تركيا زوّدت الألمان بالمواد الأولية بالحرب وغدرت بهم فيما بعد
قبل أيام معدودة من اندلاع الحرب العالمية الثانية، وقّعت ألمانيا يوم 23 آب/أغسطس 1939 بالعاصمة موسكو اتفاقية عدم اعتداء مع الجانب السوفيتي. وبناء على هذه المعاهدة التي حملت اسم اتفاقية مولوتوف ريبنتروب، تعهد الطرفان بالحفاظ على السلم بينهما والتزام الحياد في حال تعرض أحدهما لهجوم من طرف ثالث.
من ناحية أخرى، تضمنت هذه الاتفاقية عددا من البنود السرية حيث اتفق النازيون والسوفيت على اقتسام أراضي بولندا، كما تعهّد ستالين بتزويد القائد النازي أدولف هتلر بكميات هامة من الحبوب والمواد الأولية لدعم آلة الحرب الألمانية.
إلى ذلك، لم تكن هذه المعاهدة الوحيدة التي حصل عليها هتلر خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ البشرية. فسنة 1941، لم يتردد رئيس تركيا عصمت إينونو (İsmet İnönü) في إبرام اتفاقية مع هتلر عرفت باتفاقية الصداقة التركية الألمانية.
التحضير لغزو روسيا
خلال شهر نيسان/أبريل 1941، تدخلت ألمانيا عسكريا ضد كل اليونان ويوغوسلافيا بمساعدة حلفائها الإيطاليين والبلغاريين والرومانيين. وبفضل هذا التدخل العسكري، أمّن الألمان جانبا هاما من البلقان وضمنوا هيمنتهم على حقول النفط برومانيا.
إلى ذلك، استعد هتلر خلال تلك الفترة لإطلاق العنان لعملية غزو الاتحاد السوفيتي المعروفة بعملية بربروسا (Barbarossa) حيث ظن القائد النازي حينها بإمكانية تحقيق نصر سريع على السوفيت شبيه بذلك الذي حققته قواته بفرنسا منذ أشهر. في الأثناء، حاول النازيون توفير جميع الظروف الملائمة لنجاح عملية بربروسا.
وبالنسبة لهم، مثّلت تركيا الحلقة الضعيفة ضمن الحملة بشرقي أوروبا حيث تخوّفت القيادة العسكرية الألمانية حينها من الدور الذي قد تلعبه تركيا بسبب امتلاكها لحدود مشتركة مع الاتحاد السوفيتي.
من ناحية أخرى، لم تكن تركيا حينها ندا للألمان. فبينما امتلكت ألمانيا ملايين الجنود بالخدمة وأعدادا هائلة من الدبابات والطائرات والقطع البحرية، لم يتجاوز تعداد الجيش التركي حينها 200 ألف مجند وافتقر بشكل كبير للعتاد العسكري الحديث.
ومع انطلاق ثورة رشيد عالي الكيلاني بالعراق ضد النظام المؤيد للبريطانيين خلال شهر نيسان/أبريل 1941، طلب الألمان من الأتراك السماح لهم بعبور أراضيهم لتقديم الدعم العسكري للكيلاني. في الأثناء، رفض الأتراك ذلك واشترطوا في مقابل هذا الطلب الألماني ضمّ جانبا من المناطق الحدودية العراقية لتركيا. ومع تواصل المفاوضات بين الطرفين، تدخل البريطانيون ضد قادة الثورة بالعراق وأعادوا النظام السابق، بقيادة الوصي على العرش عبد الإله، لسدة الحكم.
إلى ذلك، نقل السفير الألماني بتركيا حينها فرانز فون بابن (Franz von Papen) رسالة من هتلر لإينونو طمأنه من خلالها عن عدم رغبة ألمانيا بالتدخل ضد تركيا. فضلا عن ذلك، عرض القائد النازي على نظيره التركي توقيع اتفاقية عدم اعتداء بين البلدين لضمان تواصل العلاقة الطيبة بين النازيين والنظام التركي.
معاهدة ألمانية تركية
يوم 18 حزيران/يونيو 1941، وقّعت ألمانيا وتركيا على معاهدة الصداقة. وبموجب ذلك، تعهّدت تركيا بعدم التدخل ضد المصالح التوسعية الألمانية بالمنطقة ووافقت على تحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
من ناحية ثانية، تضمنت هذه المعاهدة بند اتفاقية كلوديوس (Clodius) الذي تعهّدت تركيا بموجبه بمنح ألمانيا 45 ألف طن من خام الكروميت (Chromite)، الذي اعتمدت عليه الصناعة الحربية الألمانية بشكل كبير، ما بين 1941 و1942، إضافة لنحو 90 ألف طن من المعادن الأخرى ما بين عامي 1943 و1944.
وأملا في منع حصول هتلر على هذا المعدن الهام، عمدت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، بشكل سريع، لشراء كميات كبيرة من الكروميت التركي على الرغم من عدم حاجتها إليه. كما عمدت أيضا لشراء نسبة هامة من التبغ والفواكه الجافة التركية.
ومع دخول الجيش السوفيتي لبلغاريا وانقطاع الطريق بين تركيا ودول المحور خلال شهر آب/أغسطس 1944، تنكرت تركيا لاتفاقيتها السابقة الموقعة مع هتلر وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ألمانيا خوفا من تدخل عسكري سوفيتي ضدها. ومع اقتراب هزيمة النازيين بالحرب العالمية، أعلنت تركيا أواخر شهر شباط/فبراير 1945 الحرب على ألمانيا.