لا يختلف اثنان عن أهمية ودور المنبر وخصوصا المنبر الحسيني على مرور العصور في توعية وإرشاد الناس نحو طريق الحق والصلاح والابتعاد عن طريق الباطل والوقوع في شباك الشيطان الضالة .
منذ عهود طويلة عملت الأيادي الشيطانية على محاربة المنبر الحسيني بكل الطرق والوسائل الفكرية والمادية وليومنا هذا، ووظفت كل إمكانياتها وطاقاتها حتى وصلت الأمور إلى قتل وترهيب الناس لإبعادهم عنه .
رغم كل هذا الدور التربوي والإرشادي ، لكن نجد هناك سيل من الاتهامات من البعض لدور المنبر ، وهذا المرة عن دور المنبر من خلق جيل واعي مثقف يستطيع يفكر ويخطط لبناء الدولة ومؤسساتها ، ويواكب التطورات العلمية والتقدم الهائل التي وصلت إليه اغلب الدول المتطورة في مختلف الجوانب والنواحي، ويحقق منجزات تضاهي منجزات هذه الدول .
لم اخرج أشرا ولا بطرا إنما اطلب الإصلاح في دين جدي رسول هذه هي حقيقية ثورة الإمام الحسين إصلاح دين الله بعد أن حرفوا ثوابت الدين والعقيدة من قبل حكام ظالمين من اجل دوام حكمهم هذا من جانب .
جانب أخر جدا مهم ا لإمام الحسين صاحب مشروع أصلاحي يهدف إلى بناء وإصلاح ذات الإنسان أولا من اجل التمسك بدينه وعقائده ، والتي ستنعكس عليه إيجابا وعلى المجتمع أيضا، والدين الإسلامي الحنيف يدعو الإنسان إلى طلب العلم والتعلم ، وبشرط أن يكون إنسان صاحب دين حقيقي يعمل ويخطط وفق ثوابت الدين ،و يخدم الإنسانية جمعا ، ودور المنبر الحسيني مشهود له في تخرج الآلاف من والمفكرين والمفسرين والفلاسفة وغيرهم على مدى السنوات السابقة ، ودورهم لم تقتصر المسالة على إثارة عواطفهم وبكائهم على مصيبة سيد الشهداء ، بل أصبحوا علماء بارزين بارعين في مختلف العلوم الإنسانية والعلمية ، ومؤلفاتهم ونظرياتهم تدرس في كبرى الجامعات العالمية ولوقتنا الحاضر ، ومنجزاتهم يشهد لها الجميع من مختلف الأديان الأخرى وغيرهم، وجمعيهم تخرجوا من تحت المنبر الحسيني .
قد نتفق مع هذا الرأي بان اغلب خطبائنا الأعزاء في وقتنا المعاصرة اعتمدوا في محاضرتهم أو مجالسهم الحسينية على نهج نوع ما تقليدي أو كلاسيكي في طرح الأفكار لعامة الناس ، واعتمد أسلوب التكرار المستمر لبعض الحوادث المعروفة من الصغار قبل الكبار ، ويتكرر نفس المشهد في كل عام من ذكرى عاشور الأليمة .
وبطبيعة الحال لا يتناسب هذا النهج مع طبيعة التطور الحاصل في اغلب مفاصل الحياة ، ولا يتلاقى مع روح العصر بمعنى الوعي والإدراك لأغلب شرائح المجتمع وفي مقدمتهم الشباب مع ما نشهده اليوم من توفر وسائل الاتصال الحديثة من الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت متاحة للجميع بدون قيد وشروط،والتي وفرت المعلومة المفيدة والضارة بنفس الوقت،وما تسببت لنا من مشاكل لا يمكن عدها أو حصرها ، وهي بحاجة إلى إن يكون للمنبر الحسيني دور اكبر للوقوف بوجه هذه التحديات ،و خطاب يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة لخلق جيل واعي ومثقف كما هو عهده ليكونوا لدينا علماء أو طاقات فذة كسابقين من العلماء والمفكرين العظماء .
يبقى المنبر الحسيني صمام امن الأمة الإسلامية ، والسد العالي الذي افشل وسيفشل اغلب مخططات ومشاريع أعداء الدين والإنسانية رغم كل هذه الصعوبات والمخاطر و عواصف الفتن العاتية التي تواجه ، ومدرسة تخرج جيل بعد جيل من المبدعين من مختلف العلوم لأنها مؤسسها صاحب أعظم ثورة و اكبر مشروع إصلاحي وتربوي للجميع .