نظرت حكومة الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي في مقترحٍ يدعو لاستخدام 520 قنبلة نووية من أجل شق قناة عبر الأراضي الإسرائيلية لتكون بديلة عن قناة السويس، وذلك وفقا لمذكرة رفعت عنها السرية سابقًا، لكن تلك الخطة لم ترى النور.
غير أن وجود قناة بديلة لقناة السويس أمرٌ مفيد في يومنا هذا، نظراً للأزمة التي عاشتها قناة السويس مؤخراً، والتي تمثلت بانسداد مجرى القناة بالسفينة العملاقة (إيفر غيفن) التي انحرفت في آذار 2021 أثناء عبورها للقناة قادمة من الصين.
وفقاً لمذكرة 1963 التي رفعت عنها السرية عام 1996 فإن الخطة كانت ترمي لاستخدام 520 قنبلة نووية لشق ممر القناة. ودعت المذكرة لـ ”استخدام القنابل النووية لحفر قناة البحر الميت عبر صحراء النقب“.
Livermore report from 1963 on the feasibility of excavating of a canal through Israel's with 2 Mt nuclear devices, spaced at 4 per mile for 130 miles = 520 nukes = 1.04 Gt of explosives! "Another problem which has not been considered is that of political feasibility…" 😬 pic.twitter.com/QECj5JCrEu
— Alex Wellerstein (@wellerstein) February 13, 2018
وصف المؤرخ (أليكس ويلرشتاين) الخطة هذه عبر تغريدة له على تويتر الأربعاء 25 آذار بـ ”الحل المتواضع لمشكلة قناة السويس“. واقترحت المذكرة التي كانت ضمن أرشيف «مختبر لورانس ليفرمور الوطني» المدعوم من وزارة الطاقة الأمريكية، أن العملية ”توظيف مثير للاهتمام للطاقة النووية من أجل حفر مجرى القناة التي ستكون على مستوى البحر وعلى امتداد 257.495 كيلومتراً (160 ميلاً) عبر الأراضي الإسرائيلية“.
وورد في المذكرة أيضاً: ”إن استخدام الطرق التقليدية للحفر أمرٌ مكلف للغاية، واستخدام الطاقة النووية لهذا الغرض سيكون ذا تكلفة أقل“ و”ستكون هذه القناة بديلاً استراتيجياً قيماً لقناة السويس، وستسهم في تمنية اقتصاد المنطقة“.
ولحساب تكلفة هذه الخطة، قدرت المذكرة أن كل ميل بحاجة لأربعة قنابل بسعة 2 ميغا طن. ووفق حسابات (ويلرشتاين) فالخطة كانت بحاجة لـ 520 قنبلة نووية، أو 1.04 غيغا طن من المتفجرات، وذلك في تغريدة نشرها على تويتر.
يمتد أحد المسارات الممكنة التي وردت في المذكرة عبر صحراء النقب في إسرائيل ويربط البحر الأبيض المتوسط بخليج العقبة، ويفتح المجال للوصول للبحر الأحمر ثم المحيط الهندي. حيث لاحظ المختبر أن هناك 130 ميلاً (209.215 كيلومتر) ”من الأراضي الصحراوية القاحلة التي تكاد تكون غير مأهولة تماماً، وبالتالي هي قابلة لاستخدام المتفجرات النووية للحفر“.
وورد في المذكرة: ”تشير الدراسات الأولية إلى توفر التكنولوجيا التي ستمكننا من استخدام الطاقة النووية لحفر القناة عبر إسرائيل“. لكن المذكرة ارتأت أن معدّي الاقتراح لم يأخذوا بعين الاعتبار الجدوى السياسية لفكرتهم تلك، فالدول العربية المجاورة لإسرائيل ستعارض بشدة تشييد مثل هذه القناة.
وورد في تقرير لمجلة «فوربس»: ”ارتبط ظهور المذكرة بدراسة أجرتها هيئة الطاقة الذرية الأمريكية عن جدوى استخدام التفجيرات النووية لتأسيس البنى التحتية“. وورد في تقرير المجلة أنه كان من المخطط أيضاً استخدام هذه الطريقة لشق قناة في امريكا الوسطى.
ولم يثبت استخدام التفجيرات النووية السلمية فعاليته، حيث وجدت الولايات المتحدة في 28 تجربة مشابهة، أن المناطق التي تم فيها إجراء تلك التجارب باتت تعاني من الإشعاعات النووية.
وأُلغيت هيئة الطاقة الذرية الأمريكية بعد ذلك في عام 1974، في حين لا يزال «مختبر لورانس ليفرمور الوطني» موجودًا، ووظيفته حسب ما هو مكتوب في موقعه الإلكتروني ”ضمان أمان وسرية وفعالية الرادع النووي للأمة“.
ومن الجدير ذكره أن مذكرة 1963 أتت بعد أقل من عقد من الزمان على أزمة قناة السويس، عندما شنت القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية عدواناً على مصر في آب 1956، وتمكنت من التقدم نحو القناة، وهو ما يعتبر حدثاً هاماً في تاريخ الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.