رغم امتلاكه ثروة نفطية هائلة، إلا أن العراق لا يزال يتخبط في مشاكل اجتماعية واقتصادية كثيرة جعلت الشارع ينتفض على مسؤوليه مرارا خلال مظاهرات شعبية حاشدة. ومن بين الأسباب التي جعلت بلاد الرافدين في ذيل الترتيب في مجال النمو، ظاهرة الفساد التي انتشرت في جميع مفاصل الدولة منذ سنوات. فحسب لجنة النزاهة البرلمانية، فلقد تم تهريب نحو 350 مليار دولار خلال 17 عاما.
كشفت لجنة النزاهة البرلمانية في العراق الأسبوع الماضي عن تهريب نحو 350 مليار دولار من الخزينة العمومية خلال 17 عاما، أي منذ سقوط نظام صدام حسين، ما يعيد للواجهة ملف الفساد خاصة بعد إعلان الرئيس العراقي برهم صالح رغبته في تفعيل مبادرة استرجاع هذه الأموال المنهوبة من ميزانية المواطن العراقي.
وتعد “هذه الأموال استثمارات وأملاك كانت قد اشترتها الحكومة العراقية في زمن النظام العراقي السابق” حيث “استولت عليها قوات نافذة وراحت تستثمرها بطرق غير رسمية لتحقق أرباحا طائلة في وقت كان العراق منشغلا بمشاكله السياسية والأمنية” حسب تحليل الصحافي في فرانس24 عمار الحميداوي.
وفتحت هذه المسألة الأبواب على ملفات الفساد التي لا زالت قائمة في العراق، رغم وعود الحكومات المتعاقبة بالقضاء عليها. موضحا أن “عندما عين مصطفى الكاظمي رئيسا جديدا للحكومة، قام بتشكيل لجنة بحث وتحديد أموال الفساد وتبين حسب اللجنة أن حوالي 500 مليار دولار تم نهبها منذ 2003 لغاية 2020 عبر عقود واستثمارات وهمية من قبل مؤسسات الدولة العراقية”.
مشكلة أخرى تنخر الاقتصاد العراقي وهي التوظيف الوهمي او ما يسمى بالفضائيين . هذه المشكلة تطرق إليها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وكانت ربما السبب في تنحيته من منصبه على رأس الحكومة العراقية.
ولم تكن مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019 الأولى من نوعها ضد الفساد، بل سبق وأن خرج العراقيون في مدن عديدة، كالبصرة وبغداد للتنديد بسوء الخدمات العامة وبالفساد.
ورغم العهود التي قطعتها الحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام صدام حسين والمتمثلة في محاسبة المتورطين في أعمال الفساد واسترجاع المال العام المهدور، إلا أن العهود بقيت مجرد أقوال. فالعديد من العراقيين لا يستطيعون توفير لقمة عيش لعائلاتهم أو إيجاد وظيفة.
ورغم القرارات التي أصدرتها الحكومة العراقية في 2020 والتي تضمنت سلسلة من المساعدات المقدمة للمواطنين البسطاء كتسهيل الحصول على أراض سكنية، وبناء وحدات جديدة، إضافة إلى منح 175 ألف دينار (نحو 145 دولارا) شهريا للعاطلين عن العمل لمدة 3 أشهر، إلا أنها لم تكف لكبح جناح الفقر وتراجع مستوى المعيشة التي تعاني منها الطبقات الاجتماعية البسيطة.
وصنفت منظمة “الشفافية الدولية”. في تقريرها الصادر في 2020 العراق في المرتبة 160 عالميا من حيث الفساد مع دول عربية أخرى. فيما دعت المنظمة في 2017 هذه الدول، من بينها العراق، إلى وضع “آليات لمكافحة الفساد” منها “وضع حد للفساد السياسي وتحقيق الالتزامات التعاقدية الدولية في مجال مكافحة هذه الظاهرة وضمان حق حرية الرأي والتعبير والمساءلة فضلا عن استقلال القضاء لمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة.”