الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاترسالة أكتبها سنوياً من وحي مسرحنا عراقياً بهياً باليوم العالمي للمسرح 2021...

رسالة أكتبها سنوياً من وحي مسرحنا عراقياً بهياً باليوم العالمي للمسرح 2021 : الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوس

— الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي \ أستاذ الأدب المسرحي
هذه الكلمات أكتبها سنوياً في اليوم العالمي للمسرح من وحي أوضاع مسرحنا العراقي واندماجه في خطاب الثقافة التنويري بمسيرته لكنه المجابه أعتى فظاعات قوى الظلام والتخلف وإفشاء منطق الخرافة .. إنها كلمات تحكي جماليات الأنسنة وامتطاء خيول الفروسية في زمن الهزيمة والانكسار بمحاولة لاستعادة بهاء العطاء الثقافي الأبهى بقيم الجمال والمحبة والتسامح والإخاء وتحرير العقل من عتمة أظلمت فظلمت ولكن المسرح بجمالياته يابى التخلي عن منظومة القيم السامية وها نحن نجدد تصفح ما كتبنا معا وما خُطَّ في ضوء حواراتنا بمدار الأعوام والسنوات فمرحى بمسرحي العالم يلقون نظرة تضامن مع مسرحي العراق أبناء سومر الحضارة والتمدن، مهد التراث الإنساني
 
*********
 
رسالتي السنوية من وحي مسرحنا العراقي بهياً باليوم العالمي للمسرح
 
2021
 
في اليوم العالمي للمسرح ها هي طَرَقات مسرح أكيتو السومري الثلاث، تُعلن أنَّ العراق وجماهيره يؤكدون التمسك بمدنيةِ مسيرةِ أبناء وطن مهد التراث الإنساني؛ إعلاءً لــ (قيمِ التنوير والتقدم والتحرر) التي لا تمرّ إلا من نافذة (صنع الجمال وإبداع ألقه) سواء في قاعات مغلقة لمباني المسرح أم في فضاءاته المفتوحة…
 
يوم وُلِد المسرح العراقي الحديث المعاصر كان قد جسَّدَ نضج الأرضية المجتمعية لتلك الولادة وأكّد أنه إنما يولد في رحم التمدن ونضج منظومة قيم المجتمع بدولة مدنية تشرق بملامح بذور التقدم وحركة التنمية البشرية فيه وأول تلك البذور والبراعم هي توجّه نحو خلق جماليات الحياة لأنسنتها ووضعها بطريق احترام (الإنسان) وحقوقه وحرياته التي لا تقيدهها أغلال أو اصفاد.. فوجدنا المسرح العراقي يستدعي التاريخ البطولي للشعب لمقارعة من حاول إذلاله أو امتهانه ويقدم أولى المعالجات بميدان المنظومة التربوية القيمية والسلوك الجمعي والفردي للإنسان وكانت لطيف وخوشابا مسرحية تأسيس يفخر بها مسرح عريق يمتلك وجوده في جذور أكيتو السومرية لآلاف من الأعوام خلت وإن انقطعت فإنها لم تعد مما يمكن اغتياله وجوديا
 
إن لطيف وخوشابا ليست إسقاطا فارغا نبحث عن نفخه بفارغ الكلم بل هي دراسة سوسيوسياسية بعمقها فهي معالجة سوسيلوجية بتناولها ثيمة القيم والسلوكيات وهي بعمق سياسي بقراءة واضحة لانعكاسات البنى الطبقية في مضامين منظومات القيم وعلى بساطتها جماليا تؤسس لما نفخر به اليوم وبمنجزه بتنوعات الإبداعات وثرائها…
 
إن مسرحنا العراقي اليوم، يعزز النداء الذي أطلقه منذ 2003 بأن تُفتح بوابات العمل فيه على أوسعها حيث مهرجاناته في ومه الوطني وفي مشاركة اليوم العالمي للمسرح كما دأبه وحيث جوائز التكريم المستحقة بقامات بهية كبيرة بين جدران الدرس الأكاديمي وحركة نقدية ثقافية مسرحية الهوية عميقة الأداء مثلما ألق مسرح ونصوصه وأعماله على الركح تزهو بأنوار الفنانات والفنانين يبهرون منصات التنوير بم سيسجل مآثرهم خالدة بهية على الرغم مما يحاول طحنهم وتصفية حساباته من كفاحهم الفني الإبداعي الجمالي
 
إن فعل المسرح العراقي اليوم يقوم على تسول فضاءات السلام للاشتغال بل إن هذا المسرح (العراقي) بفخر واصالة يحمل طابعه في تحدي المحن والمواجع وكوارث آلامها ليصنع بمنجزه الجمالي أجواء استعادة السلم الأهلي ومنظوماته القيمية الوطنية أولا والإنسانية تأسيسا بمدنية الفعل ومنطقه الفلسفي ومذاهب صنع جمالياته
 
ونحن في اليوم العالمي للمسرح، نجدد النداء لمزيد فعل منتج مثمر لفنانات المسرح العراقي وفنانيه فبهن وبهم يليق الفخر وتحدي ظروف الوباء وكسر قيوده معنوياً أدبيا بما يزيح مخرجاته الفاجعة ويعيد للشعب والوطن بهاء إنتاج أعمال قادرة على متابعة مسيرة المسرح بالصيغة الملائمة لفاعليته وآثاه المشرقة..
 
إننا نجدد التحية والتقدير بانحناءة لضحايا مسرحنا ومن غادرنا ومن يتعرض لضغوط استثنائية تعرقله أو تمنعه من المنجز وبوحدة حراكنا المسرحي الجمالي وإنتاجه الفني البهي نحيي مسرحيي العالم في الظرف العالمي الإنساني المنكوب بوباء وجائحته والمُطلِق لإبداعاته فاعلا خالقاً لما يعيد التوازن ويشد أزر مسيرة التحدي والتغيير واستعادة التوازن
 
مطالبين هنا بقراءة رسائلنا السنوية التي حملت مطالب مسرحنا العراقي بغيجاز لا في انغلاقه على وجوده بحدود جغرافيا الوطن بل بانفتاح فضء التمدن والمدنية لهويته الإنسانية ونضعها هذا العام باستقلالية صياغتها كما وردت واثقين من أن رسالة مسرح عريق بات عمره الحديث المعاصر يناهز القرن ونصف القرن ستكون الأبهى فيما تحمله أفئدة المبدعات والمبدعين في مسرحنا يتألقون رغم ما يحيطهم ويبدعون رغم ما يعرقلهم ويحاول متوهما صد منجزهم
 
نجدد عهد المطالب التي نحمل مهمة تبنيها وتنفيذها إبداعاً وخلقاً لجماليات الأنسنة بما يليق بعراق الحضارة والتمدن ويليق بعراقياتنا وعراقيينا صانعي المدنية عبر مسيرتهم ونسجل هنا الآتي:
 
معالجة ظاهرة إغلاق صالات المسارح وإعادة افتتاحها اليوم قبل الغد بالصيغ التي تتلاءم والظرف القائم بخاصة بالإشارة للوباء.. والتصدي لجريمة تخريب مبانيها الآثارية القديمة والتراثية.. والعمل على وقف عمليات الهدم والنهب لمسرح أكيتو وللشواخص التاريخية المهمة عبر تفعيل حملات وطنية ودولية ضد جرائم الحرب المرتكبة علناً وأمام أنظار العالم.. ونحن المسرحيين العراقيين، ندعو اليونسكو والمنظمات الأممية المعنية جميعاً للمساهمة معنا في هذي المهمة النوعية الكبرى، سواء بما يتعلق بترميم المسارح وبنائها أم بالحفاظ على التراث الإنساني وسلامته…
تعزيز جهود مسرحيينا ودعمها في تفعيل حراك فلسفي جمالي يساهم في التصدي لجرائم التجهيل ومحاولات إشاعة الأمية والتخلف، ولعلّ أبرز الخطى تكمن في تفعيل دور المسرح في بناء القيم الروحية الثقافية المعاصرة التي يمكن بوساطتها إعادة إعمار الروح الوطني وتفعيل مبادئ الوطنية والمواطنة في إطار الدولة المدنية لا الطائفية المنكوبة بخطاب التضليل والمزاعم الواهية الدعيّة…
ومثلما غنى القيم الروحية في مجتمعات التمدن المعاصرة يلتزم المسرحيون العراقيون بمواصلة الجهود بأشكالها من أجل تحقيق حرية الإبداع ووقف جرائم المصادرة والاستلاب والتصفيات الهمجية البشعة بكل مفرداتها الخبيثة؛ سواء منها تصفية مسرحيينا جسدياً أم محاصرتهم وتصفية منجزاتهم واتلافها ومنعها من وصول جمهورها…
وبالضد من جرائم قوى الطائفية والإرهاب التي تعتمد فلسفة التطهير العرقي والديني، نتطلع إلى مهمة نوعية للمنجز المسرحي العراقي الحديث بتعميق صلاته بطابع التعددية والتنوع في إطار وحدة وجودنا الوطني والإنساني عبر تجسيدهما في البنى الدرامية الجديدة بالبعدين الجمالي والفلسفي. وسيكون في هذا الإطار توجه لتعميد المنجز المسرحي العراقي بلغات الوطن ومكونات شعبه: العربية والكوردية والسريانية والتركمانية والأرمنية وبخطاب مسرحي تنويري معرّف لدى جمهوره المتنوع.
ومما يتطلع إليه مسرحيونا، برامج إقامة الاحتفاليات ومهرجانات الإبداع ومناسباته، احتفاء وتكريما وعناية بروادنا ومجددينا.. وأول ذلك الالتزام بإعلاء مكان ومكانة التقليد السنوي للاحتفال باليوم العراقي للمسرح وبأيام مسرحية أخرى تشكل تقليداً في المدارس والمؤسسات وتعبر عن المكونات القومية ولغاتها؛ مؤكدين هنا بأن أوسمة بأسماء مبدعات ومبدعي مسرحنا كما: زينب والرماح والشبلي وجلال والعبودي والعاني وعبدالحميد ستطوق رقاب مبدعي المسرح ليس بعيداً.. مع اكتمال الجهود لمرسوم تلك الأوسمة المهمة وطنيا وكذلك ينبغي أن نترسم ذات الهدف السامي إقليميا وعالميا…
ونحن مسرحيي العراق نتعهد بمواصلة المشوار من أجل استعادة (المركز العراقي للمسرح) فاعليته ووجوده الميداني، وطنيا وإقليميا ودوليا. وسيتنامى الجهد عبر ((اتحاد مسرحي فاعل وروابط تخصصية للممثل ولنقاد المسرح)) ولكل بُناة العملية المسرحية إبداعاً جمالياً حقيقياً… بالتأكيد في فضاء الحريات والحقوق التي يناضل الشعب لتكريسها…
لقد تأخرنا عملياً وربما فشلنا حتى الآن في تأسيس الهيآت الأكاديمية المتخصصة الوطنية والمحلية والإقليمية، إلا أنّنا نجدد برسالة هذا العام النداء (الأكاديمي) من أجل الإسراع بهذا التوجه الملزم بغاية تطوير الأداء والارتقاء به وتحويل الموجود من مشروعات إلى وجود فاعل بانعقاد مؤتمرات متخصصة مستثمرين الوسائل المناسبة لهذا التوجه وتفعيله وعدم انتظار غودو الرعاية التي قد لا تأتي في المدى المنظور لا من وزارة الثقافة ولا من وزارة التعليم بموازناتهما الضئيلة وببرامجهما البخيلة.
كما يتطلع مسرحيو العراق ويعملون من أجل استنهاض همم جميع الجهات الأكاديمية والقطاعية المتخصصة لتأسيس صحافة ورقية وألكترونية مسرحية ودوريات بحثية علمية متخصصة في الجامعات والمعاهد العلمية مع تعزيز أعمال التوثيق والنشر بسلاسل لمسرحياتنا التراثية والحديثة والمنتخبة أو سلاسل بحسب تبويبات مناسبة معروفة..
وفي ظروف تنامي ظواهر الفقر والبطالة والسحق الوحشي لطاقات الإنسان واستلاب حقوقه المادية والروحية يجب مواصلة البحث في وسائل مناسبة يمكنها الارتقاء بفرص العيش الكريم لمسرحيينا والعناية بأوضاعهم وبتفاصيل يومهم العادي وما فيها من أشكال الأوصاب والمعاناة؛ وقيمياً ينبغي على قوى المسرح العراقي النضال لإلغاء النظرة الدونية وإزالتها سواء من بعض ما يشاع مستغلاً أحوال الجهل والتخلف أو ما بقي من ممارسات على المستوى الرسمي كما بتلك المصطلحات ومعانيها في جوازات السفر الخاصة بالفنان..
لقد اضطر مئات بل آلاف المسرحيين العراقيين للهجرة القسرية الاضطرارية، وهم بعد كل تلك العقود ما زالوا يعانون من الإهمال في غربة المهاجر والمنافي، لذا وجب الانتباه على أهمية تعزيز رعاية مؤملة لتخصيص ((يوم للمسرح العراقي المهجري)) مثلما احتفلوا بيوم عراقي للمسرح بمحاولة لفرض ممارسته وأداء طقوسه ذاك الذي جرى ويجري سنويا يوم 24 شباط فبراير، على أن يدعى إليه مسرحيونا للاحتفال في أروقة مسارحنا في بغداد وأربيل وبقية محافظات الوطن البهية، مثلما يلزم دعمهم في بيئاتهم المهجرية لمزيد من التفاعل وتبادل التأثير الإبداعي بهوية إنسانية متفتحة..
إنّ مسرحيينا العراقيين يؤكدون في رسالة هذا العام، على مطلب كتابة مشروعات قوانين تعالج أوضاعهم وعرضها بأقرب سقف زمني متاح وبشكل استثنائي على الجهات الحكومية الاختصاص لتداولها في برلمان منتخب من الشعب بتمام الحرية والنزاهة، بقصد تشريعها واستصدارها والعمل بها حلاً لكثير من تفاصيل واقع المسرح العراق.
وتهنئة عامنا تصل ناشطات ونشطاء مسرحنا بهدير ملايين العراقيات والعراقيين يصافحون مسرح يحمل بين جدران منصاته كل ما يُفتخر به ويجعلنا بشموخ المنجز نتبادل تهاني انتصار لا انكسر لمتابعة المسيرة وكل عام وحركة الابداع والعطاء منتصرة للخير والسلام في مهد الحضارة العراق وفي فضاء وجودنا عالمنا بأكمله
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular