|
ثالثاً: لين وسماحة ابن عفان
مقدمة: في ص 306مهزلة العقل البشري كتب الراحل الوردي التالي: [ان الباحث الاجتماعي الحديث ينظر في التاريخ نظرة أخرى فهو محايد يدرس وقائع السلاطين الفاتحين كما يدرس وقائع الشعوب المفتوحة فلا يدين جانبا ويبرئ جانبا. الكل في نظره سواء.] انتهى
الموضوع:
اليكم ما كتبه الوردي عن “لين وسماحة” الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان في ص24 و25 / وعاظ السلاطين:
1.[يبدو ان عثمان لم يستطع أن ينفذ السياسة التي نصحه بها عامله أبن عامر وأحسب أن خلقه الرضي وطبعه المسالم منعاه من الاصغاء الى تلك النصيحة. ومما زاد في الطنبور نغمة ان عثمان كان محباً لأقربائه حباً يلفت النظر وأقرباءه هؤلاء كانوا فوق ذلك من الذين دخلوا الإسلام بعد فتح مكة فلم يتغلغل الايمان الى قلوبهم تغلغلاً عميقاً فأخذوا يحتكرون مرافق الدولة ويوزعونها على الأحباء والاصهار. فثارت الثورة عليهم واشتعل الأخضر واليابس.] انتهى
2.كتب [كان عثمان يعاتب الثائرين عليه بأنهم ينقمون عليه أموراً كان يفعلها عمر أبن الخطاب. يروى انه صعد المنبر ذات مرة فقال:”…ألا فقد والله عبتم عليَّ بما أقررتم لبن الخطاب بمثله. ولكنه وطئكم برجله وضربكم بيده وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما احببتم أو كرهتم. ولنتُ لكم وأوطأت لكم كتفي وكففتُ يدي ولساني عنكم فاجترأتم عليَّ”
وهذا القول من عثمان صحيح على وجه من الوجوه. فعثمان لم يكن يختلف في سلوكه الشخصي عن عمر اختلافاً كبيراً. لقد كان والحق يقال مؤمناً صالحاً ولكنه كان يتحيز لأقربائه تحيزاً ظاهراً. والناس لا يحبون من الحاكم أن يتحيز لأي انسان كائناً من كان والحاكم البعيد النظر هو من يبعد عن نفسه شبهة التحيز ما ستطاع الى ذلك من سبيل.] انتهى
3.[كان عثمان يدلل أقرباءه وينعم عليهم ويفضلهم على غيرهم في الوظائف…الخ] انتهى.
4.[كان عثمان يجد لنفسه مبررا شرعيا في تحيزه لأقاربه. قالوا له ان أبا بكر وعمر لم يتحيزا لأقاربهما كما تحيزت فأجابهم قائلاً: انهما منعا قرابتهما ابتغاء وجه الله وانا اعطي قرابتي ابتغاء وجه الله”] انتهى
5.في ص256 مهزلة العقل البشري كتب: [ومن الخصال المأثورة عن عثمان أنه شديد الحياء سموحاً ليناً يصعب عليه رد رجاء يتقدم به أحد أقاربه أو المدللين عليه] انتهى
أقول:
نصيحة ابن عامر المشار اليها في (1) أعلاه كانت في ص 23 وعاظ السلاطين حيث كتب الوردي: [“ففي المؤتمر الذي جمعه عثمان للتشاور في اصلاح الأمر وقمع الفتنة قبل اشتدادها قال عبد الله بن عامر أحد ولاته على الأمصار: رأيي لك يا امير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك وان تجمرهم في المغازي حتى يذلوا لك فلا يكون هم أحدهم إلا نفسه ولعل هذه النصيحة التي قدمها “بن عامر” الى “عثمان بن عفان” هي النصيحة العملية الوحيدة التي كانت قادرة على محق تلك الفتنة] انتهى. [[تطرقت الى هذا في السابقات]]
سؤال: عبد الله بن عامر أحد ولاة الخليفة وهو من اقاربه ومن الودودين له…لماذا لم ينفذ الخليفة طلبه هذا؟؟؟؟؟
ثم ما علاقة الفتوحات ب “خلقه الرضي وطبعه المسالم” فهل ان محمداً النبي وأبا بكر لم/ما يكن/كان خلقهما رضياً وطبعهما مسالماً؟ اما بخصوص من أسلم بعد فتح مكة فقد كان منهم الكثيرين في مراكز مهمة على عهد الشيخين الراشدين الأول والثاني أبا بكر وعمر وفي المقدمة منهم معاوية ابن ابي سفيان.
يؤشر الوردي ان عثمان كان متسامح ومسالم وذو خلق رضي بعكس عمر ابن الخطاب الذي كان كما نقل لنا الوردي عن عثمان في صعوده المنبر في (2) أعلاه “فقد وطئ الناس برجله” “وضربهم بيده” “وقمعهم بلسانه” فاستكانوا وخنعوا وخضعوا له.
وفي (1و3) أعلاه إساءة بالغة الى عثمان حيث يمكن تفسيره بأن الايمان لم يتغلغل الى قلب عثمان لأنه كان محباً لأقاربه حباً يلفت النظر ووزع مرافق الدولة عليهم وبذلك لا يختلف عثمان عن اقاربه الذين دخلوا الإسلام بعد الفتح ولم يتغلغل الايمان عميقاً في قلوبهم.
وبخصوص ما ورد في 5 أعلاه اشعر وقد أكون على خطأ من أن صياغة هذه العبارة خرجت غير منصفة او دقيقة فأن هذا المديح الكبير لعثمان اتبعه الوردي بعبارة غاية في الإهانة وهي: “يصعب عليه رد رجاء يتقدم به أحد أقاربه أو المدللين عليه”…
اعتقد انه لا يمكن لمن يتصف بتلك الصافات وبتلك الدرجة منها “شديد الحياء، سموحاً ليناً” أن يحصر فعلها/تأثيرها /ممارساتها/ تطبيقاتها بين اقاربه او المدللين عليه… فلو كتب الوردي انه كان مع كل الناس وبالمقدمة منهم اقاربه او المدللين عليه “لكانت العبارة أكثر قبولاً وصدقاً…فهذا هو المعروف/المنقول عنه كما اعلم /اعرف فهو شيخ كبير المنزلة قبلياً وكبير المنزلة دينيا و كبير السن “يقترب من التسعين عاماً”. اشعران طرح الوردي هذا يتنافى مع طرحه الذي تعمدت ان يكون في باب المقدمة أعلاه حول الحياد والحيادية لأنه كما فهمت او كما اعتقد او كما أتصور انه يريد ان يضع اللوم على الشيخ عثمان بن عفان.
في ص 76 وعاظ السلاطين كتب الراحل الوردي: […يقول المؤرخون عن عثمان انه كان ضعيفا وقد ساعد بضعفه انفجار القنبلة وهذا ظلم لعثمان يأباه المنطق الاجتماعي] انتهى
أقول: لا اعرف ” يأباه المنطق الاجتماعي” هنا تخص “أنه كان ضعيفاً” او تخص “انفجار القنبلة”؟ المرجح انها تخص انفجار القنبلة…لكن العبارة التالية تضع الموضوع في جو من الالتباس لشدة تناقضها مع سابقتها من باب المنطق الاجتماعي. حيث كتب الوردي في نفس الصفحة التالي: [فلو كان عثمان قوياً كعمر لأخر بقوته انفجار القنبلة. ولكنه لم يكن قادراً على أي حال ان يزيل خطرها نهائيا فهي محتومة الانفجار في عهده او بعد عهده فلابد ان يظهر في سلسلة الخلفاء حلقة ضعيفة في يوم من الأيام وحينذاك ينفجر البركان……..الخ] انتهى
من مقارنة القولين/المقطعين نلمس بسهولة التناقض الكبير بينهما…في الأولى كان ضعيفاً وقد ساعد بضعفه انفجار القنبلة…هذا ظلم يأباه المنطق الاجتماعي وفي الثانية فلو كان قوياً أي “غير ضعيف” لأَخَرَ بقوته تلك، انفجار القنبلة كما فعل الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب وهذا كما يبدو هو ال” مطابق للمنطق الاجتماعي حسب الدكتور الوردي”!!!!
كرر الراحل الوردي كلمة/مفهوم (القنبلة) عدت مرات كما اوضحتُ ذلك أعلاه وفي السابقات…حيث بالإضافة الى ما ذكرته أعلاه فقد كتب في ص 76 وعاظ السلاطين التالي: [يبدو ان عمر كان يحاول ان يؤجل انفجار القنبلة، فالقنبلة لابد من ان تنفجر يوما ما. إن البارود قد اُعِدَ والفتيلة قد اُحضرت وهي لا تحتاج إلا الى عود صغير من الثقاب. كان عمر يمنع بكل جهده ان يولع العود على يد أحد رعاياه] انتهى
فما هي تلك (القنبلة)؟؟؟؟
كيف ولماذا “اُعدت” خلال هذه الفترة القصيرة بعد وفاة النبي محمد بالشكل الذي أصبحت فيها “بركان” كما ورد أعلاه نقلاً عن الوردي؟؟؟؟
اشعر بضرورة بيان او طرح تصوري/استنتاجي عن تلك (القنبلة)”البركان” وما هو”البارود” الذي اُعِدَ؟ وماهي الفتيلة التي اُحْضِرَتْ”؟ ومنْ هو/ هُمْ ذلك/أولئك الذي/الذين خاف الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب منه/منهم مَنْ رعاياه يوَّلع عود الثقاب الصغير الذي يُشعل الفتيلة لتنفجر تلك القنبلة “البركان”؟؟ ذلك الانفجار النووي الهائل المستمر منذ أكثر من 1400 عام والذي جرت خلاله انهار من الدماء وقطعت فيه أرحام ورؤوس أصحاب النبي محمد ومرغت لحاهم وجباههم بالتراب ومُّسَتْ حرماتهم من بعدهم.
تلك القنبلة واستناداً على/الى ما كتبه الوردي من ان مكوناتها جُهزت ورُكِبَتْ وأصبحت جاهزة للانفجار قبل زمن الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان حيث كانت جاهزة على زمن الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب حيث كتب الوردي واعتذر عن التكرار: [… إن البارود قد اُعِد والفتيلة قد أُحْضِرَتْ وهي لا تحتاج الا الى عود صغير من الثقاب. كان عمر يمنع بكل جهده ان يولع العود على يد أحد رعاياه]. وهذا يعني ان الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان ليس له ذنب او دور في اعداد تلك القنبلة. لكن كما فهمت ان له دور في عدم منعه اشتعال عود الثقاب في زمنه لتنفجر القنبلة/البركان ذلك الانفجار المتسلسل…فمن هو/هم هذا الشخص/أولئك الأشخاص الذين أشعل /أشعلوا عود الثقاب ذاك؟؟؟…
لبيان الرأي في ذلك لابد من التطرق الى تسلسل الاحداث والاعمال والافعال وسنحصرها في الفترة بين فتح مكة عام 8 هجرية ومقتل الخليفة الراشد الثالث عام 35 هجرية أي فترة27 عام هجري لم يتبدل فيها جيل الاسلام الاول ولم يظهر جيل جديد لا يعرف عن جيل التأسيس شيء …انما الاحداث جميعها وقعت/جرت/حصلت في نفس الجيل المؤسس وعلى يد رموزه وامام انظارهم… ويمكن للبعض من العودة حتى الى “صلح الحديبية”
للوصول الى ذلك لابد ان نؤشر/ نتطرق الى مكونات البارود وكيفية تجميعه واعداده ومن ثم الفتيلة ومن ثم تركيب القنبلة وبعدها نبحث عن الصاعق التي فجرها وابدأ:
اولاً: البارود: الراحل الوردي ذكر البارود في أربعة من كتبه وحسب تسلسل لصدارها وهي:(1. كراسة شخصية الفرد العراقي 1951ص12…2.وعاظ السلاطين1954ص76 ..3.كراسة الاخلاق/1958ص12…4.دراسة في طبيعة المجتمع العراقي 1965 ص 53)…حيث كتب التالي :[للأستاذة روث بنذيكت رأي في هذا الصدد مهم فهي تشبه الثقافة الاجتماعية بالمركب الكيمياوي و تأتي على ذلك بمثل البارود فالبارود هو مركب كيماوي مؤلف من مواد الكبريت و الفحم و نترات البوتاسيوم و كل واحدة من هذه المواد ليست لها القابلية على الانفجار و لكنها بعد ان تتفاعل فيما بينها يظهر مركب البارود الذي يتميز بالقابلية الشديدة للانفجار…الخ]. انتهى
رغم ركاكة هذه العبارة علمياً ولغوياً فالبارود خليط وليس مركب كيمياوي ومكوناته تحتاج الى عامل مساعد لتتفاعل ولا يظهر بعد الانفجار انما ينتهي كخليط… لكن نأخذ الدقيق فيه من ان لمكوناته خصائص خاصة منفردة وهي لا تنفجر الا بوجود عامل مساعد “هنا يكون اشعال الفتيلة ” “الصاعق”… عليه البحث الان عن تلك المكونات الثلاثة وكيف تجمعت خلال تلك الفترة.
كما أتصور فالبارود “مكوناته” قد تم جمعها او تجميعها خلال الفترة الممتدة من فتح مكة الى مقتل الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب و تولي الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان أي من عام (8 هجري) الى عام 23(هجري) أي فترة(15)عام. واستغرق اشعال الفتيلة “الصاعق” فترة (12) عام هي مدة خلافة عثمان بن عفان من (23 الى 35) هجرية… اذن يجب ان ندرس ما جرى خلال تلك الفترة وحسب ما ورد في كتب الراحل الوردي لأنني اناقشها في ضوء طروحات طيب الذكر الدكتور علي الوردي عليه نتابع ما جرى خلال فترة النبي محمد منذ فتح مكة الى مقتله/وفاته (8ـ 11) هجري ومن ثم فترة الخليفة الراشد الأول الشيخ أبو بكر الصديق الذي مات بعد فترة قصيرة (11ـ 13) هجرية ثم فترة الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب (13ـ 23) هجرية التي انتهت بمقتله.
ماذا جرى وحصل في:
1.عهد النبي محمد: كانت الفترة بحدود(3) أعوام من فتح مكة عام 8 هجرية الى وفاة النبي محمد عام 11هجرية. كتب عنها الراحل الوردي التالي:
* في ص 121 وعاظ السلاطين: [لا نكران ان محمدا ألف قلوب القرشيين بالأموال ولكننا لا ندري ماذا كان يصنع بهم بعد ذلك. ان شخصية محمد كانت بعيدة الغور ثاقبة البصر من طراز فذ عجيب. ولعله كان ينوي ان يجذبهم الى الدين اول الامر ثم يروضهم على تعاليمه اخيراً] انتهى
* وكتب في نفس الصفحة ايضاً: [أخذ محمد يتألف رؤساء قريش ويجذبهم الى جانبه بشتى الوسائل فقد صار يسميهم المؤلفة قلوبهم ويعطيهم من الغنائم حصة كبرى ويعينهم في المناصب الجديدة والقيادات…الخ] انتهى
* وعاظ السلاطين ص73 كتب: [لقد حارب محمد اغنياء قريش وحارب معهم الربا والاستغلال والاستعباد ونجح في القضاء على ذلك الى حد بعيد وقد امر في سنيه الأخيرة ان تصادر جميع الأموال التي استثمرت في الربا حيث لم يبق في ايدي أصحابها الا رؤوس أموالهم التي بدأوا بها أعمالهم في اول الامر….. ولا يخفي ان هذا العمل الذي قام به النبي لم يقضي على الملكية الكبيرة نهائيا. إنه كان قضاءً مؤقتاً. اذ كان اللازم ان تستمر تلك السياسة المحمدية بعد موته وتتخذ ازائها الإجراءات الإيجابية التي تقتضيها الظروف المستجدة جيلا بعد جيل… قضى محمد على الأغنياء في عهده فنشا بعده اغنياء من طراز جديد وذلك نتيجة انهيال الغنائم على المسلمين بعد فتح الممالك] انتهى
أقول: اعتقد ان هناك تناقضات كبيرة فيما طرحه الوردي في المقاطع الثلاثة أعلاه…و ان هناك عدم دقة فاعتقد ان النبي محمد شملهم بالفيء و ليس الفيء و الغنائم و لم يخصص لهم حصة كبرى…ثم لي سؤال اشعر انه مهم و كان على الوردي او أي ناقل للمقطع الثالث أعلاه الوقوف عنده و التحوط في طرحه و العمل على تفسيره وهو:”ورد: وقد امر في سنيه الأخيرة ان تصادر جميع الأموال التي استثمرت في الربا حيث لم يبق في ايدي أصحابها الا رؤوس أموالهم التي بدأوا بها أعمالهم في اول الامر” …السؤال هنا: كيف عرف النبي محمد رؤوس أموالهم التي بدأوا بها؟ هل راجع كشوفات حساباتهم البنكية؟ ام اطلع على ذممهم الضريبية؟ ام قدموا له قبل شمولهم بمكرمة الفيء بيان حالتهم المالية؟؟؟؟
ويمكن لي ان استنتج ان ما قام به النبي محمد بهذا الخصوص لم يكن محل قبول عند بعض المسلمين و بالذات أصحاب السابقة وما استند عليه في ذلك هو ما كتبه الوردي في:
* في ص190وعاظ السلاطين كتب الوردي التالي: [فمحمد لم يكن يستطيع أن يفرض ارادته على اتباعه في غير ما يحبون] انتهى
* وكتب ايضاً في نفس الصفحة التالي: [ان محمد لم يكن مسيطرا على الناس إذ يأمر فيُطاع أمره كما يُطاع الملوك. لقد كان في سلوكه كأنه زعيم بين اتباعه. فهو قد يرى رأياً فيجادله الأتباع فيه فيتنازعون حوله. وكثيراً ما يقترح محمد اقتراحاً فلا يوافق عليه اتباعه فيتركه…ومحمد كان حكيماً واقعياً لا يفرض على أصحابه امرا لا يرضون به. وكان بذلك يجمع حوله الأنصار والاعوان. ولولا ذلك لكان من الفاشلين فهو لم يرث السلطة من ابيه ولا يملك جنودا او جلادين يفرضون ارادته على الناس. لقد كان رسولاً يدعو لدين جديد… وقد وصفه القرآن بقوله “انما انت مذَّكر لست عليهم بمسيطر”. فهو كان بين أصحابه زعيماً متسامحاً يشاورهم في الامر ويصغي لمختلف آرائهم. وكثيراً ما يعصونه في امر من الأمور فيسكت عنهم ويستغفر الله لهم]
* ويستمر الوردي في هذا الطرح ليصل ليقول في ص191 من نفس الكتاب: [اننا نظلم محمد حين نتخيله قادرا على فرض ارادته على الناس رغم مشيئتهم لقد كان محمد داعياً ولم يكن دكتاتوراً…إن حديث “الخميس” على أي حال له مغزى اجتماعي كبير. ففيه نرى النبي يريد ان يكتب لامته وصية تدرأ عنهم الاختلاف من بعده ثم يعدل عن ذلك وربما كان عدوله هذا ناشئ عن كونه رأى الاختلاف قد وقع فعلاً بين الصحابة قبل كتابة الوصية فلا فائدة ترجى اذن من كتابتها.
يقول ابن ابي الحديد ان عمر تحدث الى ابن عباس حول حادث “الخميس” فقال: “لقد أراد رسول الله في مرضه ان يصرح باسم علي فمنعت من ذلك حيطة على الاسلام “
* ثم يكتب الوردي: ان هذا الخبر لا نستطيع ان نتأكد من صحته…لكن الوردي بعد خمسة أسطر فقط أي بنفس الصفحة يقول التالي: [والظاهر ان عمر منع النبي من كتابة والوصية حرصاً على المسلمين وقد اثبتت وقائع التاريخ ان عمر كان مصيباً في رأيه هذا] انتهى
* ثم كتب في ص192 من نفس الكتاب: [يروى الراغب الاصفهاني ان عمر قال لابن عباس ذات مرة: “اما والله يا بني عبد المطلب لقد كان علي فيكم أولى مني و من ابي بكر و لكن خشينا ان لا تجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها” ثم يكمل الوردي: و هذه رواية أخرى قد تصح او لا تصح و لكنها مع ذلك لا تُستبعد فقد وجدنا عمر اثناء خلافته من احرص الناس على مصلحة المسلمين و كثيرا ما كان يخالف امرا صريحا جاء به القران او قال به النبي اجتهادا منه في سبيل الصالح العام] انتهى.
* كتب الراحل الوردي في ص117 وعاظ السلاطين التالي: [أشرنا في فصل سابق ان أصحاب النبي كانوا بشرا مثل غيرهم من الناس تحدو بهم مصالحهم وتؤثر في سلوكهم العقد النفسية والقيم الاجتماعية فهم لم يكونوا ملائكة معصومين من الذنوب] انتهى
*وفي ص131وعاظ: [قلنا في اول الفصل ان الانسان لا تتغير عاداته وطبائعه فجأة بمجرد دخوله في دين جديد. وهو ان استطاع ان يغيَّر شيء من سلوكه الظاهر فهو لا يقدر على تغيير عقله الباطن إلا قليلاً.] انتهى
* ص118 وعاظ السلاطين كتب: [أن من أفظع الاخطاء التي يقترفها المؤرخون هو انهم يتصورون المسلمين الاولين انقلبوا اخيارا بعد ان كانوا اشرارا فجأة واحدة. انهم اغفلوا بهذا مفهوم الشخصية البشرية فليس من المعقول ان ينقي الانسان قلبه فجأة من العقد النفسية والقيم الاجتماعية ويصبح ملاكا طاهرا بمجرد قوله لا إله الا الله وقال النبي محمد “والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام”] انتهى
* في ص322 كتب الوردي:[حمل العرب السيف في سبيل الإسلام و هم يريدون منه الغنمة طبعاً….الخ] انتهى
*((ص318 مهزلة: [لقد وحد محمد العرب ووجههم نحو الفتح والفتح لابد ان يؤدي الى ظهور طبقة مترفة تنعم بما تدر عليها الغنائم من ملذات وذلك تطور اجتماعي محتوم لا مناص منه وهنا قد يسال سائل فيقول: إذا كان محمد يدري ما سوف يجر الفتح على امته من ترف وجور فلماذا امر به وحرض عليه؟] انتهى
*واعادها بصيغة أخرى في ص22 وعاظ السلاطين: [ولا يخفى ان الطبيعة البدوية تناقض روح الإسلام ذلك ان الإسلام يدعو الى التواضع واللطف والتقوى والعدل والمساواة بين الناس والبدوي لا يستطيع ان يكون مسلما حقيقيا الا في بعض الأحيان وذلك حين يكون المجتمع الإسلامي في حرب مع اعدائه والإسلام كان في عهد النبي وأبو بكر وعمر منهمكا في قتال الروم والفرس. وقد انشغل البدو بهذا القتال انشغالا جعل الطبيعتين المتناقضتين تستهدف غاية واحدة هي النصر على اعدائهم وأعداء الله] انتهى
الى اللقاء في التالي لطفاً
عبد الرضا حمد جاسم