رسمت الاديبة بكل براعة لوحتها الاديبة في ( السرد والشعر ) ألوان اللوحة العراقية بسماتها الخاصة في التناول الوجع العراقي المسكون في الروح , اصبحت سيدة القهر وسيدة حكايا الحب . تكشف ببراعة في منتهى البساطة والعمق والدلالة , الحزن العراقي الذي يولد مع ولادة العراقي ويشرب حليبه , ويمشي معه ويتوغل في عروقه ودمه , حتى اصبح الحزن حالة أزلية ترافق المولود من المهد الى اللحد . تعجن لغتها الشفافة ( سرداً او شعراً ) بكل براءة ونقاء وصدق في المشاعر والاحساس الشفاف . وحتى اصبح الحزن من نبضات حياة العراقي , والمجموعة الشعرية بقصائدها 22 قصيدة , تركز على هذا المنطق البديهي , في القاموس العراقي الذي يحمل هوية عراقية خالصة , في افرازات الحزن , اينما رحل وتغرب يحمل في ضلوعه قارورة الحزن , في تراجيدية الزمان والمكان . والاديبة ( ذكرى لعيبي ) تميزت بهذه الاسلوبية , تصوغها بكل مكاشفة صريحة وبشفافة تثير العواطف والمشاعر , بما تحمل في بخوالجها وهمومها ومعاناتها في سلم درجات الحب الصعب , الذي اصبح صعب التسلق , وكذلك تزغرد لفرح الحب والعشق حين يبزغ قمره , بان يكون نقياً وحياً ينبض بالحياة والامل في زهرة الياسمين . ان المجموعة الشعرية تمثل قصائد الحزن العراقي وكذلك تمثل روح الصبورة , في الحب بالمواصلة والثبات بعدم فقدان الامل , انها تجسد حالة السايكولوجية في تعاطي مفردات الحياة العراقية الشعبية . تظل ترنو بكل جوانحها تهفو وتغفو للحب الياسمين , الحب الذي يستيقظ على الحلم والامل تورق ازهاره , لا تلتفت الى طعنات الغدر واللؤم , بل تهفو الى حب نقي يشرب ماء النقاوة والصفاء , يزرع بعطر الرياحين , لا يزرع الأشواك , تريده حب دائم النبض والبقاء والنقاء , لا حب غائب عن الحياة , لا حب مرمي على قارعة الانتظار . أن يكون قلبه روضة شاسعة بالخضرة والازهار والثمار , لا حب فيه جفاف وفراق وحزن , حب روحه معجونة بالتسامح والاعتذار . لا ان يكون الحب معاناة ومكابدة حياتية في القهر , ويجهض الاحلام والامنيات . , بهذا السفر في دروب الحب تسلط عليه المجموعة الشعرية ( يمامة تتهجى النهار ) هي سفرة سياحية في بطون التاريخ والاسطورة والحضارات القديمة , الحضارات العراقية والاغريقية , وكما تستشهد من الاسطورة الاغريقية ( بينلوب ) في انتظارها الطويل الى حبيبها ( أوديسيوس ) وكذلك توظف من الموروثات الشعبية , لكي تصوغ قلائدها الشعرية . انها تحيك خيوط الحب على ارض سومر وعشب الجنوب , ونرجس اهل الشمال , نجد ان الحب هو أملها في الحياة , لهذا تسعى بكل جوانحها ان تمسك خيوط هذا الحب , قبل أن يتيه في الضياع . وعربون هذا الحب هو الوفاء والمحبة . لانها كالزهرة الياسمين في الحب وهو قدرها الابدي . حب بلا اقنعة وزيف ودراويش منافقين . تريد ان يكون للحب نسائم دائمة طرية تنعش الروح , لا فقاعات تتبخر في الريح وتذهب الى السراب . حب بلا غمامة ونكد . أنها يمامة تتجول في نهارات الحب وتتهجى أبجديته , تتجول في ربوع سومر من الجنوب الى الشمال . انها عشتار الحب السومرية تنتظر تموزها الغائب . هذا الطموح في الحب الصافي والنقي . والمجموعة الشعرية هي رحلة سياحية ممتعة بكل تشويق ومتعة , لنطوف في بعض محطات هذه السياحة في ياسمين الحب .
× الحب النقي يكون مسكوناً بالغد وما يحمل في جعبته , لذلك تتضور بالظمأ بالشوق ان يزف اليها الغد بما يصبو اليه القلب , لكي تقدم القرابين والنذور الى المعابد وأوصياء الله الصالحين , ان يبزغ النور من كرب النخيل ويطفئ الحزن والاسى , وان تغتسل روحها في الارتواء في الحب , ان يرفرف على الابواب. وتبهج عشتار بقدومه لتدخل في عرس سومري .
نحلق غب المغيب
ونفتح بوابة العشق
لعشتار
ترعى سنين
وتموز ينهض من نومه
والصبايا ببابل يرقصن في عرسه
وندخل بوابة الغد
من حول أسوار سومر
ندعو النوارس
ونرجس أهل الشمال
وبرحيَّ أهل الجنوب
وفي عنق الحب
طوقاً نعلق
من الياسمين
× لا ضياء للحرف إلا اذا ركب المركب الحب في صباحاته مشرقة بالشمس . في هالة ضياءه الشفاف في نور الحب , ليؤكد بأنه اقوى من الظلام , لا ابهى لوحة إلا لوحة الحب , ان يكون الحب ان يغسل الجراح , لتضيء القناديل نهارات الحكايات التي خرجت سليمة رغم عمق الجراح والالم . لا يمكن لليمامة ان تحلق للفرح إلا بغمرة نور الحب , والنواعير تداعب الفراتين . فباب العشق ينثر في عتبته الرياحين والازهار , ما اعذب هذا الهوى في الصفاء والنقاء , وما اطيب ثماره . وما اروع تغريدة البلابل له , وكل أملها ان ينتهي الغياب .
لا الضياء الاخير من الحرف مرَ على عجل
لا الصباح امتطى مركب الشمس
لا الاقنعة
أستوقفت أفق اللوحة النابض …
لا الجرح من دهشة الجرح كان التبس
مثلما صار هذا الفناء الفسيح
يطل على
عتبات اضاءت قناديلها
ورتاج أزاح قواقعه الواهنات
————
ها أنا صرت استذكر العمر
نهارات سعد
حكايا رضا أو غياب !
ورياحين …
في لحظة الالق الصافية
جنان
وماء زلال عذب
ثمرها طيب
زيتونها
تين أناملها خمرة
ان سقتها البلابل لحظة شوق
بماء الرضاب
تدعى الغياب
× تريد حباً ينبض بالحياة , يضيء بماء الامنيات , مغسولاً بطعم الوفاء والصفاء , تريد حباً يعيش في الضياء ينعش الحياة بالوان العشق . تريد حباً حياً ينبض بالحياة , , حباً الياسمين مغسولاً بعرق الروح . تريد حبا يثمل بسكرة العشق حتى يلامس نبض الحياة . تريد حباً شاسعاً بلا سقف , حبا بين قلبين منه واليه واليها .
أريد حباً ،،
يفقهه معنى الصمت
وامير الصوت الذاهب
في لجة ما قبل القول
القادم من غابات
نخيل النفس
المغسول بعرق
الروح . .
–
أريد حباً ،،
كتلاوة خوف القديس
اذ حط فوق
جدار الصفح
مرتجفًاً ،
أريد حباً ،،
متفرعاً كالزيزفون
في أنين الوقت
يتسلق أوردتي
نبض تختزله
سنوات ألالف
تيه
–
أريد حباً ،،
لا يلمسه سقف
اللحظة
ولا سنابل فضول
الليل
–
أريد حباً لخطواتي ,
حباً
يأخذني مني إلي
ومنه إلي
ومني إليه
× هذا الحزن الدفين في وشائج الحب , لكنها لا تستسلم بل ستظل تقاوم في المحافظة على رابطة الحب , وتستلهم من الاسطورة الاغريقية بالرمز الدال في عرى قوى الحب الذي جعل ( بينلوب) تخيط سجادة الانتظار بخيوط الامل لحبيبها الغائب ( أوديسيوس ) رغم السنين , كانت كالغمامة .
كأنني ،،
لم أنتظر سنين
أحيك في سجادة الامل ,
لم أقطع الخيوط
ولست ( بينلوب ) ولا اليمامة
كنت كما الغمامة
ومثلما الاماني
أراك لا تراني
صرت كما العلامة
× حكايات الحب زاخرة بالانتهاك ومعاناة الاغلال , فكانت سيدة القهر تقام بمعصميها الدامية من شدة الاغلال , لكن رغم هذا الشقاء تظل اميرة سومرية فوق النجم بحكايات ألفي عام .
لكن ،،
مَدت بحكايا فرقدها ألفي ليله
وألفي عام
مذ بزغت كأميرة سومر فوق النجم
حتى أدمت معصمها الاغلال
صارت سيدة القهر
وسيدة الحكي
وعرابة هذي الاجيال
كشفت عورة جلاد الليل
وأنَّ ( بنيه )
ليسوا من صلب هواه !
جمعة عبدالله