين والمرضى من الانصار ومن سكان القرى المجاورة للقاعدة بينما عمل عدد آخر ضمن المفارز القتالية في عمق الوطن وإمتاز بعضهن بالشجاعة والاقدام وفي المقرات كن يمتشقن السلاح بفرح وهو يزهو فوق أكتافهن حينما يحرسن في الليل والنهار وبعضهن قمن بحراسة بوابات السجن حيث يقمن بضبط تحركات السجناء او بنقل وتوصيل الطعام اليهم ..كانت نصيرات الحزب الشيوعي ينحدرن من مختلف محافظات العراق وخصوصاً من العاصمة بغداد وهن من جميع القوميات والمذاهب والاديان ولكن غالبيتهن كانت من العربيات المسلمات على الرغم من وجود اعداد جيدة من النصيرات المسيحيات والصابئيات وقد أضفى وجودهن للعمل الانصاري في الجبال والوديان وفي المقرات الثابته والمتحركة , الجو العائلي والالفة المحببة للشيوعي بشكل عام وللنصير خصوصاً ولا سيما وأن الانصار ومن خلال حياتهم الانصارية الشاقة والمعزولة عن الاحتكاك بالمدن ووسائلها المعيشية المتنوعة يفتقدون لهذا الجو الذي عايشوه وتربوا فيه بحميمية مع أسرهم قبل انخراطهم في العمل ضمن قوات الانصار المسلحة , حيث ترى هنا معك أختك او زوجة أخيك او زوجة صديقك أو أخته أو زوجة رفيقك او ابنة مدينتك أو أن تتعرف على رفيقات من مدن أخرى حتى أنك لم تكن قد زرتها من قبل في حياتك .. ويمكن أن تلتقي مع نصيرات كن معك سابقاً في دراستك الجامعية او خارج الوطن في مكان ما , وكان النصير الشيوعي يتحدث مع رفيقته وكأنما هو يتحدث مع أخته او احدى قريباته بدون حواجز فتحدث الالفة والمودة والصداقة التي قد تتطور أحياناً الى الزواج وحصل هذا الشيء في غالبية القواعد وكان محبذ من قبل الجميع ويقابل بفرح غامر بعد أن يستحصل العروسين على موافقة لجان الحزب القيادية في القاعدة وهنا لا يقف الدين او القومية عائقاً أمام المتزوجين وكانت عدد من الزيجات من اديان وقوميات أخرى اي مختلطة ونجحت الى حد كبير لا سيما وأن الانصار الذين اتخذوا مثل هذه الخطوة وضعوا مباديء الحزب وقيمه في الحسبان وكان التفاهم سيد الموقف وهناك من النصيرات من اللواتي كن متزوجات وينتظرن بفارغ الصبر والقلق وصول ازواجهن للقاعدة الذي كثيراً ما يتكلل بالنجاح من خلال مساعي النصير نفسه وبمساعدة لجان الحزب المشرفة على تسيير عمل الانصار ووصولهم سالمين الى ارض الوطن , كما وان عدد آخر من الانصار التحقوا بقواعد الانصار بعد أن تركوا زوجاتهم مع الاطفال في احدى الدول كاليمن الديمقراطية وسوريا ولبنان وغيرها وذلك لصعوبات تواجدهم مع رب الاسرة في هذه المواقع بشكل دائم وغير محدد بعدد السنين لذلك انخرطوا من دونهم ملبين نداء حزبهم وألم الفراق لزوجاتهم وأطفالهم كان قاسياً عليهم بالتأكيد ..علماً أن عدد من الانصار فقدوا أية صلة بزوجاتهم وعوائلهم بعد تركهم لهم مضطرين في محافظاتهم داخل مدن العراق ..كانت للنصيرات مسؤوليات حزبية وعسكرية رفيعة أحياناً وإستشهد عدد منهن ضمن قواعد الانصار وتشكيلاته كالشهيدات أحلام وأنسام اي موناليزا أمين وأم سرباز والدة الشهيد سرباز بينما إستشهدت أخريات داخل الوطن حينما تم تسريبهن من قواعد الانصار للعمل في تنظيمات الداخل في بغداد وغيرها من مدن العراق ومن الشهيدات الباسلات رسمية جبر الوزني أم لينا عضو محلية كربلاء التي أعدمت يوم 8 تشرين الاول عام 1986وبشرى صالح ام ذكرى من السماوة والاختين فاتن اي جميلة محمد ووصال اي سوسن محمد اللواتي اعدمتا يوم 26 شباط عام 1986 في بغداد ..وفي قواعد الانصار برزت لبعضهن مواهب في التمثيل والغناء فاشترك عدد منهن في الفرق المسرحية لتأدية بعض الادوار في المسرحيات التي كانت غالباً من تأليف واعداد بعض الانصار وكان بعضهن يساهم في احياء الحفلات في المناسبات الوطنية كتأسيس الحزب الشيوعي وعيد نوروز وعيد المرأة وغيرها فكانت حناجرهن تصدح بالغناء مع الشباب الانصار وكانت لهن مساهمات في الكتابة للصحف والمجلات التي كان يصدرها الانصار ضمن قواطعهم .. وتعرضت النصيرات كما هو عليه الحال بالنسبة لعموم الانصار الى الهجوم بالسلاح الكيمياوي من قبل طائرات النظام المقبور وخاصة حينما قصف مقر قاعدة بهدينان يوم 5 حزيران عام 1987 ..وحينما شن الاتحاد الوطني الكردستاني هجومه الغادر على مواقع الحزب الشيوعي الرئيسية في بشتاشان يوم الاول من أيار عام 1983 وتم فيه قتل عدد من الرفاق وفي اليوم الثاني من ايار إستشهدت النصيرة عميدة عذبي حالوب اي أحلام وجرى تأسير عدد آخر من الرفيقات النصيرات من ضمنهن زوجة أخي تانيا وخضعن للاقامة الجبرية وتحت تهديدهن بالسلاح وكان يحرس عليهن أحد أفراد بيشمركة الاتحاد الوطني الذين كانت تربطهم علاقات وثيقة تلك الفترة مع أجهزة سلطة صدام حسين والذين كانوا ينفذون مخططات السلطة ومحاولة النيل من الحزب الشيوعي وتدمير مقراته وتحطيم قدرته العسكرية والحزبية ولكن الفشل أصابهم كما هو معروف ..! لقد عانت النصيرات الشيوعيات أضعاف ما عاناه الشباب الانصار وتحملن الرهبة والجوع والتعب والآلام والحنين للاسرة والاهل ولكنهن صمدن رغم قساوة الظروف وأصبحن محط فخر وإعجاب وإحترام من قبل الشيوعيين كافة ومن سكان قرى كردستان العراق الذين كانوا يشيدون بتجربتهن وكونها الاولى في عموم كردستان وكانت تجربة فريدة من نوعها وتخص فقط الحزب الشيوعي العراقي بينما خلت الاحزاب الكردية العراقية من فصائل النصيرات ..!! وصار إسم النصيرة الشيوعية على كل لسان وهو مبعث فخر لها ولحزبها وإعتزاز بوطنيتها وببسالتها ..تحية وإعتزاز بكافة نصيرات الحزب الشيوعي العراقي بعيد المرأة العالمي ..والمجد والخلود للشهيدات الباسلات اللواتي أرخصن دمائهن في سبيل تحقيق طموحات وأهداف الشعب العراقي والمرأة العراقية على وجه الخصوص ..الف تحية للجميع .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular