نقل موقع “دويتشه فيله” الألماني مخاوف الاقلية الايزيدية في العراق من أن أبناء الطائفة يعتقدون أنها مسألة وقت فقط قبل أن يتعرضوا لهجمات جديدة بهدف إبادتهم مثلما حدث قبل أكثر من 6 أعوام.
وذكر الموقع الألماني في تقرير ؛ بداية بالقانون الذي اقره البرلمان العراقي في الاول من مارس/آذار 2021 حول النساء الايزيديات الناجيات والذي يعترف بتعرضهن لجرائم جماعية من جانب إرهابيي تنظيم داعش ما بين عامي 2014 و2017، وجرت خلالها عمليات قتل جماعي واستعباد آلاف من الايزيديين، ما أجبر عشرات الالاف منهم على النزوح من منازلهم.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة اشادت بقرار البرلمان العراقي الذي يجعل العراق اول دولة عربية تركز بشكل مؤسساتي على النساء الناجيات من عنف مرتبط بنزاعات مسلحة، كما اشاد بها الرئيس العراقي برهم صالح بوصفها خطوة مهمة.
لكن حتى بينما يهدف القانون إلى “منع تكرار الانتهاكات” ، لا يقتنع الجميع بأنه سيفي بوعوده. يقول الناجون من الإيزيديين إن التهديدات الوجودية التي غذت حملة الإبادة الجماعية التي شنها تنظيم “داعش” ضدهم لا تزال قائمة في العراق.
On #InternationalWomensDay, I am proud to sign the bill for Yezidi Female Survivors into Law, an important step to help survivors of atrocities by ISIS against Yezidis, Christians and Turkomen. Justice, restitution are crucial to ensure such horrendous crimes never happen again. pic.twitter.com/zDR0aIer3K
— Barham Salih (@BarhamSalih) March 8, 2021
كيف يساعد القانون الناجين؟
يتعهد القانون بتقديم المساعدة لضحايا “داعش” ، ولا سيما الناجيات الأيزيديات اللائي تم اختطافهن ثم إطلاق سراحهن – وكذلك أفراد الأقليات الأخرى الذين عانوا من نفس المصير، بما في ذلك التركمان والمسيحيين والشبك العراقيين.
وبموجب القانون الجديد ، سيقدم العراق راتبًا شهريًا أو أرضًا سكنية أو سكنًا مجانيًا ودعمًا نفسيًا للضحايا. كما سيتم تخصيص 2% من فرص التوظيف في القطاع العام، للناجين والناجيات لتكون لهم الأولوية.
وسيقام مقر لمكتب حكومي في نينوى مخصص لشؤون الايزيديات الناجيات. وتضم نينوى وسنجار، الغالبية السكان الايزيديين.
غزالة الايزيدية
ونقل “دويتشه فيله” عن فتاة ايزيدية من سنجار تدعى غزالة قولها إن القانون الجديد مهم للناجيات باعتبار أن الغالبية منهم لا معيل لهن. وأفراد عائلاتهن قتلوا.
وكانت غزالة في الـ18 من عمرها عندما هاجم مسلحو داعش سنجار في العام 2014، ويقول الباحثون ان نحو 10 الاف ايزيدي قتلوا او خطفوا خلال الهجوم وأجبر عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم الى الجبال القريبة. وكانت غزالة واحدة منهم وفرت سيرا على قدميها.
وبعد ستة أعوام، عادت غزالة الى سنجار حيث تعمل في “منظمة جسر الشباب” التي يديرها ايزيديون، لمساعدة العائلات على العودة الى منازلهم. وبرغم مرور أربعة أعوام على اعلان رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي النصر على داعش، فان الاقلية الايزيدية ما زالت تعاني، بحسب ما أشارت غزالة للموقع الالماني.
وبرغم ان القانون الجديد سوف يساعد الايزيديين ماليا خاصة هؤلاء الذين كانوا يعيشون بفقر منذ سبعة اعوام، الا انه ليس بمقدوره مساعدة الناجين على الإحساس بالأمان، كما تقول غزالة. واضافت “انهم دعم مادي فقط، لا يضمن الحماية”.
الحكومة العراقية وتعهداتها
وذكر الموقع الالماني ان تصريحات اخرى من الايزيديين عكست نفس المشاعر، وهي تثير شكوكهم بأن الحكومة العراقية ستلتزم بتعهداتها وفق ما جاء في القانون الجديد.
وقال أحمد برجس، نائب مدير “يازدا”، منظمة يقودها الايزيديون تستهدف مساعدة ابناء الطائفة في ما بعد الإبادة، “آمل ألا يظل هذا القانون على الورق، وأن يكون حلا عمليا لمساعدتهم”.
وتابع أحمد “في السنوات الستة الماضية، العديد من الوعود قدمت، لكن القليل تم إنجازه. القرى والبلدات الايزيدية ما زالت مدمرة وتحت الركام”. واضاف “الامر اكثر من مجرد فكرة اعادة الاعمار. كل شيء مترابط، الأمن والعدالة وإعادة الإعمار والتنمية”.
والمشكلة بحسب أحمد برجس، وغيره من الايزيديين، ان الأزمة الحقيقية هي كيف تنظر غالبية العراقيين الى الاقلية الايزيدية.
مفاهيم خاطئة
وأشار الموقع الالماني الى انه بسبب المفاهيم الخاطئة السائدة حول المعتقدات الدينية للايزيديين بين الغالبية المسلمة في العراق، فانه ينظر اليهم على انهم “عبدة شيطان”.
وقال أحمد مشيرا الى تاريخ طويل من الاضطهاد الذي تعرض له الايزيديون منذ القرن السادس عشر، “انا متحدر من سلالة 72 ابادة”، وهو تعبير يستخدمه العديد من الايزيديين.
مصالحة مع مؤيدي داعش
وبحسب الطبيب النفسي الألماني جان كيزيلهان من جامعة بادن الألمانية، الذي عمل مع أكثر من ألف امرأة ايزيدية في ألمانيا، فإن المساعدة النفسية والمالية التي يوفرها القانون الجديد، ليست كافية.
واوضح ان التغيير الحقيقي يتطلب مصالحة بين الايزيديين وبين المسلمين الذين أيدوا داعش.
أما أحمد برجس فيحذر من أن النظرة السلبية باتجاه الايزيديين ما زالت قائمة وتتخلل كل جوانب المجتمع العراقي.
واوضح ان “الغالبية من المواطنين في العراق تنظر الى الايزيديين على انهم مشركين. عندما يعملون في مطعم، لا يأكل أحد من طعامهم، لأن ايزيديين طبخوا الاكل”.
وتابع “لهذا لا نشعر بالأمان أبداً. ولأنه لا توجد خطة لازالة هذه التهديدات ضد الايزيديين، فانه عندما تلوح الفرصة، جماعة متطرفة أخرى ستفعل ذلك مجددا (مهاجمة الاقلية الايزيدية). انها فقط مسألة وقت”.
ترجمة: وكالة شفق نيوز