لايجب التعجب والاندهاش من التصريحات التي أدلى بها الخبير الاقتصادي الايراني حسين راغفر المقرب من تيار الرئيس روحاني، والتي أعلن خلالها أمورا غير عادية لم يتجرأ أي من القادة والمسٶولين الايرانيين على ذکرها بهذه الصورة الصادمة، حيث توقع بأن تشهد إيران خلال الفترة القادمة مجاعة وتمردا من جانبالشعب الإيراني، مستطردا بأن”المجاعة سترتفع مع ارتفاع أسعار الصرف. كما أن لدينا تهريبا للوقود، من خلال شبكات المافيا”. هذه التصريحات تعکس وتجسد جانبا من الواقع الکارثي في إيران وليس کله، فالحقيقة الکبرى أکثر صدمة وأکثر إيلاما.
راغفر الذي توقع أن يتم تدمير مليون ومائة ألف وظيفة، تضاف إلى الأزمة الحالية في البطالة کما شکك في إحصاءات الحكومة حول التضخم، وقال إن البلاد شهدت تضخما في الشهر الحالي فقط بنسبة 50%، ويتوقع أن يصل في نهاية العام إلى 80 أو 90%، وأضاف مستنتجا بأن “الضحية الرئيسية في المجاعة والتضخم الطاحن هم الشعب الإيراني برمته، أما أولئك الذين يعيشون على المساعدات فلن يجدوا ما يأكلونه”، وخلص الى القول وهو يحذر الحکومة الايرانية من الاحتجاجات القادمة التي قال إنها في الطريق مستطردا أن التمرد مع وجود الأزمة التي خلقتها الحكومة، أمر حتمي، مؤكدا: “نحن نتجه إلى التمرد”، وهذه الصورة القاتمة لما ينتظر إيران مبني وقائم على أرقام وشواهد من الواقع الايراني.
هذا الکلام الصادم لراغفر، يأتي بعد إنتفاضتين شهدتهما إيران کانت الاولى في عام 2009 أما الثانية فقد کانت في أواخر عام 2017 وبداية 2018، والثانية وبإعتراف رسمي من جانب السلطات الايرانية فإنها کانت لأسباب إقتصادية ولسوء الاوضاع المعيشية، وکما هو معروف فإن هذه الانتفاضة قد حدثت قبل الانسحاب الامريکية من الاتفاق النووي”8 مايو/أيار” بأشهر کما إنها تفصلها أيضا مسافة زمنية أکبر مع تنفيذ الحزمة الاولى من العقوبات الامريکية في بداية أغسطس/آب، وهذا مايدل ويعني أن أسباب رفض نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والانتفاض بوجهه کانت متوفرة قبل الاجراءات الامريکية، والملفت للنظر هنا هو إنه وکما لم تساهم الادارة الامريکية السابقة في تغيير الاوضاع في داخل إيران لصالح الشعب بعد إبرام الاتفاق النووي وإطلاق المليارات المجمدة الايرانية والتي ذهبت معظمها لأمور التدخلات في المنطقة وتقوية أذرع النظام فيها کما إعترف الامريکيون لاحقا بذلك، فإن الاجراءات الامريکية في عهد ترامب لاتساهم بمساعدة الشعب فقضية الشعب هو سوء إدارة وحکم النظام وضرورة تغييره وبصورة جذرية، وإن هذا الشعب ماض ليس للتمرد کما ذکر راغفر آنفا وانما للثورة التي صارت هي آخر الدواء لهذا النظام.