من ينظر لإيران اليوم وبعد 41 عاما من الحکم الديني المتطرف فيها، يجد نفسه أمام أمور وقضايا متباينة، خصوصا مايتعلق بالاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفکرية للشعب الايراني و التي قد وصلت الى أدنى المستويات ولم يعد بإمکان النظام الحاکم من أن يخفي او يقوم بترقيع المظاهر السلبية المختلفة التي بدأت تطفو على السطح وصار بإمکان أي زائر عادي لإيران أن يشعر بذلك ويراه بالعين المجردة.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي کان يعد ويمني الشعب الايراني بأوضاع أقتصادية ومعيشية أفضل بکثير من تلك التي کان يحظى بها في عهد الشاه، صار الشعب الايراني اليوم يتندر بتلك الوعود ويرى هذا النظام مجرد إمتداد للنظام السابق من حيث کذبه وخداعه للشعب، وليس ذلك بغريب وعجيب على هذا الشعب الذي بات يعيش أکثر من 70% منه تحت خط الفقر بل والانکى من ذلك أن هناك أعداد کبيرة من الجياع في إيران من الذين لايجدون کفافهم اليومي، وصار الفقر ظاهرة ملموسة تفرض نفسها کأمرا واقع على المشهد اليومي للحياة في معظم أرجاء إيران، وإن الحديث عن إحتمال قيام ثورة الجياع ليس بمجرد فرضية بل إنها حقيقة صارت تفرض نفسها على الواقع.
التمزق الاسري وإرتفاع نسبة الطلاق بوتائر غير مسبوقة وتزايد نسبة أطفال الشوارع وتزايد نسبة الشابات العانسات والشباب العزب وتراجع معدلات الزواج طبقا لذلك، يقابله أيضا إرتفاعا غير عادي في معدلات الجريمة والمظاهر السلبية الاخرى، وطبقا للإحصائيات الحکومية في إيران، فإن عدد مدمني المخدرات في إيران في إرتفاع مستمر، إضافة الى أن هناك مشاعر رفض وکراهية من جانب الشعب تجاه النظام تتصاعد يوما بعد يوم، ناهيك عن إن النظام نفسه يشهد أوضاعا سلبية غير مسبوقة ولاسيما من حيث التناحر والمواجهة بين جناحيه وتفاقم ذلك بصورة بحيث لم يعد على النظام إخفائه أو التغطية عليه.
کل هذه الامور تأتي متزامنة مع تزايد وتوسع التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وإرتفاع وتائرها الى الحد الذي صار فيه تدخل قوات حرس النظام في العراق ولبنان واليمن وسوريا شبه مألوفا مع ملاحظة ان الکراهية لهذه القوات وللدور الايراني برمته يتصاعد يوما بعد يوم في الشارعين العربي والاسلامي، وان الذي يجري حاليا في إيران بالنسبة لنظام الجمهورية الاسلامية يشبه تماما الاعوام الاخيرة من حکم نظام الشاه حينما صار التخبط والتوتر يظهر جليا على مسار الاوضاع والامور ومن دون شك فإن المسار الحالي للأوضاع الجارية وفي خضم المساعي المحمومة التي يبذلها النظام من أجل إيجاد حل لأوضاعه الداخلة المتفاقمة وکذلك وضع حد لعزلته الدولية التي تکاد أن تخنقه، هو مسار لايمکن أن يبشر بأي خير لهذا النظام وقد يکون بمثابة إشعار له بنهاية لامناص منها.