في إقليم كوردستان هناك حقيقة لا يختلف عليه اثنان وهي أن السيد نیجيرفان بارزاني شخصية سياسية ودبلوماسية بالمعنی العصري من طراز رفيع، يتعامل مع الهم الكوردستاني بالعقل والحکمة وهوعنصر هادیء، باسم، إيجابي، ودود، ساهم بشکل فعال في کسر الطوق الإقليمي على شعب إقليم كوردستان بهدف خنقه وإجباره علی إلغاء نتائج الإستفتاء من أجل الإستقلال، الذي أجري في ٢٥ أیلول ٢٠١٧ وقد أستطاع هو بحکم فطنته السیاسیة الخروج من تلك الأزمة، التي خلقها القوی الإقلیمیة، بأقل خسارة.
لقد لعب السيد نیجيرفان بارزاني کرئیساً للحکومة دوراً أساسياً في بناء وتعزيز قدرات المؤسسات الرسمية في الإقليم وهو الداعي دوماً إلى الحوار البناء والمثمر مع حکومة بغداد في إطار الدستور العراقي لتخفيف حدة التوتر المفتعل من قبل أطراف شيعية متحزبة لجهات خارجية، لاترید أن تری العراق وشعبه يعيشان في إستقرار و رفاهية و إزدهار.
لفرنسا علاقات تاريخية مع حکومة و شعب إقلیم كوردستان، حيث كانت باريس من الدول الداعمة للشعب الکوردستاني في الكثير من المحطات والمراحل الصعبة، خاصة خلال فترة الانتفاضة الربيعية عام ١٩٩١ ضد نظام صدام و دعم منطقة الحظر الجوي على كوردستان و تحرير العراق عام ٢٠٠٣.
السياسة الخارجية الناجحة لرئیس إقليم کوردستان هي مصدر مهم لاكتساب تأييد ومساندة المواطنين في الإقلیم، وفي الوقت نفسه یمکن إستغلالها من أجل التنمية ورفع هيبة الإقلیم ومكانته في المجتمع الدولي.
وهو الذي يؤکد دوما في لقاءاته و خطبه علی تسليط الضوء علی الإمکانية الواقعية للشراكة الحقيقية في العراق وانعكاساتها على الاستقرار والسلام والتنمية بعيدا عن سياسات القمع والإقصاء والتهميش، بغية تطور الحقوق والحريات التي يمكن لها توسيع وزيادة المضامين القيمية للمواطنة.
رئیس جمهورية فرنسا يتعامل اليوم مع رئیس إقلیم كوردستان کالصديق المقرّب، فالزيارة الأخيرة لرئیس الاقلیم نیجيرفان بارزاني الی قصر الإليزيه بباريس کانت بدعوة شخصية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حیث تم البحث حول سبل تنمية علاقات إقليم كردستان مع فرنسا والأوضاع في العراق والإقليم والمنطقة بصورة عامة ووباء كوفيد 19 وتداعياته، ومخاطر الإرهاب ومهام التحالف الدولي، فضلاً عن أهمية تعاون ومشاركة جميع الأطراف في مواجهة داعش، إضافة إلى جانب مجموعة مسائل أخرى مثل ملف غرب كوردستان التي تحظى باهتمام الجانبين.
زيارة رئیس الإقلیم الی فرنسا لها أبعاد سياسية وأمنية بامتياز، لکن لایمکن تجاهل البعد التاريخي و كذلك البعد الإقتصادي والتجاري للزيارة. ففرنسا تدرك مدی أهمية و دور إقلیم كوردستان اليوم في تعزيز المصالحة والإستقرار في العراق و المنطقة.
إذن المنطقة والعراق بالذات، کما أكد علیه الرئیسان خلال لقاءهما، بحاجة ماسة الی إعادة الاستقرار السياسي والامني.
حکومة إقلیم كوردستان أثبتت للرأي العام العراقي والدولي من خلال جهودها المستمرة في الحوار و التفاوض في سبيل الوصول الی حل دائم مبني علی الدستور مع حکومة بغداد في جميع القضايا العالقة بینهما، بأنها لیست سبب ولادة الجمود والتراجع أو إضمحلال مشروع العراق الإتحادي الفدرالي، فبفضل قيادتها الحکيمة تعتبر الإرادة في التعاون، حتی مع الدول الأخرى الجوار، من ضروريات المرحلة، بشرط أن يصب هذا التعاون وهذا العمل المشترك في مصلحة الجميع، لحفظ کرامة الشعب و صون سيادة البلد.
ختاما نقول: “هناك شيئين يفعلهما العظماء دائماً، وهو أنهم يُقررون ما يُريدون ثمّ يفعلوا ما يرُيدون، لأنهم يُدركون أهمية حياتهم على كوكب الأرض وأنّ لديهم رسالة خالدة لإسعاد أنفسهم والبشرية كلّها.“