الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتلماذا استقبله السيد الرئيس مسعود برزاني الحلقة الثالثة-الأخيرة : د. محمود...

لماذا استقبله السيد الرئيس مسعود برزاني الحلقة الثالثة-الأخيرة : د. محمود عباس

تأويل اللقاء على الأبعاد الإقليمية والداخلية

 عندما شهر نصر الحريري وحاشيته بالكورد تحت غطاء حججه، كان يتحايل على الإقليم ويستغل صمت وتهاون قيادة المجلس الوطني الكوردي.

 وتمادى في تنظيراته الخرقاء عندما لم يسألوه: فيما إذا كان قد سأل أهل عفرين عن التحرير التي يروج لها؟ وكيف هي وضع شعب عفرين قبل وبعد التحرير؟ أيهما يفضلون، الإدارة السابقة، أم الحالية؛ المسماة بالجيش الوطني (العمشات والحمزات أو جيش السلطان سليمان شاه وغيرهم)؟

  سقط الرجل في مستنقع العنجهية المستخدمة مع أعضاء المجلس، عندما تناسى ولم يذكروه؛ عن وضع أهلنا الإيزيديين والمسيحيين في عفرين، وكم بقي منهم؟ وكم كنيسة ومزار دمر؟ وكم شجرة زيتون اقتلعت من جذورها، وكم بيت نهب ودار تم الاستيلاء عليه عنوة؟

 هل يستطيع الإثبات على أن ما يجري هناك أعمال فردية، كما يدعي، وليس مخطط ممنهج ضد شعبنا الكوردي، ليس فقط في عفرين، بل في كل جنوب غرب كوردستان؟

  أمام هذه الفوقية السافرة، يتطلب من قادة المجلس الوطني الكوردي، العمل على وضع حدٍ لتصرفات قيادة الائتلاف الخرقاء، وتعرية دبلوماسيتهم الخبيثة، حاضراً ومستقبلا؟ لا شك يحتاجون إلى جرأة المواجهة، أو لنقل الأساليب الدبلوماسية، معه والحاشية المماثلة له في الائتلاف، لا بد من تذكيرهم بمستواهم المتهالك، وأنه بدونهم سيظلون منظمة عروبية تكفيرية لا تمثل إلا مجموعة من المرتزقة، وإن لم يستمعوا، لا بد من تنبيههم على أنهم ليسوا بأكثر من دمى تركية مرفوضة من أغلبية المجتمع السوري، قريبا سيرمى بهم في مزبلة التاريخ، ولن يأخذوا معهم سوى تصريحاتهم النشاز ومواقفهم الخرقاء. فكما نعلم كان نصر الحريري الذي يترأس الائتلاف الوطني، الطبيب الشرعي الذي كتب التقرير عن وفاة الطفل حمزة الخطيب قبل أن يتحول إلى صفوف المعارضة، هذا الموقف بحد ذاته يضع قيادة الائتلاف والمتعاملين معهم؛ أمام مسائلة الخيانة مع الشعب السوري، مثلهم مثل سلطة بشار الأسد.

 منطق الدبلوماسية لا تحدها العداوة ولا الصداقة، والسياسة التي لا تعرف القيم، بل المصالح، ومصالح كوردستان تتطلب التعامل مع الخبيث قبل الطيب، فكان يتوجب وفي الوقت الذي لا تزال المفاوضات بين الأطراف الكوردية جارية، دراسة كل تداعيات هذا اللقاء (فيما لو أبعدنا الإملاءات الدولية) والتي تتبين أن السلبيات غطت الإيجابيات، ومنها أن حكومة الإقليم أو مكتب السيد مسعود لم يواجهوا رئيس الائتلاف، ولم ينبهوه على أن عفرين وغيرها من المناطق الكوردية محتلة من عدة أطراف، وقيادة الائتلاف يغض الطرف عن هذه الحقيقة وعن جرائم مرتزقة المعارضة السورية التكفيرية، بل ويدعمونهم كأدوات للعبث بشعبنا الكوردي في عفرين.

 مع ذلك ومن حيث المبدأ السياسي، لا توجد الإشكاليات في اللقاءات الدبلوماسية، بل ما يتم على أسسها وخلفياتها من مخططات ومؤامرات وما يتمخض عنها لاحقاً، وهنا مكمن الحديث، والذي دفع بالشارع الكوردي تناوله، حتى ولو كانت على مستويات متنوعة، في الوقت الذي لا يزال الصمت المريب مستمرا حتى اللحظة من المجلس الوطني الكوردي المعني بالأمر أكثر من جميع أطراف الحركة، ومن حكومة الإقليم ذاتها، فهل هم يعيشون الرهبة من عراب الائتلاف، أم أنها تعكس مواقفهم، ولتوضيح هذه الإشكالية، من الواجب أبداء توضيح حول النقاط التالية، قدر الإمكان حتى ولو اختلفت وجهات النظر.

1-    تتصاعد يوما بعد أخر الانتقادات حول دور المجلس الوطني الكوردي في الائتلاف، وتهاونهم فيها، وقد كتبنا في هذه القضية مقالا قبل أسابيع تحت عنوان (لماذا يخاف المجلس الوطني الكوردي). فهل هذا الوضع دفع بالمجلس بالبحث عن مخرج لذاتهم وكان هذا اللقاء؟

2-    هل المسؤولون عن ملف كورد جنوب غرب كوردستان في حكومة الإقليم حاولوا بهذه الدعوة إنقاذ المجلس، وبالتالي التحكم بأمورهم وإرادتهم، أم أنه كان رد فعل على تأنيب الضمير بما فعلوه بالمجلس وقيادته في بدايات الخلاف مع الـ ب ي د يوم كان المجلس بأمس الحاجة إلى مساعدتهم وقدموها كما يقال عادة بالقطارة، وأدت بالمجلس إلى ما هو عليه من الضعف أمام الـ ب ي د وحكومته في الإدارة الذاتية، وبالتالي هزاله ضمن الائتلاف؟

3-    هل الروح الوطنية هي التي دفعت بالرئيس مسعود برزاني قبول اللقاء رغم توقعه لسلبياتها؟ أي كان فقد أدى واجبه بما يتطلبه الحوار الدبلوماسي مع شخصية مرفوضة من الشارع الكوردي، وعلى خلفيات عدة، وما ظهر على الإعلام من مجمل الحوار يبين إيجابية مواقف الرئيس، وسلبيات الآخر خاصة في حديثه الصحفي بعد الجلسة.

ويبقى الوجه الأخر والأكثر إشكالية:

1-    لا يخفى أن المفاوضات الكوردية -الكوردية، مرفوضة من قبل المعارضة والسلطة والقوى الإقليمية، وعليه لا يستبعد أي محلل سياسي أن الزيارة ستؤدي إلى توسيع الخلافات أو إلغاء المفاوضات كلياُ، خاصة وأن بوادر القطيعة تكاد تكون مؤكدة؛ فيما لم يجدد الأمريكيون مطلبهم لعقدها. ومن المؤسف، أننا هنا نقف أمام نقيضين: قيادة المجلس مع حكومة الإقليم، والائتلاف وقيادته وعرابه، أمام مصالح الكورد ضمن هيئة مشتركة مع الوجود الأمريكي. ألم ترجح تحركات المجلس هذه المصالح الشخصية والحزبية على المصلحة القومية والوطنية؟

2-    لا يستبعد أن تكون الدعوة بطلب من الائتلاف ذاته، عن طريق تركيا، إما لإقناع المجلس بعدم الانسحاب، بعد التصعيد المتزايد من قبل الشارع الكوردي المطالب بانسحابه، بعدما بدأ يظهر تراجع مكانة الائتلاف الوطني بين الشعب السوري ودوليا، رغم ما يملكه من القوة على خلفية الدعم التركي، لكن وضع هيئة المفاوضات العليا كانت الصدمة التي أيقظتهم على حقيقتهم. ويحاولون التغطية على هذه الحقيقة، تحت حجة أنهم يريدون إعادة بعض الاعتبار للمجلس لمواجهة الإدارة الذاتية وليس لدورها في الائتلاف.

  وبالتالي، وحتى اللحظة، نجح الائتلاف ونصر الحريري وتوسع شرخ الخلافات بيننا نحن الكورد، وغابت الحكمة المطلوبة لمعالجة قضايانا، وظهر أننا لسنا سياسيين، غرقنا على خلفية لقاء، ضمن الصراعات، وتناسينا ما يتطلبه قادم شعبنا ومستقبل الجغرافية الكوردستانية، وهذا ما تتمناه أعداء أمتنا.

لا خلاف على أن اللقاء وسع الشرخ بين الحراك الكوردي بشقيه، والسلبيات طغت على الإيجابيات، وإن وجدت شيئا من الأخيرة فهي في الواقع الدبلوماسي، ولا نعلم فيما إذا كانت ستضر مستقبلاً بالإقليمين في البعدين: الوطني، والقومي الكوردستاني، أم أن قادم كوردستان تجاوزت مدى تأثيرات أمثال نصر الحريري وغيره.

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

5/3/2021م

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular