ترجلت عن قطار الحياة مؤخرا مناضلة نسائية شريفة وعفيفة ، مناضلة أمضت أيام عمرها في النضال النسائي من اجل المساواة والكرامة الإنسانية ، مناضلة قاومت نظرات المجتمع الذكوري و واجهت معسكر التخوين والتكفير و الرجعية بقوة الحجة و تصلب الايمان بقيم العقل والتنوير .
تركت المناضلة والطبيبة نوال السعداوي ارثا نضاليا غنيا ويعتبر مرجعا مهما في النضال النسائي ينظاف الى تراث عمالقة الفكر النسائي العالمي أمثال الكسندرا كولونتاي وروزا لوكسمبورغ و كلارا زيتكن . استطاعت الطبيبة المصرية نوال السعداوي تشريح ادواء المجتمع الذكوري التسلطي و استطاعت بجراة كبيرة ان تقتحم قارة المحرمات والطابوهات فوجهت بعنف و قمع و محاولات تبخيس وتشويه لكنها لم تستسلم و لم تتراجع رغم السجون و المطارادات والمحاكمات و حملات التشهير و التكفير ، لكنها بقيت صامدة وفية لقضايا التحرر النسائي ، اغنت المناضلة نوال السعداوي المكتبة العربية والإنسانية بكتابات و دراسات كثيرة حاولت من خلالها بالحجة العلمية و المساجلات الفكرية دحض كل الاطروحات التمييزية ضد المراة . كان لكتب المراة والجنس والرجل والجنس والصدر العاري للمراة العربية .. وغيرها من كتب السعداوي دوي كبير في افهام و عقول الملايين من الشباب المتعطش للفكر التحرري و كانت سند النساء اللواتي سعين جاهدات للتحرر من اسر المجتمعات الشرقية المستبدة المتخلفة من جهة ومن تسليع المجتمع الراسمالي الجشع في المجتمعات الغربية .ناضلت نوال السعداوي ضد استغلال الدين أي دين لتسويغ احتقار و تبخيس واهانة النساء باسم ايات وتعاليم سماوية تم تاويلها بشكل خاطئ ، تاويل رجعي قروسطي للنصوص الدينية ، كما بينت بالقرينة العلمية و الذكاء المنهجي مساواة الرجل للنساء في كل شيء في الحياة.ان المجتمع هو الذي قيد المراة لسبب من عنده اما الطبيعة فهي بريئة من ذلك هكذا تؤكد السعداوي في كل كتبها .وحقائق العلم والطب تؤكد ان الفروقات البيولوجية بين المراة والرجل تم تضخيمها و استغلالها لتبرير قمع واضطهاد النساء . ثارت نوال السعداوي ضد ختان البنات و ضد استعباد الفتيات في البيوت وواجهت بكل شجاعة وجسارة تسليع جسد المراة واختصار المراة في جسدها و ابتسار إنسانية المراة بدعاوى أخلاقية زائفة واعتبارات دينية غير مؤسسة .
برحيل نوال السعداوي تفقد الحركة النسائية التحررية رمزا من رموز التحرر الإنساني ضد الاستعباد والاستغلال و الظلامية الفكرية والدينية . تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته فقد أدت امانتها بكل حرية و شجاعة ونبل و استطاعت ان تشعل شمعة امل وحرية وسط ظلام دامس من القهر والاسعباد و الاستبداد الديني .