الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتالدين والدولة موضوعان مختلفان :عبدالله عطية شناوة

الدين والدولة موضوعان مختلفان :عبدالله عطية شناوة

الدين والسياسة ليسا موضوعا واحدا، ولا الدين والدولة في الإسلام شيئا واحدا، كما يريد المتأسلمون أن يرسخوا في الأذهان. السياسة كانت موجودة قبل الدين في أنظمة الحكم السابقة للدين، ورافقته خلال فترات طغيانه، واستخدمته واستخدمها، وظلت السياسة موجودة بعد انحسار تأثير الدين في كثير من المجتمعات.

السياسة أمر يتعلق بتنظيم علاقات البشر فيما بينهم، بغض النظر عن معتقداتهم. والدين يتعلق بعقيدة الأنسان وتصوراته عن الوجود والحياة، وما بعدها، وماتفرضه تلك التصورات على المؤمن بها من واجبات وفروض تتعلق به شخصيا ولا صلة لها بالآخرين.

وفي سعيهم لترسيخ فهمهم للعلاقة بين الدين والسياسة يؤكد المتأسلمون أن النبي محمد كان رئيسا لكيان سياسي، ودولة مركزية يقف هو على رأسها، وواصل خلافائه الراشدون قيادة تلك الدولة. وحقيقة الأمر أن أي شكل من أشكال الدولة لم يؤسس على زمن النبي. وأن قبائل شبه الجزيرة العربية ظل كل منها يحتفظ باستقلاله السياسي، وتأسست بينها علاقات قائمة على التعاون، بدل علاقات الغزو المتبادل التي حكمت علاقاتها قبل إنضوائها تحت جناح العقيدة الإسلامية الفتية حينها.

كان ما يجمع تلك القبائل في حياة النبي أبعد مايكون عن السياسية، بمعنى وجود هيئات مشتركة مقررة للحياة العامة، تضع القوانين، وتنشيء الأجهزة الإدارية لتنفيذها، لم يكن بين القيائل ما هو مشترك عدا أحكام الدين التي ترتبط بالجانب الروحي ((العبادي)) مثل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان، والحج لمن استطاع إليه سبيلا.

الكيان الإسلامي الذي وجد على عهد النبي ــ إن كان ثمة ما يمكن أن نطلق عليه نعت كيان ــ كان بالغ بالمرونة، لا يتطلب من أطرافه ــ رؤساء القبائل ــ أكثر من الذهاب إلى النبي لإشهار إسلامهم شخصيا ونيابة عن أفراد قبائلهم، ثم العودة الى ديارهم، حاملين رايات يعقدها لهم النبي، لمواصلة دورهم في قيادة قبائلهم ومواصلة تدبير شؤونها.
وهكذا فان التأريخ الأسلامي، حتى وفاة النبي، لم يحفظ لنا أسم وال أو حاكم عينه النبي محمد على منطقة أو قبيلة. ولم يتبوا النبي قيادة جهاز دوله مركزي يقف، على رأسه ويعين موظفيه ويعفيهم.

وبوفاة النبي محمد فك الارتباط بين الدين والدولة، ودليل ذلك ان المهاجرين والأنصار دخلوا في تنازع حول شكل الكيان الإسلامي، فور وفاة عميده وإمامه، حيث قال الأنصار: “منا أمير ومنكم أمير” ولم يقولوا منا إمام ومنكم أمام. وكان رد المهاجرين: “بل منا الأمراء ومنكم الوزراء” وهنا أيضا لم يرد أي ذكر للإمام والإمامة الدينية، بل تركز الحديث عن مناصب سياسية، أمراء ووزراء.

وفي خطبة الخلافة قال الخليفة الأول أبو بكر: (( وليت عليكم ولست بخيركم، فأن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني ))، وفي هذا إقرار بانه يقوم بمهمة سياسية تحتمل الخطأ والصواب، وانه كسياسي يمكن ان يخطئ ويصيب، ويتحمل نتائج سياسته خطأ أو صواباً. ولو كان يجمع بين السلطتين الدينية والسياسية، وممثلا للسماء، ما كان ليسمح لأحد بتقويمه والأعتراض عليه.

لكن أبو بكر إضطر الى إضفاء الطابع الديني على سلطته، بعد بروز خطر تفكك الكيان الذي استخلف عليه، وذلك حين رفضت قبائل عديدة وشخصيات من الصحابة الأعتراف بسلطته، وامتنعت عن دفع الزكاة وهي المصدر الأساسي لخزينة الكيان السياسي الذي كان يقوده. فأطلق على حربه ضد المتمردين على سلطته أسم حرب الردة.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular